التعامل مع زوج لا يريد الإنجاب ويفضل الطلاق

0 541

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تزوجت من رجل في سن الخمسين سنة، وأنا عمري (37) سنة، وهو متزوج من قبل، ولديه أربعة أولاد منها، وهم كبار السن، ينفق عليها أكثر من حقها وبزيادة، لا ينقصها شيء حتى بعد زواجه مني، وأرسل إليها كل ما تريد، دون حقد أو غيرة مني أو بغض، رغم أنها لا تعلم بزواجه مني.

الآن بعد مضي مدة من الزمن يرفض الإنجاب مني، بدعوى أنه كره الأطفال ومشاكلهم! رغم أنه يتمتع بصحة جيدة وباستقرار مادي، والحمد لله استمر زواجي سنة ونصف، وقد طلب مني في البداية أن أؤجل الزواج لسنة، وبعدها سيسمح لي بالإنجاب، بعد سنة أتفاجأ أنه يريد تطليقي غيابيا، بدعوى عدم رغبته في الإنجاب، تحدثت معه كثيرا لكنه يرفض رفضا تاما.

الآن يريد تطليقي بدعوى أنه يرفض الإنجاب بشكل قطعي، ولا يريدني أن أبقى زوجته! عندما ألححت عليه في الأمر أنه لا يجوز شرعا، قال إنه عنده ظرف آخر يكون سرا بينه وبين الله، لا يحل إلا بطلاقي، أنا أرفض الطلاق بشكل كبير، وأحببت بيتي واستقراري.

أود الاستشارة الشرعية وأن تتفضلوا علي بالنصيحة والحكمة في الموضوع وكيفية الدعاء، ولكم جزيل الشكر.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نعيمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح حالك وأن يرزقك الذرية الطيبة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

لقد أحسنت أيتها الأخت الكريمة فيما بذلته من الإحسان لضرتك ومحاولتك التودد إلى زوجك بهذا السلوك، وهذا لن يضيع بإذن الله تعالى، فإن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا.

نحن ندرك أيتها الكريمة مدى رغبتك في الإنجاب، وهذا أمر فطري فطر عليه الإنسان حبه للذرية والولد، ونسأل الله عز وجل أن يلين قلب زوجك ويصلح باله، وهو من حقوقك الزوجية، كما يقرره كثير من أهل العلم: أن من حقوق المرأة الحق في الإنجاب، ولا ينبغي للزوج أن يمنعها هذا الحق، ولكن الزوج في المقابل حين امتنع عن هذا فقد بذل الطلاق، وبهذا يتخلص من الظلم ومنع الحق ويبرأ من الإثم، وإن كان لا ينبغي أن يفعل هذا بلا شك.

الطلاق مع استقامة الحال بين الزوجين مكروه عند أكثر أهل العلم، فلا ينبغي له أن يفعل، ولكن ظننا في هذا الزوج أنه لا يزال يتمتع بقدر كبير من خوف الله تعالى وعدم الوقوع في الظلم، ومن ثم فنحن ننصحك أيتها الكريمة بأن تهدئي من التوتر بينك وبين زوجك إن كان هذا الطلاق ناشئا عن إصرارك على الإنجاب، وتظهري لزوجك الموافقة على البقاء بغير إنجاب حتى يهدأ الموقف قليلا، ثم بعد ذلك حاولي أن تبيني لزوجك حاجتك للأبناء وأنه كلما تقدم بك العمر تحتاجين إلى من يقوم بشؤونك عند الكبر، ونحو ذلك من عبارات الاستعطاف التي قد يلين بسببها الزوج، ونحن نظن أن الأمر إن شاء الله كذلك.

فإن لم يكن الأمر كذلك وكان الزوج مصرا على أن يطلقك الآن، فكوني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك، وأنه سبحانه وتعالى لن يضيعك إذا علقت قلبك به سبحانه وتعالى، وهو بيده خزائن السموات والأرض، وهو على كل شيء قدير، وقد وعد الزوجين عند الفراق بوعده وهو لا يخلف الميعاد، فقال سبحانه وتعالى: (( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ))[النساء:130].

فكوني على ثقة بوعد الله بأن الله عز وجل سيغنيك من فضله، ولن يحوجك إلى خلقه، فأحسني الظن بالله سبحانه وتعالى، والجئي إليه بصدق واضطرار أن يصلح زوجك، وأكثري من الدعاء له وأن يقدر لك الخير حيث كان، واجتهدي في استرضاء زوجك بقدر الاستطاعة، فإذا فعلت ما أمكنك من هذه الأسباب فثقي بتدبير الله تعالى وأنه خير من تدبيرك وأنه لا يختار لك إلا ما كان فيه خير لك وإن كرهته، فقد قال سبحانه وتعالى: (( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ))[البقرة:216].

نوصيك أيتها الكريمة بكثرة الاستغفار آناء الليل وآناء النهار، فإن الاستغفار سبب جالب لكل رزق، وطارد لكل هم، قال الله سبحانه وتعالى: (( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ))[نوح:10-12].

كما نوصيك أيتها الكريمة بتحسين العلاقة بالله بكثرة ذكره والقيام بفرائضه، وكثرة دعائه لاسيما في أوقات الإجابة، وإذا فتح الله عز وجل عليك هذا الباب فإنك ستدخلين السعادة من أوسع أبوابها، والأدعية التي ينبغي أن تدعي بها كثيرة، منها أن تسألي الله سبحانه وتعالى أن يصلح لك دينك ودنياك وآخرتك، فتقولي: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي)، ومنها أن تسألي الله عز وجل أن يرزقك الذرية فتقولي: رب هب لي من الصالحين، اللهم ارزقني ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، اللهم أصلح لي زوجي، اللهم أدم العشرة بيني وبينه على الخير، وتدعين الله سبحانه وتعالى بالأدعية الجامعة كقوله سبحانه في كتابه: (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ))[البقرة:201]، وادعيه بأن يكفيك بفضله عمن سواه فتقولي: (اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك) ونحو ذلك من الأدعية المأثورة الطيبة، ففيها إن شاء الله خير.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وأن يرزقك الذرية الطيبة الصالحة، وأن يصلح زوجك ويديم الألفة بينكما.


مواد ذات صلة

الاستشارات