القلق بسبب المخاوف المرضية

0 595

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري (34) سنة، وزني (118) كيلو، وطولي (180) سم.

عندما يشكو جسمي من أي شيء دائما ما أبدأ في تفسيرات وتأويلات مختلفة بسبب كثرة قراءتي في المواضيع الطبية، ولا أتحمل الألم، فدائما ما أسرع لأخذ مسكنات الألم الباراستامول (البندول والسولبادين)، الفولتارين (روفيناك، بروفين) حالما أشكو من أي شيء.

في العام الماضي أصبت إصابة رياضية بالكاحل الأيمن، ولم تشف يشكل كامل، حيث إنني أشعر ببعض الألم، وخاصة مع التكييف، فلم أتركها في حالها، ودائما ما أفكر في الألم، وألوم نفسي أنني لعبت في ذلك اليوم، وذهبت أعالجها عن طريق الموجات الصوتية، (Ultra sound)، والليزر.

أيضا عن طريق الكهرباء.

(Http://www.***.eu/app/ankle.htm) وبعد مدة أصبحت أشعر بإحساس غريب في الرجل الأخرى، وكأنها هالة برودة أو حرارة، وأصبحت الأفكار تراودني، وقراءتي زادت لكي أعرف كيف أتخلص من هذه الحالة، لأنني ظننت أن الكهرباء أثرت على الأعصاب، وبدأت أشعر بالندم أكثر، حيث أصبحت قدماي دائما باردة، وأصبحت لا أتحمل البرد، فذهبت إلى الدكتور وعمل لي تحليل سكر، والغدة الدرقية وكان التحليل سليما.

وصف لي دواء (Gabapentin) لاعتلال الأعصاب، وبعد قراءتي لنشرة الدواء لم أؤمن بأن لدي اعتلالا في الأعصاب، ومن ثم اتجهت إلى التدليك اليدوي، والإبر الصينية، فبعد جلستين شعرت بالتحسن، ولكن في الجلسة الثالثة بدأت أشعر ببعض القلق، وعندما ذهبت إلى السيارة شعرت ببعض التنميل في الجزء الخلفي للفخذ الأيمن، فبدأت تـأخذني الأفكار يمينا وشمالا، وزاد القلق والتوتر عندي بأنني اصطنعت لنفسي أكثر من مصيبة.

شعرت بحالة خوف وضيق نفس، وسماع ضربات القلب، وذهبت للمستشفى في تلك الليلة، وكان الضغط مرتفعا، ولكن حاولت تهدئة نفسي، حيث أني أعلم أن الذي أعانيه هو حالة نفسية جسدية حقيقية، منشؤها القلق النفسي.

وهذا بعد أن قرأت معظم استشاراتكم -حفظكم الله- ولكن بدأت أشعر بإحساس غريب في رأسي مثل الوخز أو الكهرباء وأيضا في عيني تذهب وتأتي، قررت الذهاب إلى طبيب نفسي وكنت قلقا وأشعر بالضيق، وضيق النفس والكهرباء حتى جاء الموعد.

شخصني بأن لدي وساوس قهرية، حيث تلازمني الأفكار ولا أستطيع الهرب منها، ووصف لي سبراليكس لمدة أسبوعين (10) مليجرام صباحا لمدة أسبوع ثم (15) مليجرام الأسبوع الثاني، ولكني التزمت ب (10) مليجرام منذ أسبوعين إلى الآن وأضفت إليهم دوجماتيل (50) مليجرام صباحا ومساء.

في بداية أخذي للدواء دائما أشعر ببعض الرجفة وهبوط في دقات القلب، أما الآن فأشعر بجفاف الفم، وجفاف العين كأن رأسي خال من السوائل، وهناك شعور غريب في رأسي، وخلف الأذن، ولكن ليس بصداع الألم، وإنما كأنه تهيج في رأسي، مثل الدردشة وأعلى الرأس كأنه متوتر قليلا (Tense) وخلال الأسبوعين راودني (3) كوابيس آخرها أنني أحسست بقوة الكهرباء في رأسي، وجلست منها مفزوعا علما بأنها المرة الأولى في حياتي يصيبني شيء مثل ذلك.

من المكن أن تكون عضلات فروة الرأس منقبضة، ففكرت أن آخذ مرخي للعضلات (Chlorozoxazone)، ولكنها ليست بالشديدة التي تجعلني أفكر أنها صداع توتري، مثل الذي أصابني قبل (3) سنوات عندما كنت تحت ضغط الدراسات العليا.

الحمد لله التوتر ومتلازمة الأفكار خفت، ولكن إحساسي بالبرودة في قدمي، والآن الأحاسيس الغريبة في رأسي هي أحاسيس حقيقية تربك أفكاري.

كل يوم أستيقظ في الصباح أتمنى أنها زالت، ولكنها دائما موجودة، وبعض الأحيان أفكر بأن هذا الإحساس بسبب نقص السيروتين في المخ، مما يجعلني أشعر بهذا الشعور.

