السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي هي أكبر هم لي في ابنتي التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات، منذ أن كانت بعمر شهر لا تتقبل أحدا أبدا سواي وأبيها وجدتها، وكنت كلما آخذها إلى بيت أهلي الذي أزوره باستمرار تأخذ في البكاء والصراخ بقوة، لدرجة أني أخاف عليها من الإغماء، وهذه المشكلة استمرت معها، حتى كنت لا أستطيع أن أصلي إلا وهي بأحضاني، أدخل إلى أي مكان وهي معي.
الآن عمرها 3 سنوات، ولكنها لازالت على حالتها، وترفض الذهاب إلى المدرسة، فكل صباح دائما ما يسمع أهل البيت صراخها، ولا تريدني أن أذهب عنها للدوام، وتبكي دائما في البيت لأتفه الأسباب، وهي عنيدة جدا، تبحث عن أي شيء لتبكي من أجله، إذا ذهبنا إلى رحلة دائما ما أسميها رحلة عذاب؛ لأنها تبكي طول رحلتنا دون توقف، ولا ترى شيئا إلا تريده، وإن لم نستجب لها تبدأ في صراخها.
أختها أصغر منها - ولله الحمد - فرق شاسع بينهما، فالصغرى التي عمرها سنتان هادئة الطباع، وتسمع الكلام، استخدمت أسلوب الإقناع والهدايا كتحفيز لها ولم يفدها، بدأت في ضربها من كثرة عنادها وبأنها لا تقتنع بأي شيء أقوله لها، واكتشفت أن الضرب لا ينفع معها أبدا، بل إنها قامت باستخدام نفس أسلوبي مع أختها الصغرى، مهما كتبت عن معاناتي معها ومع بكائها وعنادها المفرط لن تشعروا بمعاناتي معها!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم المزن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن العناد لدى الأطفال ظاهرة مكتسبة، أي أن الطفل ربما يكون قد هيأت له ظروف معينة، أو اكتسب خبرات، أو كان في وضع معين من حيث المعاملة، ثم بعد ذلك ابتدأ يفتقد هذه المكتسبات، حينها يبدأ الطفل في البكاء والعويل والصراخ، وإشعار الآخرين بعدم الأمان، وهذا نوع من الاحتجاج التلقائي من جانب الأطفال.
أنا أحسب أن هذه الطفلة ذات ذكاء طبيعي، كما أنها لا تعاني من فرط الحركة، ذكرت ذلك لأن زيادة فرط الحركة أو انخفاض الذكاء قد يجعل الطفل يسلك مثل هذه السلوكيات، ولكننا نشاهدها أيضا في الأطفال العاديين والطبيعيين، وهذه الطفلة تحس بالأمان، بأمان البيت، أن تكون مع أبيها أو جدتها، وهذه ظاهرة معروفة لدينا في الطب النفسي.
أنا أعتقد أن التجاهل سوف يكون هو الأسلوب الأفضل، فدعيها تصرخ، ودعيها تبكي، تجاهليها تماما، أعرف أن ذلك قد يكون قاسيا على قلبك، ولكن العلاج يكون بالتجاهل ومن ثم يعقبه التحفيز، أما الضرب فيمنع منعا باتا لأنه يزيد من عناد الطفل ويضعف الطفل ويرعبه، ويفقده الأمان، ومعظم الأطفال الذين يعاندون هم في الأصل مفتقدون للأمان.
شيء آخر أنصحك به هو أن تنزلي إلى مستوى طفولي وتلاعبي ابنتك، هذا أمر طيب، احضري لها دمية أو أي نوع من الألعاب، ثم كوني أنت شريكة لها في هذه اللعبة، حين تضعين نفسك في هذا الموضع الدرامي هذا يعود بفائدة كبيرة جدا على الطفلة.
ثالثا: أفضل أن تعطى لها الفرصة للاختلاط مع الأطفال الآخرين، هذا مهم جدا، سوف تحتج وتستنكر، ولكن تجاهلي استنكارها واجعليها تمتزج مع الأطفال الآخرين.
الطفل الذي لا يريد أن يذهب إلى المدرسة أو الروضة، يكون ذلك ناتجا مما نسميه بقلق الفراق، الطفل يستمرأ أمان المنزل، خاصة إذا علمه الوالدان كثرة الالتصاق بهما، ولكن هذا يعالج من خلال شيء من التحفيز والتجاهل وإعطائها الفرصة لتتمازج مع الأطفال الآخرين، هذا هو الذي أنصحك به، وهذه الأمور كثيرا ما تكون عابرة.
هنالك كتاب جيد جدا للأخ الدكتور (مأمون مبيض) الكتاب اسمه (أولادنا من الطفولة إلى الشباب) أرجو الحصول عليه؛ لأن فيه الكثير من الإرشادات التربوية المفيدة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.