الطفل الذي لا يرغب في الذهاب للمدرسة

0 748

السؤال

السلام عليكم

سؤالي عن ابنة أختي وهي طفلة في الصف الأول، وأختي تعاني من عدة مشاكل معها: فهي لا تأكل بشكل جيد، وأيضا فإنها سريعة الغضب، وشخصيتها ضعيفة، لدرجة أن الأصغر منها يضربها، كما أنها لا تحب مشاركة الأطفال الآخرين في اللعب بالمدرسة، رغم أنها تملك القدرة على الكتابة والإجابة على الأسئلة إلا أنها بطيئة في فعل ذلك، أقصد في الامتحانات، أي أن أختي عندما تعلمها في المنزل تتجاوب معها لكنها في المدرسة تكون بطيئة مما ينقص من علاماتها، أي أن الوقت لا يكفيها، وأحيانا تنسى سؤالا، وعندما تعلمها أختي في المنزل تتلهى كثيرا بإخوتها مما يطول وقت التعليم، لا لنقص فهمها بل لتلهيها بإخوتها.

أحيانا تختلق أي عذر لتبكي وتصرخ، خاصة عند الاستيقاظ للذهاب إلى المدرسة، لدرجة أنها تبكي أحيانا إذا نظر أحد من أهلها إليها.

حاولت أختي معها بكل أساليب الترغيب من هدايا تشجيعية، وأيضا أعطت المعلمة هدايا لتعطيها للطفلة كي تحب المدرسة، ولكن لا فائدة ما زالت على حالها، لا تحب المدرسة، ولا تحب أن تلعب مع الأطفال هناك، ودائما تحمل حقيبتها معها في المدرسة أينما ذهبت، حتى الترهيب لم ينفع، هي أحيانا تكون انطوائية في المنزل، تلعب وحدها، ولا تحب أن يلعب معها أحد.

أعتذر على الإطالة ولكن حالها أرق الجميع، فهي لم تكن هكذا.

ملاحظة: في نفس البناء التي تعيش فيه ابنة أختي تعيش ابنة عمتها، وهذه الابنة يتيمة، ولهذا فرضت أمها سيطرتها، أي سيطرة الطفلة على الجميع بما فيهم الأطفال الآخرون، فلا ينبغي لأحد أن يغضبها، فكانت تلك الطفلة وقد رأيتها بعيني كانت تضرب ابنة أختي دون أن يراها أحد، فتصرخ ابنة أختي وهي أصغر منها، ولا تستطيع ضربها، فتلجأ لشتمها فينهال الجميع عليها بالتوبيخ ويجعلون كل الحق عليها، ومن كانت السبب في صراخها لا ينالها غير الترضي، وغير ذلك فإنها دائما في نظرهم مخطئة، ويتكلمون بذلك عنها أمامها وأمام الناس، من غير مراعاة لمشاعرها، لا أدري إن كان لهذا الشيء علاقة بسلوكها الآن؟!
جزاكم الله كل خير وبارك بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم حسن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على اهتمامك بهذه الطفلة التي نسأل الله تعالى لها الشفاء والعافية.

الطفل الذي يعاني من أي مشكلة في المسلك أو العناد أو سرعة الغضب، أو عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، تدرس حالته نفسيا، ويكون هنالك تركيز على ثلاثة محاور:

1) تدرس حالة الطفل ليتم النظر في العوامل الخاصة بالطفل نفسه، والتي يمكن أن تكون دفعته لمثل هذا السلوك.
2) المدرسة وما يدور فيها.
3) البيت والمجتمع.
بالنسبة للطفلة نركز على مقدراتها المعرفية، وهذه الطفلة وإن كانت بطيئة التعلم بعض الشيء، لكن الانطباع العام الذي أخذته هي أن مقدراتها المعرفية – أي ذكاءها – من النوع الطبيعي، ولكن هذا أيضا يحتاج حقيقة لتقييم من جانب أحد المهنيين إذا تيسر ذلك.

