نصيحة لفتاة ساءت حالتها لرفض أبيها دخولها كلية الطب

0 461

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كان حلمي منذ صغري أن أدخل كلية الطب، كبرت وكبر معي حلمي، وفي مراهقتي كانت زميلاتي وصديقاتي يتصفحن المجلات الفنية، ويتابعن أخبار الفنانين والمطربين وأنا عاكفة على قراءة المجلات الطبية ومتابعة آخر الاكتشافات.

وقبل تسع سنوات تخرجت من الثانوية، وكانت أول رغبة لي هي الطب، لكن والدي رفض أن أذهب إلى المدينة المجاورة؛ لأن مدينتي لا توجد فيها جامعة، فبكيت، وتدهورت حالتي النفسية، ثم أذعنت للأمر الواقع، ودخلت في تخصص لا أحبه، وكانت النتيجة رسوبي، رغم أني من المتفوقات، وتخصصي لا يوجد به مجالات توظيف، واخترته لأنه المتوافر في مدينتي، بعد سنوات تخرجت وجلست عاطلة مدة أربع سنوات، ونسيت حلم الطب.

الذي يحزنني هو دخول بنات عمي الطب، رغم أن والداهن كان من الرافضين لدخولي مجال الطب، ولكن الوضع انقلب وأدخل إحدى بناته الطب عن طريق الواسطة، وبعد دخولهما الطب ساءت حالتي النفسية، وصرت أشعر أنهم خطفوا مني حلمي، فأنا أحق بدخول الطب منهن، وأسمعهن يتحدثن عن دراستهن وقلبي يتقطع حزنا وألما، حتى أصبحت أتحاشاهن ولا أريد مجالستهن؛ لأنهن يذكرنني بخيبتي، كيف أنسى هذا الحلم الذي يسكن قلبي وروحي؟!

أبي حطم حلمي، وحرمني من أغلى أمنية لدي، أبي عندما رأى حالتي النفسية قال لي: إنه سوف يتكفل بدفع الرسوم للماجستير مهما كان المبلغ، ولنفترض أني أكملت الماجستير فسوف يبقى حلم الطب يطاردني بقية حياتي.

فكرت في أن أدرس الطب من جديد، إلا أن هذا يتطلب مني أن أدرس سبع سنوات، وأنا عمري قارب الثلاثينات، فهل أكمل الدراسات العليا أم أدرس الطب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الفتاة المسلمة لا يمكن أن تكون عاطلة؛ لأن مهمتها في الحياة أكبر، ورسالتها في الحياة أشمل، وإذا أغلق في وجهك باب فإن الله سبحانه قد فتح لك أبوابا، فلا تنظري للخلق، ولا تقولي: لو كان كذا لكان كذا، ولكن رددي بلسان المؤمنات: (قدر الله وما شاء الله فعل).

ولا تغتمي لدخول بنات عمك ذلك التخصص، وانطلقي لتثبتي وجودك في مجالك الجديد الذي كنت أتمنى أن تذكريه، حتى نضع لك قواعد للنجاح الذي هو هبة من ربنا الفتاح لمن يجتهد ويبذل أسباب الفلاح، ويتوكل على القدير خالق الإصباح، فلا تدوري حول نفسك، وانطلقي للأمام، واقبلي تشجيع والدك، واعلمي أن طاعته من أسباب التوفيق في الحياة، ومن مسببات السعادة بعد الممات .

ولا شك أن وقوف الأسرة في طريقك لم يكن موفقا، ولا ندري ما هي أسبابه، ولكننا ندعوك إلى أن تلتمسي لهم الأعذار، وتذكري أن حبهم الزائد لك وخوفهم الشديد عليك كان من أسباب رفضهم الذهاب للدراسة في تلك المدينة البعيدة، فهنيئا لك بحبهم لك ونسأل الله أن يوفقك ويرزقك برهم.

واعلمي أن المرأة تخدم دينها وتساهم في نهضة وطنها وأمتها بنفسها وحسن رعايتها لأسرتها، والأسرة الناجحة تحتاج إلى تأهيل في جوانب أخرى غير الدراسة الأكاديمية، فاشغلي نفسك بمواصلة الدراسات العليا، واهتمي بحفظ القرآن والفقه في الدين.

ولا يخفى على أمثالك أن النجاح في الحياة لا يرتبط بوظيفة أو مهنة معينة، وفي كل مجال ناجحين وناجحات؛ لأن الناس بحاجة لكل المهن والوظائف، والإنسان يستطيع أن يطور قدراته في أي مجال ويتخصص فيه، بالإضافة إلى أن مهنة الطب من المهن المزعجة للمرأة رغم حاجة المجتمع إلى طبيبات، إلا أنه كثيرا ما يكون النجاح في المجال الطبي خصما على السعادة الأسرية للمرأة، كما أن بعض الرجال يزهدون في الارتباط بالطبيبات، ونحن لا نوافق على ذلك، ولكن هذا واقع وموجود.

والإنسان لا يعلم أين يكون الخير، فوطني نفسك على القبول بما قدر لك، واعلمي أن فيه الخير الكثير، وتذكري أن نعم الله مقسمة، وكم هو سعيد من يتعرف على نعم الله ليؤدي شكرها، وما كل ما يتمناه المرء يدركه، وماذا فقد من أصبح آمنا في أسرته معافى في بدنه عنده قوت يومه، وماذا خسر من وجد الأمن والإيمان؟! فاشغلي نفسك بالمفيد، واشكري ربنا الحميد، وهذه وصيتي لك بالتقوى، وأرجو أن تقبلي رأس الوالد، وتقولي له: أهم شيء رضا الله ثم رضاك.
والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات