أفكار وسواسية في ذات الله.. أريد حلا للخلاص منها

0 432

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع وأرجو من الله أن يجعله في موازين حسناتكم.
أما بعد:

أنا طالبة في الصف الأول ثانوي، تخصص هندسة..

منذ دخولي الثانوية وأنا أريد أن أتغير إلى الأفضل ولكني اكتشفت أني أتغير إلى الأسوأ.

أصبحت أؤخر الصلاة ولا أصلي الفجر إلا في أيام الدراسة لأني أستيقظ فيها باكرا، أما أيام العطلة فلا أستيقظ له حتى لو أيقظني أحد، وحتى إن اكتفيت من النوم فإني أتهرب من صلاة الفجر بالنوم.

أصبحت تراودني أسئلة كثيرة: لماذا نحب الله؟ كيف نعبد الله ونحن لا نراه؟!
وأخاف على نفسي من هذه الأسئلة أن تخرجني عن ديني..
أحس بأن كل أعمالي لا أفعلها إلا رياء وسمعة.

حتى دراستي صرت كسولة فيها، أريد أن أذهب إلى المدرسة وأتعلم ولكن تراودني أفكار: لن تنالي أجرا من ذهابك إلى المدرسة، عليك أن تبقي في البيت فهذا أفضل .. وغيرها كثيرة على نفس المنوال.

كما صرت أخاف على نفسي من بعض رفيقات السوء، أغلب زميلاتي -وليس كلهن- يستمعن إلى الأغاني ولا يرتدين الحجاب الشرعي ويتفوهن بالألفاظ البذيئة وغير اللائقة ويحادثن الفتيان، وقد أصبحت كثيرة الكلام والمزاح معهن وعندما تأتيني الفرصة أنصحهن، ولكن صرت أخاف على نفسي منهن..

فأرجو منكم أن تساعدوني في حل مشاكلي وتنصحوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

بداية نقول أيتها العزيزة: إن كراهيتك لهذه الأسئلة وبغضك لها دليل على وجود الإيمان في قلبك، فإنها من وساوس الشيطان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاء إليه يشكو قريبا من هذه الوساوس التي تعانين منها، قال لهم عليه الصلاة والسلام: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) يعني لم يستطع أن يضلكم ولا أن يغويكم فرجع إلى الوسوسة. وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: (ذاك صريح الإيمان) أي كراهية هذه الوساوس وبغضها دليل على وجود الإيمان في القلب، وقد أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن من أتاه شيء من هذه الوساوس فعليه أن ينتهي عنها، ويستعيذ بالله سبحانه وتعالى، قال: (فليستعذ بالله ولينته).

فهذا ما نرشدك إليه وننصحك به، أن تسارعي فورا إلى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم حين ترد عليك هذه الأسئلة وتنتهي عنها بأن تشغلي نفسك بالشيء النافع، ولكن مع هذا نضع بين يديك إجابات سريعة لهذه الأسئلة التي أوردها الشيطان عليك، وهي: لماذا نحب الله سبحانه وتعالى؟

والجواب سهل يسير أيتها البنت العزيزة، فإن حب الله سبحانه وتعالى له بواعث تدعو إليه، إذ النفوس أولا مجبولة على حب من أحسن إليها، فكل إنسان يحب من أحسن إليه، وهذه عادة الإنسان السوي المعتدل الصحيح، فإذا انتكس الإنسان ومرض فهذا شأن آخر، أما الإنسان الصحيح السوي فإنه يحب من أحسن إليه، وهذا نجده ضرورة في قلوبنا، فكل من أحسن إلينا في دنيانا نحبه وتتعلق قلوبنا به. إذا كان الأمر كذلك فإن الله سبحانه وتعالى واهب كل الإحسان الذي نحن نعيشه، فكل إحسان ونعمة فينا سواء في أجسادنا أو في أموالنا وفي آبائنا وفي أمهاتنا... كل نعمة نعيشها فإنها من الله تعالى وحده، كما قال سبحانه وتعالى: (( وما بكم من نعمة فمن الله ))[النحل:53].

