تحقيق المرء للنجاح في العمل، كيف ذلك؟

0 333

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أزهرية، تخرجت من جامعة اللغة العربية بتقدير جيد منذ أربع سنوات، وأعيش الآن في بلد غير عربية، وقد شاء الله أن أعمل في مدرسة عربية أربع سنوات، انتهت بفصلي من العمل لعدم خبرتي الكافية، وعدم تحدثي باللغة العربية الجيدة، وقد كنت في هذه السنوات عندي أمل، وأحاول أن أجتهد في التحدث، ولكني أدركت أنني لا أستطيع، وعند ما كنت أقدم في أي مدرسة كانوا يقومون بتوبيخي، كيف تخرجت من جامعة اللغة العربية ولا تستطيعين التحدث بغير اللغة العربية الفصحى؟

لكنني أتذكر أني عندما كنت في الجامعة كان القليل من الأساتذة من يتحدث باللغة العربية الفصحى، حتى نحن الطلاب كنا دائما نتحدث بالعامية، حيث لا يوجد تعود عليها، وأنا عندما كنت أعمل كنت أحاول وأجتهد حتى يأس صاحب العمل مني، فانتهى الأمر بفصلي، أما زميلاتي في العمل كمعلمة التاريخ والرياضيات وغيرهن كان لا يلومهن، وكان يقول: إنهن غير متخصصات في اللغة العربية، فاستمرين في العمل، فأحسست بإحباط شديد، وندمت على تخصصي أشد الندم.

المهم الآن أنه لا يوجد لدي فرصة للعمل؛ لأني غير جديرة بشهادتي، ولكن في ظل هذه الأزمة شاء الله العلي القدير أن يتم قبولي لعمل الماجستير في إحدى الجامعات، والتي كنت قد أرسلت إليها أوراقي منذ فترة بعيدة، ولكن اليأس والإحباط ملكني جدا، وأريد أن أعتذر عن الدراسة وإكمال دراساتي.

ماذا فعلت بالليسانس والشهادة الجامعية؟ فشلت فيها فشلا ذريعا، وقد وجدت الجميع في كل مكان يقومون بتوبيخي لعدم تحدثي باللغة العربية الفصحى، ولن يضيف الماجستير لي أي شيء آخر سوى شهادة يقوم الناس بتوبيخي عليها؛ لأني غير جديرة بها، فإذا كان العيب في أو كنت غير قادرة أو عاجزة عن التحدث باللغة الفصحى، فهل أعتذر وانتهى الأمر؟

أنا الآن في حيرة من أمري، فهل أعتذر عن إكمال دراساتي أو أستمر فيها؟ -وإن شاء الله- سوف يكون النجاح من حليفي، ولكنها سوف تكون شهادة فقط، مع العلم أنه يوجد الكثير من الذين يتمنون هذه الفرصة وهي قبولهم للماجستير، وللعلم أنا فتاة متفوقة دراسيا دائما، ولكن عمليا فاشلة، فماذا أفعل؟

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا ننصحك بعدم تفويت فرصة الدراسة للماجستير، مع الاستمرار في محاولاتك لممارسة اللغة وتطبيقها في التحدث بها، وهذا الأمر ليس فيه صعوبات، فجددي العزم وتوكلي على الله، وردي على المثبطين بالتفوق والتقدم في هذا المجال الهام، وفي هذه اللغة العظيمة لغة القرآن، وتذكري أن الإنسان لا يندم على طلبه للعلم، ولكنه يندم على كسله وتقاعسه.

ولا يخفى عليك أن مسألة العمل مسألة أرزاق، فهناك من لا يعرف حرفا واحدا وهو يعمل ورزقه واسع، وفشلك في مجال معين لا يعني الفشل في كافة المجالات.

والعلم ما ضاع في زماننا إلا لما ربطناه بالعمل، ومع ذلك فإننا نتفق على أن زيادة العلم والاهتمام بالتخصص يوسع الفرص للعمل والفائدة والخير، واعلمي أن نعم الله مقسمة، فهذه تجد وظيفة ولكنها لا تجد زوجا، وأخرى تجد زوجا وتحرم المال، وثالثة تجد الزوج والمال وتحرم العافية، والسعيدة هي التي تتعرف على النعم التي تنغمس فيها لتؤدي شكرها، وبشكرها تنال المزيد كما قال ربنا المجيد: (لئن شكرتم لأزيدنكم)، [إبراهيم:7]، فالشكر هو الحافظ للنعم والجالب للمزيد.

ونحن نوصيك ألا تلتفتي للوم الناس وعتابهم، واعلمي أن رضاهم غاية لا تدرك، وأن الفاضلة العاقلة تطلب رضوان الله، وإذا رضي الله عن عبده أو أمته صرف قلوب الناس إليهم.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحك بالاجتهاد وفعل الأسباب، ثم التوكل على الكريم الوهاب، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يوقفك لما يحبه ويرضاه.

وبالله التوافيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات