السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يوجد تاريخ عائلي لدينا بالإصابة بالفصام، فخال والدتي - شقيق جدتي - وخالي وأخي الأكبر وأختي التي تكبرني بعام جميعهم مصابون بالفصام، فهل هو وراثي؟ وما أسبابه الرئيسية؟ وهل هو قابل بعد العلاج للشفاء التام والمستمر؟ وهل مآل الوسواس القهري يتحول إلى فصام؟
أخي قبل إصابته بالفصام كان يعاني من وسواس قهري حاد، واكتئاب ظناني، أرجو منكم الإيضاح حول هذا المرض فقد كثر تفكيري وخشيتي من إصابتي به، لكثرة المصابين به في العائلة.
لدي استفسار أخير:
أريد أستخدام السركويل مع الإيفكسور كمدعم، فما هي الجرعة المطلوبة والمناسبة؟
علما أن جرعة الايفكسور 150 ملجم.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منصور صالح الجهني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حين نتحدث عن أسباب مرض الفصام الإجابة ربما تكون غريبة بعض الشيء، وهي لا توجد أسباب لمرض الفصام، أو لا توجد أسباب معروفة، ولكن هنالك عوامل ربما تساعد في ظهور هذا المرض، وهذه العوامل نقسمها إلى ثلاث محاور:
1) العامل الوراثي.
2) العامل البيئي.
3) العامل التربوي أو ما يتعلق بالتنشئة.
العامل الوراثي وهو الذي سألت عنه أقول لك: مرض الفصام قد يظهر في بعض الأسر، وذلك نسبة لوجود استعداد وراثي في هذه الأسر، ولكن حتى يكون الأمر واضحا هنا لا نقصد بالوراثة الجينية المباشرة، هنالك أمراض مثلا مرض أنيميا البحر المتوسط أو ما يعرف باسم (الثلاسيميا Thalasemia in) وكذلك الأنيميا المنجلية (Sickle cell disease)، وكذلك مرض الـ (هيموفيليا Hemophilia ) ومرض يسمى (هنتنجتون Huntington ) هذه أمراض تعمل الوراثة فيها من خلال جين وراثي واضح ومعروف، ويمكن أن تحسب النسب، مثلا مرض (هنتنجتون) وهو مرض يصيب الأعصاب، هذا يصيب خمسين بالمائة من الذرية، ولا شك في ذلك، وهكذا.
بالنسبة لمرض الفصام الجينات ليست الجينات ذات الطفرة العالية، أي أنها جينات تكون في حالة خمول ولكنها تحمل مؤشر المرض، وإذا توفرت بعد ذلك الظروف البيئية والتربوية ربما يظهر المرض، أرجو أن أكون قد أوضحت أيها الفاضل الكريم.
بمعنى آخر: إذا وفرنا الظروف الحياتية المعقولة للإنسان، وكانت تنشئته تنشئة معقولة أيضا بالرغم من وجود العوامل الوراثية؛ فهذا إنسان تكون فرصه أفضل من حيث إنه لن يصاب بالمرض.
هنالك حسابات معروفة، وهي مثلا أن الوالدين أصيبا بمرض الفصام – وهذا أمر نادر جدا – نستطيع أن نقول إن حوالي ستين بالمائة من الذرية سوف يصابون بهذا المرض، أما إذا كان هذا المصاب هو أحد الوالدين فاحتمال خمسة عشر بالمائة من الذرية يصابون بهذا المرض. وهكذا.
إذن: العلاقة الجينية لا ننكرها وهي موجودة، لكن هذه الجينات جينات خاملة كامنة لا تعمل إلا إذا وفرت لها الظروف الأخرى، وهي العوامل الوراثية والتربوية، فأرجو أن أكون قد أوضحت ما هو مطلوب أيها الفاضل الكريم.
ما هي أسباب مرض الفصام الرئيسية؟
كما ذكرت لك: توجد عوامل، وقد ذكرت هذه العوامل.
هل مرض الفصام قابل للعلاج والشفاء التام؟
أقول لك: نعم، نستطيع أن نقول إن حوالي خمسة وثلاثين بالمائة من حالات مرضى الفصام يتم شفاؤها شفاء تاما، وذلك بتناول العلاج بجرعته الصحيحة وفي وقته الصحيح.
حوالي أربعين بالمائة من مرضى الفصام يظلون في وضع صحي ونفسي جيد جدا، بمعنى أن الأعراض ربما تكون هنالك جزئيات متبقية منها، ولكن الإنسان متفاعل ومتوائم ومعقول، ويستطيع أن يعيش حياة طبيعية بشرط أن يتناول الدواء.
هنالك حوالي عشرين بالمائة من مرضى الفصام بكل أسف يكون المرض مطبقا عليهم للدرجة التي تعيقهم لدرجة كبيرة، وهؤلاء نجدهم دائما قد أصيبوا بمرض في سن مبكرة جدا؛ حيث إن الواحد منهم لم تتح له الفرصة ليبني مهاراته ويكمل تعليمه، أو يصل إلى مرحلة النضوج الاجتماعي، وهذا النوع من المرض غالبا يكون ما يعرف بالفصام الهيفريني Hebephrenic.
سؤالك: هل مآل الوسواس القهري يتحول إلى فصام؟
لا، الوساوس القهري لا يتحول إلى فصام، وأقولها بكل قوة، وإن كان هذا المرض أيضا قد اختلط على بعض الناس، لكن بعض حالات الفصام قد يسبقها نوبات من نوبات القلق، والتوتر، وعسر في المزاج، ومخاوف، وكذلك وساوس قهرية.
هذه هي مقدمات قد تصحب مرض الفصام، ولكن لا نستطيع أن نقول إن الوساوس القهرية تنتهي أو تؤدي إلى ظهور مرض الفصام، وبنفس المستوى هنالك بعض مرضى الفصام الذين قد تأتيهم وساوس قهرية أثناء وجود أعراض الفصام، هذا التبادل معروف وهي ظاهرة نشاهدها في كثير من الحالات، وحقيقة هذه الحالات يجب أن تشخص بواسطة مختص ذي خبرة.
الوسواس يختلط على الناس في منطقتنا، فبعض الناس حين يأتيه حديث نفس يسمي هذا فصاما، والبعض قد تأتيه نوع من الخاطرة المسيطرة والمستحوذة عليه يعتقد أن هذا فصام، وهكذا، فالأمر فيه الكثير من التداخل والكثير من الاختلاط.
أيها الفاضل الكريم: أرجو أن لا تنزعج ولا تكثر من التفكير حول إصابتك بهذا المرض، سل الله تعالى أن يعافيك وأن يحفظك، وكن فعالا، وأنا أود أن أنقل لك بشارة كبرى أن المرض بعد هذا العمر من النادر جدا أن يظهر أو يأتي، وحتى الذين يأتيهم بعد عمر الثلاثين نحن لا ننزعج كثيرا؛ لأن الاستجابة للعلاج تكون ممتازة جدا.
بالنسبة لاستفسارك الأخير حول السوركويل مع الإفكسر كمدعم، تكون جرعة البداية للسوركويل هي خمسة وعشرين مليجراما، هذه أفضل ويتم تناولها ليلا؛ لأن السوركويل قد يؤدي إلى النعاس وبوادر الاسترخاء الشديد، وبعد شهر يمكن أن ترفع الجرعة إلى خمسين مليجراما، وأعتقد أنها سوف تكون جرعة تدعيمية كافية جدا ليس من المستحسن أن نزيدها من ذلك، وإن لم يكن ذلك ممنوعا؛ فالسوركويل دواء ممتاز وفاعل، وأنا قناعاتي به كبيرة جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك أخي الكريم على هذا السؤال الطيب، وبالله التوفيق والسداد.