السؤال
أرجو من فضلكم إخواني الكرام الرد على استفساري، أنا امرأة متزوجة من حوالي 6 أشهر، مكثت مع زوجي مدة 14 يوما لأنه يقيم في دولة أجنبية، وعدني بأشياء كثيرة ولم يف بها، لم يوفر لي حتى سكنا، فعدت لمنزل أهلي ولم ينفق علي كونه لا يعمل، اعتدت على الأمر لكن تعبت نفسيا وماديا، أهلي أناس فقراء، أنا أعمل بأجر زهيد جدا لكن -الحمد لله- المشكلة ليست هنا فقط، بل في زوجي! هل أصبر وقد تحملت الكثير؟ أراه لا يكترث لأي شيء حتى والدته أهملها.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nawal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يصلح حال زوجك، وأن يجمع بينك وبينه على خير، وأن يعوضك خيرا، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك من أنك تزوجت من حوالي ستة أشهر ومكثت مع زوجك أربعة عشر يوما لأنه يقيم في دولة خارجية ووعدك بأشياء كثيرة لم يوف بها، وعدك أن يوفر لك مسكنا ولكنه لم يوفر لك شيئا، حتى عدت إلى أهلك، ولا ينفق عليك نظرا لأنه لا يعمل، واعتدت على هذا الأمر، ولكنك أصابك نوع من التعب النفسي والبدني والمادي، نظرا لأن أهلك فقراء وتعملين بأجر زهيد جدا، المشكلة أن زوجك رجل لا يكترث لأي شيء كما ذكرت، وكأنه لا يشعر بأي مسئولية تجاه أي أحد، وهذا الذي يزعجك، بمعنى أنه من الممكن أن يظل إلى فترة طويلة على هذا الحال ولا يعبأ ولا يهتم لا بك ولا بغيرك، إذا كان لا يهتم بأمه فمن الممكن أن لا يهتم بك، وهذا كلام فعلا فيه شيء من المصداقية، وقد يكون حقا فعلا.
أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إن هذا الذي تنزعجين منه أمر جدير بأن ينزعج منه الإنسان فعلا، لماذا؟ لأنه ليس الأمر خاصا بك أنت نقول أنك زوجة جديدة ومن الممكن أن يكون الرجل لم يتعود على الارتباط بأي مسئولية تجاهك لأنه مكث معك فقط أربعة عشر يوما، ولكن المشكلة فعلا حتى والدته أهملها، معنى ذلك أن هذه سمة من سماته الشخصية، وهذا الذي حقيقة يجعلني منزعج إلى حد كبير، وأسأل لماذا لم تفكري قبل الارتباط به في واقعه؟ ولماذا لم تحاولي أنت وأسرتك دراسة واقعه دراسة متأنية لمعرفة هل هذا هو الشخص المناسب أم لا؟ لأننا أحيانا قد نفرح بمن يطرق بابنا من الرجال خاصة عندما يكون في البيت أكثر من فتاة، أو عندما يكون السن قد تقدم ببعض الفتيات، فما أن يأتيها طارق إلا وترحب به وتبدأ المراسم الأفراح والسعادة دون الشعور أو النظر في عواقب الأمور، وهذا هو الذي ندفع ثمنه فادحا كما حدث معك أنت الآن.
فهذه حقيقة غلطة وخطأ أعتقد أنكم وقعتكم فيه؛ لأن مسألة اللامبالاة وعدم الاكتراث والإهمال مسألة ليست سهلة؛ لأنه سيشعر بأن كل شيء عاديا، ولذلك حتى وإن حدث لك ما حدث لن تجدي فيه إلى حد ما النصرة والعون والتأييد والوقفة التي ينبغي أن تكون.
أما فيما يتعلق بمسألة أن زوجك لا يعمل، فقد يكون فعلا هناك ظروف؛ لأن بعض الناس يأتون إلى دول الخليج للعمل مثلا وقد يأتي بفيزة كما يقولون فيزة حرة، وهذه الفيزة ليس لصاحبها عمل، ولذلك يأتي يبحث عن عمل وقد لا يجد عملا في فترة قريبة، المهم إذا كان لديه مهنة أو لديه حرفة أو إذا كان إنسانا عنده قدرة على أن يتحمل المسئولية وعلاقته طيبة مع الله سبحانه وتعالى فأنا واثق أن الله تبارك وتعالى سوف ييسر له الأمر، والمسألة قد تكون مسألة وقت فقط.
كثير من الإخوة يأتون إلى هنا إلى هذه البلاد مصر على سبيل المثال إلى دولة قطر ويبدءون فعلا حياتهم بمشقة؛ لأنه يبدأ بلا عمل، ليس لديه عمل معين، ولكن يبدأ يبحث عن عمل فيمن الله تبارك وتعالى عليه حقيقة بأشياء طيبة لم تكن في باله، وقد ييسر الله تبارك وتعالى له ويفتح الله تبارك وتعالى عليه، وتتحسن أحواله إذا كان رجلا جادا وليس متقاعسا أو متكاسلا أو متقاعدا.
أيضا هذا يحتاج منك إلى نوع من التشجيع ونوع من التواصل معه حتى لا يتكاسل أكثر وحتى لا يتوانى أيضا ولا ينام في هذه البلاد التي هو فيها بحجة أنه غير مهتم، وأن أمورك تمشي، وأنك مع أهلك، وأن أهلك يستطيعون أن يقوموا بك، هذا الكلام كله أعتقد إن شاء الله إذا حاولت قدر الاستطاعة أن تشعريه بظروفك الصعبة التي تعيشينها، خاصة وأنكما لم تمكثا مع بعضكم البعض أكثر من أربعة عشر يوما، فهي فترة بسيطة.
فأنا أوصيك بالصبر والتواصل معه قدر الاستطاعة، والاجتهاد بتذكيره وإعطائه الرسائل الإيجابية، وأن تقولي له بأني أنتظرك وبأني في شوق إليك، هذا الكلام الطيب حقيقة يترك أثره على نفسية الإنسان، وكم من كلمات قالتها امرأة لزوجها كانت سببا في تغيير حياته إلى حد بعيد.
فاجتهدي في التواصل معه، واصبري الصبر الجميل، وتحملي؛ لأن هذه مسائل أصبحت العودة فيها صعبة جدا، والرجوع عنها أصبح مكلفا للغاية، فمن الذي سيقبل الآن امرأة أصبحت ثيبا وتزوجت ومكثت فترة مع زوجها والناس سيقولون كلاما كثيرا، فأنا أريد أن لا تفكري مطلقا في مسألة الفراق أو الطلاق، وإنما ركزي تركيزا كليا على الصبر الجميل، وأن الله تبارك وتعالى يتكرم عليك بإصلاح حال زوجك، وأن الله تبارك وتعالى يمن عليه بعمل طيب، وأن الله تبارك وتعالى يهديه صراطه المستقيم، وأن الله تبارك وتعالى يعينه على التخلص من هذا الإهمال خاصة إهماله لأمه كما أشرت، فإن هذا أمر عظيم وفي غاية المشقة؛ لأن إهمال الأم معناه إهمال كل شيء بعد ذلك؛ لأن الأم تقدم كما تعلمين عند القاصي والداني.
فعليك بالصبر بارك الله فيك، وعليك بالتواصل معه المستمر، وحثه على البحث عن عمل والاجتهاد، وعليك بحثه على طاعة الله سبحانه وتعالى، وأن يحافظ على مرضاة الله عز وجل، وأن يحافظ على الصلاة، وأن يحافظ على الالتزام في حياته، حتى يمن الله تبارك وتعالى عليه برزق واسع موفور.
وأسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك وأن يثبتك وأن يسددك، وأن يأخذ بناصيتك إلى الحق، وأن يرزقك ويرزق زوجك ويوسع عليكم من بركاته وفضله.