وصايا وإرشادات لمتزوج يعاني إهمال زوجته له ولبيته

0 694

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا إنسان -والحمد لله- ميسور الحال، رزقني الله سبحانه وتعالى علما ومالا وعملا، والفضل له سبحانه، ناجح في عملي، وأعتمد في نجاحي ومالي وزواجي على نفسي، ودون مساعدة من أحد سوى الله سبحانه وتعالى.

زوجتي هي مشكلتي وابتلائي الوحيد، رغم أنها متوسطة الدين إلا أنها توجد فيها كل مقومات الزوجة الفاشلة! لي منها ثلاثة أطفال، بين كل واحد والآخر سنة واحدة فقط، ومنذ تعرفي عليها وخطبتي لها تعاملني معاملة سيئة جدا، تعيرني في نفسي وأهلي، وكنت أصبر وأصبر استحياء من أهلها الذين فيهم كل صفات العائلة الكريمة.

دخلنا البيت الواحد وكانت تحدث مشاكل، وفي البداية أتنازل كي لا تكبر المشكلة، ولا يسمع الجيران صوتها، وهذه المشاكل أغلبها أنها تريد فقط ما يعجبها، هي تريدني خاتما بيدها، توجهني مثل ما تشاء، تريد السيطرة على كل شيء، مالي ونفسي، حتى إنها حاولت كثيرا أن تبعدني عن أهلي، وحدث بعض البرود في علاقتي بهم لولا هداية الله سبحانه، ثم عودتي إليهم.

الآن بعد مرور أربع سنوات تغيرت طباعي كثيرا، وأصبحت عصبيا جدا، حتى إني أتناول المهدئات، ولا مجال للطلاق الآن؛ لأني متأكد من أنها لن تستطيع رعاية أولادي، فهي مهملة في بيتها، ولا يهمها منظر أطفالها، وغير مرتبة، ولا تهتم مطلقا بالنظافة، حتى العلاقة الزوجية فأنا لا أستطيع الاقتراب منها، أصبحت أرفض كل طلباتها، لأني تعودت على أن كل طلباتها خطأ.

خسرتني الكثير من المال، أهلها كل شيء بالنسبة لها، أما أنا فشيء هامشي، وربما أكون عبئا عليها، وهذا ما أشعر به، وأقسم بالله ومنذ بداية التعرف عليها لا أعرف كم راتبها، ولا أرى راتبها مطلقا، وأشياءها الخاصة مثل سيارتها، وحاسبتها محرم علي استعمالها، حتى يوم استعملت حاسبتها كون حاسبتي الخاصة عاطلة هاجت علي واستمرت بالنياح إلى أن أقسمت بالطلاق ثلاث مرات لو لمست حاسبتها، أما بالنسبة لأخيها أو أهلها فهذه الأمور مباحة حتى لو أحرقوها، فهي فداء لهم، علما أني -والفضل لله- لست بحاجة لأي مادة منها، كوني أملك بدل الشيء اثنين.

لكني أشعر معها بحياة يائسة، والله! ليس فيها متعة، ولولا الأطفال لطلقتها ثلاثا وبلا رجعة ولا ندم، ومؤخرا توفي والدها، وقد مضى الآن شهران على وفاته، زادت من إهمالها لبيتها ولي، ولا أستطيع أن أفسر حالها سوى بأنها غريبة عني.

مرات أسمعها تدعو لأهلها بالخير، وأتمنى لو يوما سمعتها تدعو لي عسى الله أن يوفقني، ولكن لا حياة لزواج ميت، وأتمنى لو يوما تقول لي: بارك الله في عملك، على العكس من ذلك هي تعيرني في عملي، رغم أن عملي كان السبب في حالتها المادية الميسورة.

أرجوكم أرشدوني إلى الحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أرام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات (إسلام ويب)، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجتك، ويقر بها عينك.

نحن نشكر لك أيها الحبيب أولا ونكبر فيك حرصك على الحفاظ على أسرتك، وإدراكك للآثار السيئة على فراق الزوجة، وتشتت الأبناء، وما سيحدثه فراق أمهم عليهم من آثار سيئة كثيرة.

كما نشكر لك أيها الحبيب صبرك على زوجتك أيضا، وعدم مقابلة إساءتها بالإساءة، وأنت مأجور بإذن الله تعالى على ذلك كله، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

لا شك أيها الحبيب أن ما ذكرته عن زوجتك إساءة منها وتقصير فيما عليها، ولكن هذه الحالة التي تعيشها الزوجة يمكن معالجتها -إن شاء الله تعالى- بيسر وسهولة ببذل الأسباب الممكنة من جانبك، ولعلك -إن شاء الله- تصل إلى ثمار طيبة.

نحن ندرك أيها الحبيب مدى الضيق الذي تشعر به أنت من معاملة زوجتك، ولكن هناك جوانب ينبغي أن تستحضرها أنت، فإنها تخفف عليك وقع هذه المصيبة التي سميتها أنت مصيبة، ونحن ندرك أن هناك جوانب كثيرة في هذه الزوجة لو تأملتها جيدا فإنك ستجد فيها ما يخفف عنك هذه المعاناة التي تجدها.

قد ذكرت أيها الحبيب أنها على قدر من التدين، وهذا عامل مساعد؛ فإن دين الإنسان يبعثه دائما على إحسان خلقه وإحسان تصرفه مع الآخرين، حينما يجد نوعا من التوجيه والتذكير، ولهذا نحن سنضع بين يديك أيها الحبيب جملة من الوصايا نتمنى أن تحاول بقدر استطاعتك العمل بها وتفعيلها، وننتظر -إن شاء الله تعالى- بعد أن تبذل ما استطعت منها ننتظر أن نسمع منك أخبارا طيبة في المستقبل القريب.

أول هذه الوصايا أيها الحبيب فيما يخصك أنت: أن تتذكر الجوانب الإيجابية في الزوجة، فهذا أمر مهم يزيل عنك بعض البغض الذي تجده في قلبك لزوجتك، وبعض النفور الموجود في نفسك، وهذا يحتاج منك إلى مجاهدة النفس بالإنصاف، ولمعرفة ما لزوجتك من فضائل وجوانب منيرة طيبة، وهذا توجيه نبوي هام لكل زوج يعاني من أخلاق زوجته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لا يفرك مؤمن مؤمنة – أي لا يبغض مؤمن مؤمنة – إن كره منها خلقا رضي منها آخر).

هذا توجيه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو توجيه مهم يلفت فيه عليه الصلاة والسلام الأنظار إلى ضرورة التفكير في الجوانب الإيجابية، كما ننظر إلى الجوانب السلبية، فإنه إن كره منها خلقا رضي منها آخر.

حاول أن تجلس مع نفسك في وقت هدوء وبرود أعصاب، حاول أن تتذكر كل ما في زوجتك من الخصال الطيبة ولو أن تكتبها أمامك في ورقة لتظل تذكر نفسك بها، ولا شك ولا ريب أنك ستجد أشياء كثيرة ينبغي أن تحمد لهذه الزوجة، وإن كانت في نظرك بجانب مساوئها لا تساوي شيئا، لكنه جزء أكيد في علاج المشكلة؛ إذ إنه يخفف ما في القلب من نفور وبغضاء.

الوصية الثانية أيها الحبيب: أن تدرك جيدا طبيعة المرأة وأنها عوجاء بخلقتها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج الشيء في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته)، فالمرأة لا تخلو من عوج، فلابد أن تجد فيها بعض الجوانب السلبية، ولكن لابد من أن يقارن الإنسان ويوازن ما فيها من إيجابيات وما فيها من سلبيات.

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أنه إذا ذهبت تقيمه كسرته، يعني: إذا أردت أن تقوم المرأة تقويما كاملا وتصلحها إصلاحا كاملا بجميع الجوانب؛ فإن هذا لا يمكن أن يكون إلا بما يؤدي إلى فراقها وطلاقها.

الوصية الثالثة أيها الحبيب: أن تدرك أيضا أن اعتزاز المرأة بأهلها وتفاخرها بهم أمر طبيعي في المرأة، فكل النساء كذلك، كل امرأة تشعر بفخرها واعتزازها بأهلها وأسرتها، وهذا أمر طبيعي، صحيح أن المرأة لا ينبغي لها أبدا أن تظهر هذا أمام زوجها وأن تترفع على زوجها بسبب هذا، لكن ينبغي لك أنت أيضا أن تدرك أن هذا سلوك فطري موجود لدى المرأة، فلا تحمل في قلبك كثيرا بسبب هذا، وأنت أيضا لابد أن تتذكر افتخارك مستقبلا بمحبة ابنتك لك يوم أن تنتقل إلى بيت زوجها.

مع أنه لابد أن تتذكر أيها الحبيب بأن هذه الزوجة مهما كان بينك وبينها من الخلاف فإنها في حقيقة الأمر تشعر أيضا بالانتماء إليك والاعتزاز بك والاستظلال بظلك أكثر من شعورها بهذه المشاعر في اتجاه أهلها، وتظهر هذه المشاعر وقت الشدة والضيق، وهذا طبيعة المرأة على أي حال، ولسنا في حاجة إلى أن نقيم شواهد على ذلك، لكنك أنت قد لا ترى من زوجتك ما يدل على هذا الشعور بسبب إغفال زوجتك لإظهاره أمامك، ولكنها الحقيقة التي لابد أن تكون مدركة بالنسبة لك أنك لا تقل أهمية في قلب زوجتك من أهلها، لكنها قد تكون مفرطة فقط في إظهار هذه المشاعر أمامك، بل نحن على ثقة بأنه لو جد الجد فإن هذه المرأة ستقدمك على أهلها، وستختارك على أهلها، فلا ينبغي أن تحمل هما بسبب هذا السلوك الذي تراه من زوجتك، فإنه لا يعبر بدقة عما تكنه في قلبها.

ثم الوصية الرابعة أيها الحبيب -وهي وصية هامة للغاية-: أن تحاول بقدر الاستطاعة إدراك الأسباب وراء هذه التصرفات غير المرغوب فيها من الزوجة: إهمالها لأولادها، إهمالها للنظافة في البيت، إهمالها للكلمات (الرومانسية) معك، ونحو ذلك من الجوانب التي تعاني منها، مشاحتها لك وحرصها على أن لا تنتفع أنت بشيء من مالها.

معرفة الأسباب جزء أكيد من العلاج، وربما كانت بعض الأسباب صادرة منك أنت لكن بغير شعور منك أنها تؤدي إلى هذه النتائج، أو أن الزوجة تتصرف في ردود أفعال مقابلة لتلك التصرفات منك، فمعرفة الأسباب جزء مساعد في علاج أي مشكلة كانت، ولهذا نقول أيها الحبيب:

ينبغي لك أن تجاهد نفسك أنت فتحاول إسماع زوجتك الكلمات الجميلة، كلمات الحب، وأنها غالية عندك، ونحو ذلك من الكلمات، فكلما طرقت هذه الكلمات سمع الزوجة وجدت نفسها بحاجة أيضا أن تبادلك نفس هذه الكلمات، والإنسان مهما كان طبعه فإنه يحب من أحسن إليه، وغالبا ما يرد الإنسان الإحسان بإحسان مساو أو أكثر منه، فحاول دائما أن تسمع زوجتك الكلمات الجميلة ولو كان تكلفا منك في أول الأمر، فإن هذا سيصير بعد ذلك عادة وسلوكا.

لا تحسسها أيها الحبيب بأنك تبخل عليها، ولا أن ما لديك من مال أو نحو ذلك أغلى منها أو أحب إليك منها، فإنها تندفع بعد ذلك هي لتعاملك نفس الشعور، ولكن هذا لا يعني أبدا بأن تمكنها من ما تشاء من مالك وبذله فيما لا تحتاجه، لكن بإمكانك الاعتذار عن هذا لزوجتك ببيان جدول أولوياتك وبيان الأمور المهمة في حياتك كتأمين البيت للأبناء وتأمين المستقبل للأبناء، ونحو ذلك من الكلمات التي تشعر بها الزوجة بأنك إن حبست عنها فإنما تفعل ذلك بغرض مصلحتها هي ومصلحة أبنائها، فتشعر بأنها بحاجة إلى أن تتعاون معك وأن تقف في صفك.

حاول أن تسمع الزوجة في أوقات الهدوء بعض المواعظ أو الدروس الأسرية التي فيها بيان حقوق الزوج على الزوجة، وفيها بيان كيف تكون المرأة زوجة ناجحة، كيف تكون أما ناجحة، والمواد المسجلة -ولله الحمد- في هذه الجوانب كثيرة على موقعنا وعلى غيره من المواقع الإسلامية، فحاول أن تثقفها في هذا الجانب.

كما أن هناك كتيبات صغيرة وكبيرة كثيرة تناقش هذه القضايا، وتحاول تثقيف المرأة في حقوق زوجها عليها وتثقيفها في كيفية التعامل مع أبنائها.

حاول أن تشجع الزوجة بأسلوب محبب في قراءة هذه الكتب، كأن تقول لها مثلا: (أنا أريد أن أعد بحثا مصغرا حول القضية الفلانية، فأريدك أن تساعديني في قراءة بعض الكتب التي يمكن أن تمدني بعض المعلومات)، ونحو ذلك من الأساليب المحببة التي تدفع الزوجة إلى قراءتها دون أن تشعر بأنها هي المقصودة بهذه القراءة.

هذه وسائل أيها الحبيب طرحناها بين يديك لتخرج من هذه المشاعر التي أنت تعيشها، ونحن على ثقة بأنك إن بدأت بها فإنك بإذن الله تعالى ستجد تغيرات كثيرة في زوجتك، ومن خير ما نوصيك به أيها الحبيب أن تلجأ إلى الله سبحانه وتعالى وتدعوه بالهداية لهذه الزوجة والصلاح والاستقامة، وأن تحسن علاقتك أنت بالله سبحانه وتعالى حتى يسوق إليك الحياة الطيبة بسبب تلك الطاعات.

ثم مما ينبغي أن تتذكره أيها الحبيب أن الله عز وجل قد شرع للرجل إذا كان قادرا على تعدد الزوجات بالقدرة المالية والقدرة البدنية، وقادرا على القيام بالعدل بين الزوجتين، قد شرع الله سبحانه وتعالى أن يتزوج بأخرى، فهذا باب واسع يفتحه الله تعالى حتى لا تضيق بالإنسان حياته، فإذا وجدت أن الزوجة لا تغير فيها وأنك تزداد نفورا منها كل يوم فبإمكانك هذا الحل من أنك يمكن أن تتزوج بأخرى، فإذا لم تتعدل أيضا وبقيت على إصرارها فلك أن تتزوج بأخرى مع القيام بالعدل بين الزوجتين.

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك ويقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات