السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة عمري (36) سنة، كنت على علاقة مع ابن خالتي، وبعد أن تلاعب بمشاعري تزوج بامرأة أخرى تلائمه -حسب قوله-، وقد عانيت من قصتي معه لسنوات عديدة، ولا زلت أعاني حتى اليوم.
ومشكلتي هي أن صديقا لي أعرفه حق المعرفة يطلبني للزواج منذ سنوات، لكنني أتردد في قبولي؛ لأن شكله لا يعجبني على الإطلاق، بل إنني أنفر كل مرة أراه، رغم أنه رجل ذو أخلاق عالية وحميدة، ومتعلم، وكان بجانبي في كل مرة كنت أحتاجه فيها.
وأقسم أنني حاولت أن لا أعطي أهمية للشكل، لكني لم أتمكن، وأخاف إن قبلت أن لا أستطيع أن أحبه طوال حياتي، وهذا ظلم لي وله، علما بأني لا أرغب في الزواج، وإنما فقط أود أن لا أكون عانسا، بسبب نظرة المجتمع، رغم أنني متعلمة، فأفيدوني بنصيحة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كاهينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن الرجال لا يقاسون بإشكالهم، وإنما العبرة بدينهم وأخلاقهم، ثم بأمانتهم وإحسانهم، وبمقدار نجاحهم وتواصلهم مع غيرهم وإنجازاتهم، قالت الفتاة العاقلة الحيية: ((يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين))[القصص:26]، وهذه هي الأمور التي تمدح في الرجل، ومرحبا بك في موقعك ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
ومن هنا فنحن ندعوك إلى النظر في إيجابيات الرجل، وتذكري أنه لا يوجد رجل ولا امرأة بدون سلبيات ونقائص؛ لأننا بشر، والمطلوب هو الموازنة بين السلبيات والإيجابيات، وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته، وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه، ومن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط.
وقد أسعدني إدراكك لمسألة العمر، وأرجو أن تتأملي الفرص المتاحة أمامك، وتفكري في البدائل، فإن الحياة فرص، والخاطب المتدين صاحب الأخلاق كالعملة النادرة، ووقوفه معك وإحسانه من دلائل الخير الذي فيه.
ولا يخفى عليك أن المسلمة تستخير وتستشير، ولأهمية الاستخارة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها لأصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن، والاستخارة فيها طلب الدلالة على الخير ممن بيده الخير سبحانه، والإنسان لا يدري أين يكون الخير، ولذلك فإننا نفعل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهاب، ونستعين بمالك الأكوان.
كما أرجو أن تسترشدي برأي والديك ومحارمك، فإنهم أحرص الناس على مصلحتك، وأعرف الناس بأحوالك وأحوال من يتقدم إليك، ولو لم يكن في ابن خالتك عيب إلا خداعه لك لكان في ذلك درس، وأي درس وأنت عنده بمنزلة البنت والأخت!
وأجد في نفسي ميلا إلى أن أنصحك بالقبول بصاحب الدين والأخلاق والإحسان الذي طلب يدك على كتاب الله وسنة رسوله، ولكني مع ذلك أؤكد لك أن الأمر بيدك أولا وأخيرا، والارتياح والقبول أمر له أهمية، ولكن تذكري أن الحب من الرحمن، وأن البغض من الشيطان كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، ثم وضح ذلك فقال: (يريد الشيطان أن يبغض لكم ما أحل الله لكم)، فتعوذي بالله من الشيطان، وتذكري ما في الرجل من الدين والخير والإحسان، واعلمي أن طلب الكمال من المحال، ونسأل الله أن يصلح لك الحاضر والمآل، وأن يصرف عنك السوء والشر والكبر والاختيال، ومرحبا بك في موقعك وبين آباء وإخوان يسألون الله أن يحقق لك الآمال.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وأنصحك بأن تكون كافة علاقاتك وفق الضوابط الشرعية، واطلبي من كل من يطلب يديك أن يأتي داركم من الباب، وأن يتقدم لمحارمك الأحباب، ونسأل الله أن يوفقك للصواب.
وبالله التوفيق والسداد.