السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا مشكلتي أني أريد أن أطلع مع أصدقائي الذين في المدرسة، لكن المشكلة أني قبل ما أطلع معهم بـيوم أو يومين تأتيني أفكار سلبية، وألغي الطلعة، ومرة رحت معهم، ولما رحت معهم شعرت بضيق، وبعض التوتر.
أحاول أن أتكلم معهم لكن الضيق يمنعني، ولا يزول إلا حين أرجع البيت! وأقول في نفسي إني لن أطلع معهم مرة ثانية أبدا، وبالفعل لم أعد أطلع معهم أبدا، وهذه المشكلة سببت لي عدم تكوين صحبة لي.
ما العيب أني حين أكون معهم في المدرسة لا يجيئني هذا الشعور أبدا، وحتى مع ولد خالتي، وولد خالي، لا يجيئني هذا الشعور.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من العلماء العاملين والأولياء الصالحين، وأن يجعلك من الطلبة المتفوقين، وأن يضع لك المحبة في قلوب عباده، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك – ابني الكريم الفاضل – من أنك تتمنى أن تخرج مع أصدقائك في الرحلات في البر وغيره، ولكن المشكلة أنك قبل موعد هذه الرحلات بيوم أو يومين تأتيك أفكار سلبية، وأحيانا قد تعتذر لهم وتتراجع فكرة الذهاب معهم، وذهبت معهم ذات مرة ولكن شعرت بضيق وبنوع من التوتر، وحاولت أن تتكلم معهم، ولكن الضيقة منعتك من الكلام، ولا تذهب عنك هذه الضيقة إلا عندما ترجع إلى البيت.
ترى في نفسك أنك لن تعود مرة أخرى إلى الخروج معهم، وبالفعل ترتب على ذلك أنك لم تعد تخرج مع أصدقائك في المدرسة إلى أي مكان، وهذه المشكلة سببت لك عدم وجود أصدقاء، في حين أنك عندما تكون في المدرسة لا تشعر بهذا الشعور، وحتى مع ابن خالك أو خالتك لا تشعر أيضا بهذا الشعور، وتسأل: ما هو الحل أو ما السبب في ذلك؟
أقول لك – ولدي الكريم خالد – إن السبب في ذلك أولا يرجع إلى عامل نفسي قد يكون في نفسك قديما، لأننا أحيانا قد نسمع عن شيء حدث لبعض الأفراد الذين ذهبوا مثلا إلى البر أو في رحلة كهذه الرحلة، وقد يكون مجرد سماع فقط، هذه الأفكار التي سمعتها من الشخص الذي يتحدث عنها تكون قد استقرت في عقلك الباطن، وسببت لك بعض القناعات النفسية من الذهاب إلى البر قد يتعرض فيه الإنسان لبعض المشاكل أو لبعض الحوادث أو بعض الاعتداءات أو غير ذلك، هذا الأمر قد يكون استقر في نفسك - يا ولدي – وأصبح جزءا من مكوناتك الشخصية، وبالتالي بدأ يتحكم في تصرفاتك.
أقول: لعل هذا هو الدافع، سمعت أنت مثلا شيئا سلبيا أو رأيت حتى وإن كان في بعض المسلسلات أو الأفلام مثلا أن هناك جماعة خرجوا إلى البر وحدثت مشكلة لبعضهم، فهذا الكلام قد يكون ورد إليك أو قد تكون قرأت بعض القصص، وكانت هناك قصة مشابهة استقرت هذه المعلومات في عقلك الباطن، حتى أصبحت الآن حائلا بينك وبين الاستمتاع بتلك الرحلات النقية الطيبة.
الدليل على ذلك أنك لا تشعر بهذا الشعور عندما تكون مع زملائك في المدرسة خاصة، وكذلك أيضا لا تشعر به مع بعض الأقرباء القريبين منك كابن خالك أو ابن خالتك، والعلاج بارك الله فيك يكون في استمرار الخروج معهم مع شيء من المقاومة، لأنك الآن إذا لم تخرج فعلا وتكسر هذا الحاجز النفسي، فثق وتأكد أنك ستظل كذلك إلى ما شاء الله تعالى، ولكن الآن أنت خرجت في المرة الأولى هل شعرت بأن هناك مشكلة؟ قطعا لم تحدث هناك مشكلة، فما دامت لم تحدث مشكلة في المرة الأولى فلماذا أتوقع أنا أن تحدث مشكلة في المرة الثانية؟
هذا الحوار النفسي، كلما بدأت تشعر بنوع من التوتر أو الأفكار السلبية عندما تعقد العزم على أن تخرج اسأل نفسك وتقول: (أنا خرجت في المرة الأولى ولم يحدث هناك شيء، وإن شاء الله سأخرج هذه المرة ولن يحدث هناك شيء)، وحاول أن تقاوم؛ لأن مقاومتك لهذه الأفكار السلبية مرة بعد مرة سوف تعينك على التغلب عليها، ومن الممكن بارك الله فيك إذا كانت لديكم بعض المؤسسات أو المراكز التأهيلية النفسية من الممكن أن تذهب إليهم؛ لأن هناك نوعا من العلاج يسمى بخط الزمن، والعلاج بخط الزمن أن المعالج يظل يسمع منك وأنت تحكي قصة حياتك من أول ما بدأت إلى أن تصل إلى النقطة الأولى التي بدأ من خلالها تحدث لديك هذه الفكرة، ثم يحاول أن يشتتها بالنسبة لك، وأن يعيد تأهيل عقلك مرة أخرى حتى تخرج منك هذه الفكرة السلبية.
لكن أنا أقول: حتى وإن لم تعالج مثلا أو لم تجد أحدا أو تذهب إلى أخصائي، فأنا أقول: اذهب للمرة الثانية، وستشعر بنوع من التوتر في الأول، ولكن خروجك وإصرارك على الخروج سوف يجعلك تكسر هذا الحاجز، ومع تكرار هذا الخروج وكسر للحاجز النفسي ستشعر بأنك أصبحت طبيعيا جدا، لأنك ستتوفر لديك قناعة بأنه لا يوجد هناك شيء تخاف منه، أو لا يوجد هناك شيء تخافه أو ترهبه، وأن الأمر عادي جدا، وأنك سعيد خلال هذه الرحلات، وأن هذه الرحلات مفيدة ولا ينبغي أن تضيعها على نفسك بمجرد هذه الأفكار السلبية، خاصة إذا كانت هذه الرحلة رحلة مفيدة، يعني الناس يستأنسون فيها وكانت رحلة طيبة وكان فيها بعض البرامج المفيدة أو الجيدة سواء كانت لعبا أو غيره، إذن أنت تنظر إلى هذه الإيجابيات وتحاول أن تقنع نفسك. فتقول: ما الذي في هذه الرحلة من السلبيات؟ لا يوجد فيها شيء، وإنما أنا لعبت فيها واستمتعت وتكلمت مع الشباب.
وحاول كلما جاءتك الضيقة وتريد أن تمنعك من الكلام حاول أن تتكلم، ولو أن تتكلم مع بعض الأفراد، بهذه الطريقة من المقاومة سوف تتغلب إن شاء الله على تلك الأفكار السلبية وتصبح إنسانا عاديا بإذن الله تعالى، ولا توجد لديك أي مشكلة، وأنصحك أيضا أن تتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء أن يعافيك الله تبارك وتعالى من ذلك، واجتهد في أن تكون الصحبة التي تخرج معها صحبة صالحة تكون معينة لك على طاعة الله تعالى، وتكون تصرفاتها منضبطة بضوابط الشرع، حتى لا يحدث فيها ما يؤذي أو يجرح مشاعرك، أو يجعلك تكون فكرة سلبية عن مثل هذه الرحلات.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك إلى كل خير، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن تكون من الطلبة المتميزين المتفوقين.
هذا وبالله التوفيق.