الجانب الآخر الذي ننظر إليه: هل تصرفات هذه الطفلة ناتجة من أي إساءة وقعت لها، من أي تجربة أو خبرة سالبة كالتخويف كالترهيب الشديد وما شابه ذلك؟

ثالثا: رفض الطفلة للمدرسة وصياحها وصراخها عند الاستيقاظ يدل أن كراهيتها للمدرسة واضحة، وأنها لا تريد أن تفقد أمان البيت، ومثل هذه التصرفات والتصرفات الأخرى ربما تكون مؤشرا على وجود اكتئاب نفسي لدى الطفلة، وأرجو أن لا نستغرب حين نتحدث عن الاكتئاب النفسي لدى الأطفال مهما كانوا صغارا؛ لأن الاكتئاب النفسي موجودا، ويعبر عنه في شكل سلوك وأفعال من جانب الطفل كالرفض، كالاحتجاج، التدهور الدراسي، الشعور بالخوف، الشعور بعدم الأمان، فقدان الشهية للطعام، اضطرابات النوم، سرعة الانفعال والغضب، هذه كلها دليل على أن هذه الطفلة ربما تعاني من عدم استقرار نفسي، وهذا مؤشر كامل على وجود اكتئاب أو اضطراب وجداني آخر.

بعد ذلك تتم دراسة المدرسة، ما هو سلوك الطفلة داخل المدرسة؟ هل هذه الطفلة مرت بأي خبرة سلبية داخل المدرسة؟ اعتداء من طفل آخر؟ معاملة خشنة من هيئة التدريس أو أحد العاملين في المدرسة؟

هذه كلها يجب أن تدرس دون اتهام أحد.

بعد ذلك المحور الثالث وهو محور البيت، مع احترامنا الشديد لأسرتها، لكن لابد أن يتم تدارس استقرار الأسرة، وكيفية التعامل معها، وفي حالة هذه الطفلة لا شك أن ابنة عمتها هذه تعتبر عاملا لعدم الاستقرار النفسي للطفلة.

هذه هي المحاور التي يجب أن يتم تدارسها بصورة دقيقة وذلك للوصول للتشخيص؛ لأن حالة هذه الطفلة من وجهة نظري حتى الآن هي غير مشخصة، هل مجرد رفضها للمدرسة نتيجة لخوفها من المدرسة؟ هل هي تعاني من اكتئاب نفسي؟ هذه كلها يجب أن تحدد.

لكن في نهاية الأمر العلاج سوف ينحصر أيضا في أن نشعر الطفلة بالأمان، هذا هو لب الموضوع، وإشعار الطفلة بالأمان يكون من جانب من حولها: الوالدين، أصدقاء الأسرة، الإخوان، الأخوات، وأن نشعر الطفلة أنها عضو مهم وفعال في الأسرة، وأن نجعلها أكثر ارتياحا عن طريق اللعب معها، ونحن نناشد الوالدين بأن ينزلوا بأنفسهم إلى مرحلة طفولية للعب مع أبنائهم، هذا مفيد جدا.

الطفلة أيضا يمكن أن تعبر عن مشاعرها من خلال رسومات بسيطة، وهكذا. هذا مهم.

لا شك أن أسلوب الترغيب هو الأسلوب الرئيسي والأسلوب المهم، ولا ندعو أبدا للترهيب، ولكن يجب أن تكون هنالك صرامة في أن تذهب إلى المدرسة، يجب أن نحذر تماما من تخلفها من الدراسة، هذا يؤدي إلى تراكمات سلبية جدا لدى الطفلة إذا قابلنا ذلك بتهاون.

أساليب الترغيب سيكولوجية كثيرة، منها كما تفضلت الهدايا البسيطة، تشجيع الطفلة بالكلمات الطيبة، وتحفيزها، هنالك طريقة النجوم هي أيضا طريقة جيدة جدا للتحفيز، وأسلوب آخر مهم هو أن نتيح الفرصة لهذه الطفلة للعب مع الأطفال الآخرين، وأن نخرجها من هيمنة وقسوة ابن عمتها.

هذه مطالب أساسية ورئيسية للتعامل مع مثل هذه الحالات، وأعتقد أن تقييم الطفلة أيضا مهم كما ذكرت إذا كان هنالك إمكانية للذهاب بها إلى مختص في الطب النفسي لدى الأطفال فهذا سوف يكون أمرا جيدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، واهتمامك بأمر هذه الطفلة.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات