السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة تعجز الكلمات عن شكركم لما تقدمونه من خدمات جليلة للأمة الإسلامية، جزاكم الله خيرا ووفقكم لما يحب ويرضى.
ارتبطت بفتاة بغرض الزواج واستمرت علاقتنا لفترة شهرين، كانت فيها الفتاة مترددة ما بين الموافقة والرفض إلى أن صرحت قبل أسبوع من الآن بأنها لا تستطيع الاستمرار، وقررت قطع العلاقة، وسؤالي أنني كنت وما زلت أدعو الله بأن يجعلها زوجة صالحة لي، ويجعلني زوجا صالحا لها، ويجعل بيننا مودة ورحمة، ويرزقنا الذرية الصالحة (هذه صيغة دعائي).
إنني أدعو بإلحاح ورجاء شديد، ولكن هذا الدعاء يجعلني أدور في فلك الفتاة، ولا أستطيع أن أنساها وأبحث عن غيرها، لأنني ارتبطت بها جدا، وفي نفس الوقت تأخرت جدا في الزواج!
هل إذا تركت الدعاء يعتبر نوعا من القنوط من رحمة الله؟ مع العلم بأنني لم أفقد الأمل في أن يجمعنا الله كزوجين صالحين، وأعلم أن الله إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
أرجو أن تفيدوني، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب بين آبائك وإخوانك، ونحن نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
نصيحتنا لك أيها الحبيب أن تبادر بالزواج ما استطعت، فإن في الزواج مصالح عديدة، منها إعفاف النفس وصيانتها عن الوقوع في الحرام، وتحصيل السكن النفسي الذي جعله الله عز وجل من أجل الحكم من وراء الزواج والذرية الطيبة، وغير ذلك من المصالح الكثيرة.
نصيحتنا لك أيضا أن تسأل الله تعالى وتكثر من دعائه بأن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وتسأله أن يرزقك الزوجة الصالحة، فكثيرا ما يطمع الإنسان في تحقيق هدف معين، ويصرفه الله تعالى عنه لعلمه سبحانه وتعالى بأن الخير في غيره، وقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ((وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون))[البقرة:216]، فاجعل هذه الآية نصب عينيك أخي الحبيب، وتذكر دائما أن الله عز وجل إذا لم يقدر لك شيئا فإنه إنما صرفه عنك لعلمه سبحانه وتعالى أن الخير في غيره، فاختيار الله تعالى لك خير من اختيارك لنفسك، فالله عز وجل أرحم بك من نفسك، وهو سبحانه يعلم وأنت لا تعلم.
من هنا نصيحتنا لك أن لا تتبع نفسك بهذه الفتاة وتعلق قلبك بها، ما دامت غير راضية بالزواج منك، واعلم أن ما وجدته فيها من صفات حببها إليك ستجده في غيرها، وربما تجده أجلى وأوضح وأبين، ونسيان هذه الفتاة أمر سهل عليك -بإذن الله تعالى- إذا تذكرت أمرين مهمين:
الأمر الأول: ما ورد في وصية عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه حين قال: (إذا أعجبتك امرأة فتذكر مناتنها) فدائما استحضار الجوانب السيئة يقلل رغبة الإنسان في أمر ما.
الأمر الثاني: استحضار اليأس منها ما دامت غير راضية بالزواج، والنفس عادة كما يقول علماء التربية أنها إذا يئست من شيء نسته، فإذا استحضرت هذين الأمرين فإنه سييسر لك بإذن الله تعالى نسيان هذه الفتاة.
بحثك عن غيرها سبب -بإذن الله تعالى- لتعلق قلبك بمن ترتضيها زوجة، وتبدأ معها حياتك، وهذا سيكون فيه انصراف للذهن والقلب عن تلك الفتاة.
هذه وصيتنا لك أيها الحبيب أن تسعى جيدا في البحث عن الفتاة المناسبة لتتزوج وتبادر بالزواج، وأن تسعى أيضا في الأخذ بالسببين اللذين ذكرناهما لنسي هذه الفتاة، فهذا خير لك من البقاء متعلقا بها.
قد تحاول مرة ثانية أنت أن تتقدم لها وقد لا ترضى، لكن إذا أردت مزيدا من تيئيس النفس وقطع التعلق بهذه الفتاة فبإمكانك أن تعيد الكرة مرة أخرى لتتقدم لخطبتها من أهلها لا منها هي بنفسها، فنصيحتنا لك أن تتجنب هذا النوع من العلاقات مع الفتيات، فإن الفتاة قبل العقد عليها أجنبية يجب على الرجل أن يتعامل معها كغيرها من الأجنبيات، فلا ينظر إليها إلا بالقدر الذي يدعوه لخطبتها ويأمل بأن تستجيب للطلب.
أما الأحاديث التي تدور بين الفتيات من كلمات الحب وغير ذلك فهذا لا يجوز، وكذلك النظر إلى الفتيات أيضا لا يجوز ومن باب أولى الاختلاء بواحدة منهن، فكل هذه محرمات وارتكاب ما حرم الله تعالى قد يكون سببا لحرمان الإنسان من أرزاق كثيرة وخير وفير قد يسوقه الله تعالى له إذا هو خشيه واتقاه.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان ويرضيك به.