الذئاب البشرية

0 496

السؤال

السلام عليكم.

كنت على علاقة مع أحد الشباب لمدة سنتين وسبعة أشهر، كنت أكن له كل الحب، ولأنني أحببته فقد أعطيته ما يريده كل رجل، وهذه كانت غلطتي، فلقد تمادى وصار يطلبه كل مرة ألتقي به!

حاول مرتين أن يغتصبني لكني هربت منه، وبعد هروبي الأخير منه رفضت الخروج معه، وطلبت منه أن يتقدم لخطبتي إذا كان يحبني، لكنه رفض ولم يرد على مكالماتي، بعدها أرسل لي رسالة: من أنت؟

بكيت بكل حرقة؛ إذ كيف يعاملني هكذا بعد أن كان يعاملني كالأميرة، كرهت الرجال وأتمنى موتهم جميعا، وأصبحت لا أثق بأي رجل مهما كان صادقا معي، وكيف أثق بهم وقد شربت كأس الحقارة من واحد منهم!؟

لم يعرف أحد بقصتي فأنجدوني؛ لأنني تعبت نفسيا، فأنا كل يوم أبكي على ما فعلته بنفسي وبأهلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ تائبة إلى الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبا بك أيتها الإبنة الكريمة في استشارات إسلام ويب بين آبائك وإخوانك، ونسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يغفر لك ما مضى.

ما توصلت إليه أيتها الإبنة الكريمة من معرفتك لأخلاق هذا النوع من الرجال هو الحقيقة التي كان ينبغي أن تتنبهي لها قبل أن تسلكي ما سلكت، ولكن بعد أن كان ما كان نحن ننصحك الآن بالإقبال على مستقبلك، والحرص على ما ينفعك، وأن لا تجعلي ما كان سببا لتحطيمك ولتدمير مستقبلك فيما يأتي من زمان.

لا شك أيتها البنت العزيزة أن هذا النوع من الرجال الذين تعرفت على واحد منهم لا شك بأنهم ذئاب بشرية لا ضمير ينبههم ولا دين كامل يردعهم عن الوقوع في أعراض الناس، وغاية الواحد منهم أن ينال حاجته وإربه من الفتاة، ثم يرمي بها بعد ذلك في بحار الأحزان تعاني الويلات وتتجرع المرارات وحدها منفردة، وتندم لكن حين لا ينفع الندم.

هذه الشريحة من الرجال هم كما يوصفون بأنهم الذئاب البشرية، فأخلاقهم أخلاق الذئاب، هم الواحد منهم أن يقضي شهوته، ويزداد الأمر سوءا حين يجدون فتاة ساذجة مغفلة غير عارفة بالواقع وبالناس متناسية لدينها، ولكننا مع هذا أيتها الأخت نقول لك: الحمد لله الذي أوصلك إلى معرفة حقائق الأمور كما هي، وأنجاك من الاستمرار في حبائل الشيطان وفي حبائل هذا الرجل الخبيث وأنقذك من ذلك، فوصيتنا لك أن تقدري هذه النعمة، وأن تتوجهي إلى الله سبحانه وتعالى وتصححي من حالك، وعليك باتباع الأمور التالية:

الأول: أن تتوبي إلى الله سبحانه وتعالى توبة صادقة، فتندمي على ما كان، فإنك فيما فعلت قد عصيت الله تعالى، وعليك أن تتذكري هذه الحقيقة، وهي أن ما وقعت فيه مخالفة لأمر الله، ثم هو جناية على نفسك وجناية على أهلك، ولكن من فضل الله سبحانه تعالى أن ستر عليك ولم يفضحك، وهذه نعمة أخرى تستوجب الشكر، فأكثري من شكر الله تعالى على ستره.

الأمر الثاني: ننصحك بأن تشغلي نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، وأن تقطعي كل الأسباب والوسائل التي قد تجر بك إلى الإساءة ثانية، فاحذري من عدم الالتزام بحجابك، أو الخلوة برجل أجنبي، أو الحديث مع رجل أجنبي في غير حاجة وبغير التزام بالضوابط الشرعية، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض))[الأحزاب:32] وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم المرأة من الخلوة بالرجل الأجنبي، وأمرنا الله تعالى بغض البصر فقال: ((وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن ...))[النور:31] إلى آخر الآية. كل هذه آداب وتعاليم شرعها الله سبحانه وتعالى وكلف بها الفتاة المسلمة لحفظها وصيانتها؛ حتى لا يبتذلها الخبثاء من أمثال هذا الرجل، وكان جدير بك أن تمتثلي هذه التعاليم وهذه الآداب قبل أن يكون ما كان، ولكن الآن ينبغي أن تنظري إلى المستقبل، وتحاولي إصلاح ما مضى من زمانك، وكوني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى معك، وأنه سيسوق لك الخير كله إذا علم منك صدق التوبة.

الأمر الثالث: ننصحك أيتها الكريمة بأن تتعرفي على النساء الصالحات وتشتركي معهن في النشاطات النسائية الدعوية في حفظ القرآن الكريم وحضور حلق العلم والذكر، ومن خلال هؤلاء النساء سيسوق الله عز وجل إليك -إن شاء الله- الرجل الصالح الذي همه أن يبني أسرة، وأن يطلبك من أهلك، ويعرف لك قدرك، وما أكثر هذا النوع من الرجال، فليس صحيحا أن تفقدي ثقتك بالرجال كلهم، فالرجال ليسوا سواء، وهذا الصنف الذي تعرفت عليه ليس ممن يريدون إنشاء الأسرة، ولا يرغبون في الزواج، ولا يريدون تحمل مسئوليات، فقط هم الواحد منهم أن يقضي شهوته الآنية، وأن يتدرج في استدراج فريسته بأنواع من الكلام المعسول الذي لا تسمعه الفتاة من غيره، فيوافق قلبا خاليا فيتمكن من قلبها حتى يوقعها في شباكه، وإذ قد أنجاك الله عز وجل من هذا الصنف، فكوني على ثقة بأن هناك صنفا آخر من الرجال الشرفاء الأسوياء الذين هم الواحد منهم أن يظفر بالمرأة الصالحة المتدينة التي تكون ربة لبيته وأما لأولاده وسكنا لفؤاده، فيحفظها بحفظ الله تعالى الذي أمره به، وهذا النوع من الأزواج ستجدينه بإذن الله تعالى إذا تعرفت على النساء الصالحات، فننصحك بملازمتهن والاشتغال بما ينفعك في دينك ودنياك، والإقبال على الله تعالى بصدق واضطرار، وسؤاله باضطرار أن يرزقك الزوج الصالح.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات