السؤال
السلام عليكم.
أنا مريض باضطراب مزاجي ثنائي القطب، فهل رفض كل شيء حتى الدراسة والذهاب مع الأصدقاء وأي عمل يعتبر من أعراض المرض؟ وخصوصا أشعر بخوف من مواجهة أي متاعب أو تحديات وأحاول الهروب منها، وأعتبر أي عمل هو شيئا ثقيلا ولا أستطيع احتماله، لكن خوفي أن أكون من النوع المدلل أو غير مريض بذاك المرض.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ تيسير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن تشخيص الحالات النفسية يجب أن يتم بواسطة طبيب نفسي مختص ومقتدر، خاصة هذه الحالات مثل الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وذلك لأهمية أن يكون العلاج صحيحا، وشاهدنا كثيرا من الحالات التي شخصت بطريقة خاطئة، وكانت النتائج أن العلاج كان خطأ، فعليه أنا لا أريد أبدا أن يشخص الناس أنفسهم أو يذهبوا إلى الأماكن الخطأ، وفي ذات الوقت حين يتم تشخيص المرض وبصورة صحيحة يجب أن يكون هنالك التزام وانضباط واتباع كامل للإرشادات الطبية خاصة المتعلقة بتناول الأدوية.
نحن نعيش في عهد بفضل من الله تعالى أصبحت هذه الحالات النفسية التي كانت تعتبر في الماضي من الأمور الصعبة والمستحيلة فيما يخص التقدم العلاجي، أصبحت الأمور الآن متيسرة جدا وسهلة جدا، وأتت أدوية فاعلة جدا، والإنسان يستطيع أن يقوم بأداء واجباته الحياتية من عمل ومن دراسة ومن تواصل اجتماعي، يستطيع أن يقوم بها مهما كانت علته ما دام ملتزما بعلاجه، فأرجو أن يتم تأكيد التشخيص بواسطة طبيب.
الأمر الثاني: الإنسان حتى ولو كان صحيح الجسم ومعافى النفس فلابد أن يرفع من همته، لابد أن تكون له مقاصد نبيلة وصحيحة في هذه الحياة، ولابد لهذه الأهداف أن تكون واضحة وأن يضع الآليات التي يصل إليها.
فشعورك بالرفض للدراسة والتكاسل حيالها هذا لا شك أنه ناتج من فكرة خاطئة، وهذه تسمى بالأفكار المعرفية السلبية، الإنسان إذا لم يستشعر أهمية الأمر ويعطيه قيمته الحقيقية لن ينزل نفسه لمقام الإنجاز والتطبيق الحقيقي، فأرجو ألا تجد لنفسك عذرا في هذا الأمر، فعليك بالاجتهاد وعليك بالمثابرة، وعليك أن تكون يدا عليا، ولا تقبل لنفسك أبدا أن تكون غير ذلك، وانظر لنفسك بعد خمس أو عشر سنوات ماذا ستكون؟ كيف ستواجه الحياة وأنت بدون تعليم وبدون مؤهل وأنت غير مؤهل ولست ذا مهارة، عليك أن تحفز نفسك والطاقات تبنى والنيات تعقد، والإرادة تسخر، ومن ثم تنطلق الأفكار، كل عمل يتطلب النية، فالعبادات لا تصح بدون نية، وأعمال الدنيا لا تنفذ ولا تطبق ولا يمكن للإنسان أن ينجزها بدون نية وإرادة، فعليك بذلك.
من أفضل السبل التي تجعل الإنسان ينجز وينجح هو أن ينظم وقته وأن يديره بصورة صحيحة، فاجعل لنفسك نقاط ركائز في اليوم تتحرك من خلالها لإدارة الزمن، وهذه الركائز هي الصلوات الخمس، أفضل ركائز ليدير الإنسان من خلالها الوقت هي الصلوات الخمس؛ لأن وقتها مكتوب ووقتها معلوم، قل لنفسك: سوف أعمل كذا وكذا بعد صلاة الفجر، سوف أقوم بأداء كذا وكذا بعد صلاة الظهر أو قبله، وهكذا بالنسبة للعصر والمغرب والعشاء. وسوف تجد في نهاية الأمر أنك أنجزت أشياء كثيرة كنت تجد صعوبة في إنجازها.
والشعور بالمتاعب والجهد وعدم الإنجاز حيال الدراسة يأتي من ضعف النية وعدم استشعار أهمية الأمر وعدم إدارة الوقت بصورة صحيحة، وإدارة الوقت لا تعني أنك سوف تنكب كل اليوم على الكتب، لا، من حقك أن ترتاح، من حقك أن تنام، ويجب أن تتريض، من حقك أن ترفه عن نفسك بما هو مشروع، أن تواصل صلاتك مع أصدقائك ومع أهلك، وفي نفس الوقت تقوم بالدراسة، وهذا كله ممكن وليس صعبا أبدا، فأرجو أن تنتهج هذا المنهج.
الرياضة مهمة جدا وهي تجدد الطاقات النفسية والجسدية لدى الإنسان.
أنت ذكرت أنك تخاف أن تكون من النوع المدلل، ولكني أخاف أن تكون من النوع الكسول الذي لا يقدر الأمور، وهذه تعالج باستشعار المسئولية، ونحن في أمتنا الإسلامية يجب أن ننهض، يجب أن نكون نحن الأفعل، وأنت في فلسطين العزيزة المحتلة يجب أن تنهض بنفسك وتجمع قواك وتسلح نفسك بسلاح العلم والدين، وأن تكون فاعلا ونافعا لنفسك ولغيرك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.