كيفية تقويم سلوك المراهق الموهوب

0 505

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي استشارة بخصوص أخي الصغير عمره (10) سنوات، عندما كان صغيرا كان مميزا جدا، كان شديد الذكاء، سريع الحفظ في عمر السنة، كان يحفظ الأرقام وأسماء الحيوانات، وبعض الآيات والأذان، وكان شديد الأدب، حسن النية، على الفطرة كما يقال، وعندما دخل المدرسة كان متفوقا متميزا، يحفظ القرآن الكريم.

في الصف الثالث بدأ أخي يتغير، فتركيزه واهتمامه بالدراسة وحفظ القرآن بدأ يقل، أصبح يعجب بالطلاب المشاغبين، ويحاول تقليدهم، ومجاراتهم، أنا وأمي دائما نوجهه بالحوار، والنقاش بالترغيب والترهيب، لكن دون جدوى.
الحال من سيئ إلى أسوء، لديه مشاكل مع الطلاب في المدرسة يوميا، يأتي وقد تعرض للضرب من زملائه، وهو دائما من يبدأ التحرش بهم، جميع المدرسين يقولون: إنه ذكي، وذو ضمير وأخلاق عالية، ولكنه مستهتر، مما أثر على مستواه الدراسي.

بصراحة لا أعلم ماذا أفعل معه؟! نكلمه وننصحه، نعاقبه بالحرمان من الأمور التي يحبها، نكافئه إذا أنجز شيئا أو تفوق لكن دون نتيجة، المشكلة الأكبر أنه أصبح لا يتأثر بشيء، ودائما يرى أننا نظلمه ولا نسمع له، ودائما يقول: أنتم لا تسمعوني، كأني غير موجود.

هل هي مراهقة مبكرة أم ماذا؟ نسيت أن أقول إن والدي رجل فاضل، له مكانة في المجتمع، ولديه علم كبير بأمور التربية، ولكن ليس له دور كبير في تربية أخي، كما لم يكن له دور كبير في تربيتنا، فهو من النوع الملول، وأنتم تعلمون أن التربية تحتاج لصبر كبير، سيوفر الاحتياجات المادية مع القليل من النصح، وأحيانا التهديد، وتنتهي الأمور على ذلك.

كما أن لدي إخوة من الشباب تخرجوا من الجامعة وهم يعملون، ولكن دورهم نفس دور والدي، وحاولت أمي أن تشركهم في الموضوع كما حاولت مع والدي من قبل، دون جدوى، وقد حاولت أنا من بعدها ولكن أيضا لا مجيب، أنا وأمي فقط المهتمون في الموضوع، فأرجو أن تساعدوني بطريقة لحل مشكلة أخي.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد أسعدني قولكم إنه ذكي لكنه مشاغب؛ لأن هذا دليل أننا لم نستوعب ما عنده من الطاقات، وهذه هي مشكلة مدارسنا ومناهجنا مع الطلاب الأذكياء؛ لأن ما يحتاج الطلاب لنصف ساعة لفهمه قد يفهمه اللبيب في عشر دقائق، وباقي الوقت إما أن نشغله أو يزعجنا ويشغلنا.

ولا يخفى عليك أن هذه السن تحتاج إلى أسلوب الحوار والإقناع، مع ضرورة أن تكون الخطة واحدة والجهات التي تقوم بالتوجيه واحدة، أو على الأقل بينهم اتفاق وتنسيق، ولست أدري هل كان هذا الطفل في صغره مقيدا بضوابط أسرية شديدة؛ لأنه في هذه الحالة يتفجر في الخارج، وفي وقت متأخر، ليعوض ما فاته من الحركة واللعب.


لا يخفى على أمثالك أهمية التنسيق بين البيت والمدرسة، مع ضرورة أن يغير الأساتذة انطباعهم عن الطفل، وحبذا لو اقترب أحد المدرسين المربين وحرص على توجيهه بعد الثناء عليه وإحسان الظن به، حتى تتاح له فرص في الرجوع إلى الصواب.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحكم بالسماع لهذا الطفل سماعا إيجابيا، مع احترام وجهة نظره ومحاورته في لطف وهدوء، وحبذا لو تواصلت معه والدته باللمسات والقبلات، حتى لا يشعر بأنه مهمل فيتعمد إلى فعل أشياء يلفت بها نظركم واهتمامكم، ونتمنى أن لا تشعروه بأن والده وإخوانه لا يقومون بدورهم، وشجعوه على احترامهم والقرب منهم، ولا شك أن إشراكهم مهم، ولكن ينبغي أن لا يكون ذلك عن طريق الشكوى من الطفل عندهم؛ لأن المسارعة برفع أمره إلى الكبار يكسر عنده حاجز الحياء، وقد يدفعه تهاونهم إلى التمادي كما أنه يتضرر من قسوتهم معه.

نسأل الله أن يصلحه ويحفظه، وبالله التوفيق والسداد.


مواد ذات صلة

الاستشارات