المنهج السليم في التعامل مع الأبناء

0 603

السؤال

السلام عليكم، وبعد:

أود من فضيلتكم شرحا بالتفصيل عن طريقة التعامل مع الناس، وخاصة الأطفال ومنذ نعومة أظفارهم، في ظل الحديث الذي يرويه أنس بن مالك -رضي الله عنه-، حيث خدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، ولم يقل له: أف قط، ولا قال له لشيء فعله: لم فعلته، ولا لشيء لم يفعله: لم لم تفعله.

لقد احترت في هذا الأمر كثيرا، وخاصة في تربية ابني وعمره ثلاث سنوات، فما المطلوب منا إذن قوله إذا أخطأ أو أفسد شيئا ما أو كسره؟

الذي أفهمه من الحديث السالف الذكر أن النبي -صلى الله عليه- وسلم كان يكتفي بإرشاد الناس إلى ما يجب فعله، كأن يقول على سبيل المثال: كل بيمينك وكل مما يليك، ولم يقل: لا تأكل إلا مما يليك.

أرجو من فضيلتكم أن تعطوني تفاصيل كافية، عسى أن يتضح لنا النهج السليم في التعامل مع أبنائنا خاصة، والناس عامة.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحديث الشريف المذكور يدل على أن المربي الناجح لا يحتاج إلى الضرب ولا التوبيخ، ولا حتى مجرد التأفف؛ لأن المربي الناجح محبوب، والمربي المحبوب يربي بالنظرة، ويربي بالنبرة، ويربي قبل ذلك بالحب، وهكذا كان رسول الرحمة والهداية والرفق، الذي ربى صغار الصحابة وكبارهم، وخرج جيلا كان أطوع له من بنانه، وكسر الخمور وأراقها، ولكن بأيدي شاربيها، وحطم الأصنام وهدمها ولكن بأيدي عابديها، ووجه القلوب إلى الله باريها، وتخرج على يديه الحفاة العراة، الجفاة رعاء الشاة، من أصبحوا رعاة البشرية وسادتها.

والمسلم يجعل كبير الناس أبا، وصغيرهم ابنا، والذي في سنه أخا، فيوقر الكبير ويرحم الصغير، ويحترم الأخ والزميل.

أما كلام أنس في الحديث المذكور، ففيه دلائل لطف النبي -صلى الله عليه وسلم- وعطفه ورحمته -صلى الله عليه وسلم-، ورغم أن أنسا كان طفلا، والخطأ والتأخير فيه متوقع وحاصل، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا بحاجة الطفل إلى اللعب والتقصير، ونجد جوانب العظمة أكثر عندما يلومه بعض أهله - يعني إحدى زوجاته -صلى الله عليه وسلم- يتدخل الحبيب -صلى الله عليه وسلم- لحماية أنس فيقول:
(دعوه لو قدر لكان) وهذه العبارة وحدها منهج تربوي عظيم؛ لأن فيها حماية للطفل من اللوم والتوبيخ، وهو بالتالي حماية له من الفشل والإحباط.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما ضرب بيده امرأة ولا طفلا ولا خادما، مع ذلك فقد ربى أعظم أمة، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- كان أحسن الناس تعليما، وكان يحتضن الصغار ويحملهم ويلاعبهم ويلاطفهم ويعلمهم، وكانوا يلتفون حوله، بل ويجعلونه هدفا لسباقهم، وكان يخصهم بعنايته ولطفه، فما أحوجنا إلى معرفة منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في تربية أصحابه.

وأرجو أن تتابعوا تفاصل هذا المنهج في قناة طيبة الفضائية، وفي قناة الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع الإكثار من قراءة الكتب المؤلفة في التربية الإسلامية.

ومرحبا بك في موقعك بين آباء وإخوان يسعدهم أن يسمعوا عنكم كل خير، وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحكم بتربية أنفسكم على هذا الدين، فإن أعين أطفالنا معقودة بأعيننا، فالحسن عندهم ما استحسناه، والقبيح عندهم ما استقبحناه.

ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.

مواد ذات صلة

الاستشارات