فهذه النعم كلها إذا تذكرتها وأجلت النظر فيها والتفكير فإن هذا سيقودك إلى محبة الله لا محالة.

السبب الثاني مما يدعو إلى حب الله تعالى أن النفوس الشريفة النظيفة مجبولة على حب الجمال، فكل شيء جميل تحبه، وهذا أمر أيضا نجده وضرورة في نفوسنا، نحب كل شيء جميل نراه أو نسمع به، وإذا كان الأمر كذلك فإن الله عز وجل هو خالق كل هذا الجمال الذي نراه، وإذا كان سبحانه وتعالى هو الذي خلق هذا الجمال فمما لا شك فيه ولا ريب أنه سبحانه وتعالى جميل، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، كيف يتصور أنه سبحانه وتعالى هو واهب الجمال لهذه المخلوقات وهو عادم لذلك، فهو سبحانه وتعالى جميل كما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الله جميل يحب الجمال) فهو جميل في ذاته، جميل في صفاته، جميل في أفعاله، ولهذا فهو سبحانه وتعالى يستحق الحب من النفوس الشريفة التي تحب الجميل.

وأما لماذا نعبده سبحانه وتعالى مع عدم رؤيته؟ فإنه سبحانه وتعالى وإن لم تره العيون قد رأته القلوب، أي رأت الأدلة الدالة على وجوده سبحانه وتعالى، ففي كل شيء حولك دلائل وبراهين على وجود الله، فمن الذي خلقك؟ من الذي أوجدك؟ تفكري في هذا جيدا، تفكري في المخلوقات من حولك كيف أوجدها الله، مختلفة متباينة، فهذه كلها دالة على وجود الله سبحانه وتعالى، ودالة أيضا على ربوبيته وأنه الخالق المتصرف، وإذا كان هو الخالق المتصرف وحده فإنه سبحانه وتعالى هو الذي يستحق أن يعبد وحده.

فالأدلة الدالة على وجوده سبحانه وعلى ربوبيته وألوهيته وعلى استحقاقه للعبادة أكثر من أن تحصى وأن يذكرها الإنسان، وقد قامت الأدلة الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا عن ربنا سبحانه وتعالى فكان لازما علينا أن نتبع هذه الرسالة ونعمل بهذه الشريعة وأن نعبد الله سبحانه وتعالى بعد أن أقام لنا البراهين الدالة على ذلك.

لا شك ولا ريب أيتها الكريمة أنك وقعت في قدر كبير من الفتور عن الطاعة والعبادة، وأنت مطالبة فورا بأن تنهضي نهضة سريعة للاستعادة ما كنت فيه من قوة إيمان ونشاط ورغبة في العبادة، وكوني على ثقة بأنك إذا أخذت بالأسباب ستصلين بإذن الله سبحانه وتعالى إلى النتائج المرضية، وأهم هذه الأسباب: الصحبة الصالحة، فاختاري صديقات صالحات طيبات، وتعرفي على النساء الصالحات، واحضري مجالسهن، واحضري مجالس العلم والذكر، وبهذا يزداد إيمانك، فإن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي وترك الطاعات، وتجنبي رفقة السوء فإن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.

الأمر الثاني: تذكر الآخرة، فحاولي دائما أن تستمعي إلى المواعظ التي تذكرك بالجنة وما فيها من نعيم والنار وما فيها من عذاب أليم، ومواعظ تذكرك بالعرض على الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، والقبر وما فيه من أهوال وشدائد، والمواعظ في هذا الموضوع كثيرة موجودة على موقعنا وعلى غيره من المواقع، فأكثري من سماع هذه المواعظ حتى يرق قلبك ويطرد عنه الغفلة والسنة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات