السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة متزوجة ولدي طفلان، ومشكلتي تكمن في الكسل الكبير الذي يمنعني من القيام بكل شيء، حتى الأشياء التي أحبها، فأحيانا أرغب بشدة في الخروج من المنزل، ولكني أشعر بكسل وخمول يمنعاني من ذلك فأحرم نفسي من الخروج وأبقى في البيت حزينة متحسرة، وكذلك أعمال البيت رغم بساطتها ورغم حبي لأن يكون بيتي مرتبا، لكن الكسل والخمول يجعلانني أشعر وكأن الأعمال جبال أريد نقلها من مكان لآخر، فأشعر بعدم الرغبة بذلك، وأجلس أنظر لما حولي وأتألم بداخلي.
هذا الشيء لم يكن يصيبني قبل زواجي أو لربما كان يأتيني لكن بدرجة قليلة جدا، خاصة أني كنت منشغلة بدراستي، لكني لا أذكر يوما أني امتنعت من الذهاب لمكان أحبه بسبب الخمول والكسل، لربما امتنعت عن الأعمال المنزلية أو بالأحرى أجلتها بعض الوقت رغبة بإنهاء واجباتي الدراسية، وأحيانا كنت أعطي أختي الأكبر مني مالا لتقوم بأعمالي بدلا مني؛ لرغبتي بالدراسة وإنهاء واجباتي.
وأما الآن فلم أعد أستطيع القراءة رغم أني كنت في السابق أقرأ كل يوم جزءا من القرآن، ولكني الآن أقرأ كل يوم عشر آيات، وأشعر بتعب أو ملل عندما أقرأ، وأحيانا لا أقرأ، وفي السابق كنت أقوم الليل، والآن لا أصلي السنن، وأصبحت أكره نفسي بسبب هذا الكسل الفظيع، وأصبحت أشعر بأني غير نافعة أبدا.
وقد أخذ أولادي قسما كبيرا من وقتي، وخاصة الرضيع، فهو يريد أن يبقى بجانبي، ونومه خلال النهار قليل، وزوجي يلومني إن سقط الطفل على الأرض؛ مما جعل كسلي وخمولي يمتزج مع خوفي من أن أترك رضيعي وألتهي بعملي فيسقط الرضيع ويصيبه مكروه، خاصة أنه الآن بدأ بالوقوف مع الأشياء، وزوجي يغيب طول النهار عن البيت، وهذا كله يشكل هما كبيرا يحرمني متعة الحياة.
علما بأني أعاني من تشنج القولون العصبي، ولا أعرف إن كان له علاقة بما يحصل معي؟ وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ح.ص حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأعتقد أن أفضل ما نبدأ به الإجابة على رسالتك هذه هو الدعاء المأثور: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل).
أيتها الفاضلة الكريمة! رسالتك واضحة جدا، وهذا الكسل المطبق عليك ربما تكون له عدة أسباب، ويأتي على رأس هذه الأسباب وجود اكتئاب نفسي؛ فالاكتئاب النفسي من سماته الرئيسة -خاصة عند بعض النساء- افتقاد الطاقات الجسدية والطاقات النفسية؛ مما ينتج عنه التراخي وضعف الهمة، وافتقاد الجلد، وعدم الاستمتاع بما ينفذه الإنسان، وعدم الشعور بالرضا.
وأنت ذكرت في نهاية رسالتك أنك تعانين من اضطراب القولون العصبي، وهذا في حد ذاته قد يكون رابطا أساسيا لظهور هذا الاكتئاب، بمعنى آخر: أن القولون العصبي -وسمي عصبيا من العصاب– مؤشر على وجود المكون النفسي القلقي أو الاكتئابي لديك في الأصل.
الاكتئاب يمكن علاجه، وقبل أن أشرع في بعض التوجيهات الخاصة في علاجه أريدك أن تتأكدي أيضا من بعض الجوانب العضوية، وأهم جانب عضوي التأكد منه هو وظائف الغدة الدرقية؛ حيث إن ضعف إفراز الغدة الدرقية وعجزها قد يؤدي أيضا إلى أعراض الخمول والكسل والكدر والتردد وعدم الفعالية، وهذا فحص بسيط، ويمكنك في ذات الوقت أيضا أن تتأكدي من فحص نسبة الهيموجلوبين لديك، هذه احتياطات طبية أساسية؛ لأن الأنيميا (فقر الدم) أو غير ذلك كعجز الغدة الدرقية قد يعطي أيضا أعراضا مشابهة، فأرجو القيام بهذه الفحوصات؛ وذلك بهدف التأكد فقط، وإن وجدت أي علة فسوف يتم علاجها؛ فالعلاج بسيط جدا في مثل هذه الحالات.
أقول هذه المعلومة فيما يخص الجانب العضوي بهدف التأكد، لكن قناعاتي كبيرة أن حالتك ناتجة من الاكتئاب النفسي؛ ولذا أرجو اتباع الآتي:
1) لا تقللي من شأن نفسك ومقدراتك، وكوني إيجابية في تفكيرك، فأنت الحمد لله صاحبة نعم: لديك الزوج، لديك الذرية، وقد قمت بالدراسة، وحريصة على قراءة القرآن، فهذه إيجابيات وربما توجد إيجابيات أخرى كثيرة لا علم لي بها، يجب أن يكون هناك تركيز عليها؛ وذلك بتفهمها والقناعة بها، ومحاولة تطويرها وعدم احتقارها.
2) اعرفي أن كل الأعمال تتطلب النية، العبادات تتطلب النية، وواجبات الحياة تتطلب النية، والإنسان حين يعقد نيته بجدية ومسئولية وصدق يستطيع أن ينفذ، وعليه لابد أن تضعي برامج يومية لتنفذيها، ابدئي بما هو بسيط، لكن حتمي على نفسك أنك يجب أن تنفذي هذه البرامج بكل دقة.
3) عليك بممارسة الرياضة، فالرياضة مهمة جدا، وهي تجدد الطاقات، وتزيل الاكتئاب، وترفع من الهمة الجسدية والنفسية.
4) أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي مضاد للاكتئاب، ومن أفضل الأدوية التي تفيد في حالتك العقار الذي يعرف تجاريا باسم (بروزاك) ويسمى علميا باسم (فلوكستين)، ويمكنك أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة، وقوة الكبسولة عشرون مليجراما، تناوليها يوميا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراما – واستمري عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
لابد أن يكون هناك التزام بجرعة الدواء والمدة المقررة، فهذه هي عوامل النجاح الأساسية لهذه الأدوية، نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.