السؤال
لدي فوبيا من الطائرة، قبل السفر بأيام -والله- أحس بموتي أمامي، حتى أحلامي كلها تكون عن سقوط الطائرة، مع العلم أنها ليست أول مرة أسافر فيها، ولكن عندما أكون في الطائرة أصرخ مع كل مطب هوائي، وأتخيل الطيارة وهي تسقط.
أعاني من الفوبيا الشديدة من الطائرة، وأشعر أنها اختراع مميت، وعندما أصل للبلاد التي أسافر لها، أتمنى ألا أرجع لبلدي بالطائرة، أتمنى الرجوع بأي وسيلة إلا الطائرة، صدقوني فوبيا تجعلني أجن من وصولي للمطار، وعندما أكون في غرفتي حينما أسمع صوت طائرة قريبة من الأرض، أركض خوفا من سقوطها على البيت، بصراحة بدأت أجن من هذه الفوبيا من الطائرات، أرجوكم ساعدوني؛ لأني بدأت أحلم بطائرات تسقط بي مع سماع صراخ الركاب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن الخوف من ركوب الطائرات يعتبر من الناحية التشخيصية هو أحد المخاوف البسيطة، ولا نعني بالبسيطة أنها غير شديدة، نعني أن الخوف موجه نحو موضوع واحد أو عنصر واحد، وهذه المخاوف يمكن أن تستبدل بمخاوف أخرى.
هذا النوع من الخوف بالطبع هو خوف مكتسب، ربما نتج عن خبرة سابقة أو فكرة خاطئة عن الطائرات، أو خبر استمعت إليه حول حادث طائرة، فهذه الخبرة السابقة حتى وإن كانت بسيطة، لاشك أنها هي السبب في هذا النوع من الخوف، وبما أن الخوف مكتسب في الأصل، فطريقة علاجه تقوم على مبدأ أن الشيء المكتسب أو المتعلم يمكن أن يفقد عن طريق التعليم المضاد، وعليه فالخطوة الأولى هي التدبر والتفكر والتمعن في نوعية هذا الخوف، لا تتقبليه دون أن تناقشيه مع نفسك، وهذا النقاش يجب أن يدور حول لماذا أخاف؟ لماذا لا أكون مثل الآخرين؟ الطائرات هي من الاكتشافات العظيمة، وملايين الناس تركب هذه الطائرات، حوادثها وإن كانت شديدة ولكنها أقل كثيرا من حوادث السيارات، نوع من النقاش المنطقي الداخلي الفكري، هذه هي خطوة العلاج الأولى.
الخطوة الثانية هي أن تفكري في السفر، إذا أردت مثلا أن تسافري من منطقة إلى منطقة لابد أن يحتاج الإنسان إلى إعداد، لا تفكري فقط في الذهاب إلى المطار وركوب الطائرة، ولكن فكري في الخطوات المطلوبة قبل السفر من حصول على التأشيرات وتجهيز الحقائب والحصول على التذاكر والحجز والفنادق، عيشي هذا الخيال هذه الرحلة منذ بدايتها، وهذا يخفف كثيرا من عملية الخوف من الطائرة.
ثالثا: تذكري دعاء الركوب وما يحتويه هذا الدعاء العظيم، ويقرن بدعاء السفر، وتأملي في هذا الدعاء، تقرأ هذه الأدعية بتدبر وتأمل، ويا حبذا لو قرأت عن شرحها أيضا؛ لأن هذا مهم جدا، وكثير من الذين يخافون من ركوب الطائرات وغيرها تغلبوا على خوفهم من خلال التأمل في دعاء السفر وفي دعاء الركوب.
النقطة الرابعة: هي أن تدربي نفسك على تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء هي مضادة لأي نوع من القلق أو أي نوع من التوتر والخوف، وهذه التمارين يمكنك أن تتدربي عليها من خلال تصفح أحد المواقع على الإنترنت التي تتحدث عن كيفية تطبيق هذه تمارين الاسترخاء، وهنالك طريقة بسيطة جدا تعرف بطريقة جاكبسون.
خامسا: أريدك أن تقرئي عن الطائرات، عن هذا الاكتشاف العظيم، كيف كانت البدايات، وكيف تطورت هذه الطائرات، وما هو آت في المستقبل، لا تتجنبي القراءة عنها أبدا.
سادسا: هنالك أدوية تساعد في علاج هذا الخوف، منها دواء يعرف علميا باسم (سيرترالين) ويعرف تجاريا باسم (زولفت) أو (لسترال) أنصحك أن تتناوليه لمدة عام، ابدئي بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – تناوليها يوميا ليلا بعد الأكل، وبعد عشرين يوما ارفعي هذه الجرعة إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة عشرة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة لمدة شهر، ثم إلى نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهذا الدواء من الأدوية المفيدة والممتازة والفاعلة لعلاج المخاوف البسيطة بصفة عامة.
هنالك بعض الناس يستعمل أيضا دواء يعرف تجاريا باسم (إندرال) وهو دواء جيد، لا مانع من تناوله لمدة يومين قبل السفر، بجرعة عشرين مليجراما في اليوم، على أن تكون الجرعة الأخيرة عشرين مليجراما ساعتين قبل موعد ركوب الطائرة.
وهنالك دواء آخر يعرف تجاريا باسم (زاناكس) يستعمل أيضا كدواء إسعافي، ولكن لا أعتقد أنك سوف تكونين في حاجة إليه ما دمت قد التزمت بالتعليمات السابقة، وتناولك لعقار سيرترالين بصورة منتظمة، والإندرال عند اللزوم.
أنصحك بأن تبدئي برنامج رحلات سفر متعددة متى ما أتيحت لك الفرصة، عرضي نفسك للطائرات، وذلك من خلال تكرار السفر متى ما كان ذلك ممكنا؛ لأن التعرض مع منع الاستجابة السلبية هو القانون السلوكي الذهبي الذي من خلاله يتم علاج المخاوف.
أسأل الله لك العافية والشفاء والسلامة، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.