أنا الآن ملتزم بالدواء، وأحاول التقلب على الأفكار، والأحاسيس والوساوس، ولكن أريد سماع نصائحكم الغالية، وهل علاجي الذي ذكرته هو المناسب، وأتمنى من الله الشفاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي استخلصته من رسالتك أنك بالفعل تعاني من القلق الوسواسي، والذي قادك إلى مخاوف مرضية.

بالنسبة للآلام الجسدية أنا لا أتجاهلها التجاهل التام، وأقول لك: إنه ربما يكون لديك نوع من الانقباضات العضلية، وهذه تعتبر من الحالات الحميدة والشائعة الانتشار، ولكن الإنسان إذا كان لديه القابلية للقلق والتوتر والمخاوف يبدأ في تضخيم هذه الأعراض بصورة مرضية جدا، مما قد يقوده إلى ما يعرف بالمراء المرضي، والذي قد يسميه البعض بالتوهم المرضي.

حقيقة -أخي الكريم- المخاوف المرضية أصبحت الآن منتشرة كثيرا في زماننا، وذلك نسبة لما نقرأه وما نسمعه عن الأمراض وتطور الأبحاث وكذلك وسائل الفحص، وافتقاد للطمأنينة بصفة عامة.

الحالة -إن شاء الله- بسيطة، وهذا يجب أن أؤكده لك. أعرف أنها تسبب لك الكثير من الانزعاج، وتسبب لك الكثير من الوسوسة، ولكن في نهاية الأمر وإن كانت مزعجة لكنها ليست خطيرة أبدا.

الذي أرجوه منك هو أن لا تتنقل بين الأطباء، هذه وصية أخوية خاصة أبعثها لك، لا أقول لك اهمل نفسك، أبدا، لكن الكثرة في التنقل بين الأطباء من مختص إلى آخر يزيد أحيانا من القلق المرضي؛ لأن كل طبيب قد يعطيك تفسيرا وقد تسمع من هذا قول متضارب مع قول الآخر، وهكذا، دون أن يقصد الأطباء ذلك، والطريقة الأفضل والأمثل هي أن يكون لديك طبيب واحد تثق فيه، مثلا طبيب الأسرة المختص في طب الأسرة أو طبيب مختص في الأمراض الباطنية أو حتى كان ممارسا عاما من الذين تثق فيهم وتراجعه من وقت لآخر، مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، هذا فيه الكثير من العلاج النفسي والجسدي الذي يبعث على الطمأنينة.

ثانيا: أنصحك حقيقة أن لا تكثر من التعاطي مع المسكنات، خاصة البنادول والبروفين والفولترين، هذه كلها أدوية بها مضاعفات ومشاكل طبية كثيرة خاصة على الكلى، والآن هناك دراسات كثيرة جدا تشير إلى أن بعض الناس يحدث لهم إدمان شديد على المسكنات، والمسكنات نفسها قد تنتهي بالإنسان أن يصاب بآلام جسدية، هذا قد يكون فيه شيء من المفارقة والاستغراب لكنها حقيقة علمية، فأنصحك أن لا تكثر منها.

ثالثا: أرجو أن تمارس الرياضة، الرياضة فيها فائدة كبيرة جدا للجسد وللنفس وللمزاج، ونعرف الآن أن الرياضيين أحسن الناس نوما واستقرارا من الناحية النفسية والجسدية، ولا يشتكون من مثل هذه الآلام، والرياضة أثبت أنها تنشط الكثير من المسارات البيولوجية المطلوبة لإراحة النفس واسترخائها فكن حريصا على ذلك.

رابعا: لا بد من أن لا تترك للفراغ مجالا ليتصيدك ويجعلك تركز حتى على الأعراض البسيطة في نفسك. كن فعالا في محيطك وعملك، تواصل اجتماعيا، اطلع، اقرأ، ثقف نفسك، روح عن نفسك بما هو متاح، احضر حلقات تلاوة القرآن الكريم، احضر الدروس والمحاضرات ومجالس العلم فهذه كلها إن شاء الله فيها خير كثير بالنسبة لك.

بالنسبة للعلاج الدوائي أنا أقول لك أن السبرالكس دواء ممتاز، وفعال جدا، لكن حقيقة جرعة العشرة مليجرام أبدا ليست بجرعة علاجية في كثير من الحالات، وأقول لك خاصة -ما شاء الله- وزنك مائة وثمانية عشر كيلو، فهذه الجرعة لن تكون جرعة علاجية بالنسبة لك، وأنصحك أن ترفعها مباشرة إلى عشرين مليجراما وليس هنالك ما يدعو لأن تنتقل إلى خمسة عشر مليجرام كجرعة وسطية، خذ عشرون مليجراما واستمر عليها على الأقل لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام.

الدوجماتيل لا شك أنه دواء مدعم جدا وممتاز، ويمكن أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما مرتين أو ثلاثة في اليوم، واستعمله لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، بعد ذلك توقف عن تناوله.

هذا هو الذي أنصحك به، وأرجو أن تتبع ما ذكرناه لك من نصائح، وكن إيجابيا في تفكيرك، ولابد أن تتجاهل أي فكر وسواسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات