السؤال
أنا شاب في السابعة عشرة من عمري، لدي مشكل نفسي، يتجلى في خوفي من مواجهة الآخر والتكلم معه بكل أريحية، وهذا يدفعني إلى الركون إلى الزاوية وتجنب الآخر، والسبب في ذلك هو:
1- الخوف من أن أقول خطأ فأحرج وينظر إلي نظرة مغايرة، وهذا يحصل معي كثيرا في حياتي الدراسية.
2- السلطة المعرفية أو الأخلاقية الدينية التي يمارسها علي الآخر بشكل غير مباشر، عندما أكلم أستإذا أو فقيها أتلعثم في الكلام وينقطع صوتي فجأة.
3- المواقف الجدالية الشجاعة كالمناظرة، وترجل المواضيع، خصوصا الحساسة.
ساعدونا، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ Yassine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فمشكلتك - إن شاء الله - بسيطة جدا، فأنت تعاني من درجة بسيطة مما نسميه قلق المواجهات، والذي يسميه البعض أيضا الرهاب الاجتماعي، لكن القلق الذي تعاني منه هو بدرجة بسيطة، وليس من النوع الشديد.
يعرف أن الإنسان يحتاج للقلق كطاقة محركة، فالإنسان لا يمكن أن يؤدي أداء جيدا في أي موقف إذا لم يكن هنالك نوع من القلق، فالقلق إذن ظاهرة صحية جدا، لكن حين يتعدى حدوده ويبدأ الإنسان في التسلط على نفسه ومراقبتها بشدة، وحين يريد أن يكون مثاليا -لدرجة خرافية- لا يرتكب أي خطأ، هنا سوف يحدث نوع من الأثر السلبي الذي قد يظهر في شكل تلعثم أو أن الإنسان يتخيل أنه يتلعثم، وهذا يحدث كثيرا في المواقف الاجتماعية.
أيها الابن الكريم: أولا أريدك أن تغير بعض مفاهيمك، فأنت لست تحت المراقبة من قبل الآخرين، حين تتحدث إلى أي إنسان أعرف أن هذا الإنسان أيضا مشغول بنفسه، يريد أيضا أن يؤدي أداء حسنا مثل ما تؤدي أنت، فالإنسان حتى وإن كان مدرسا أو معلما، أو الفقيه، همه هو أن يكون أداؤه جيدا ومتوازنا ومفهوما، إذن هذا يتطلب منه طاقة نفسية كبيرة، ولن يشتت طاقته في أن يراقبك، هذا أمر مهم جدا.
الأمر الثاني: هو أننا حين نخاطب أي إنسان يجب أن نعرف أن هذا الإنسان هو بشر مثلنا، لا يميزه أي شيء حتى وإن كان صاحب سلطة أو صاحب موقع أو صاحب منصب، ففي نهاية الأمر هو بشر مثلنا، ينام ويأكل ويشرب ويذهب إلى بيت الخلاء ويمرض ويموت مثل بقية البشر، هذا لا يعني أننا نقلل من قيمته كإنسان أبدا، ليس هكذا، لكن يجب أن لا نضعه أيضا في موقف أو موقع فوقي، هذا من الأسس السلوكية المهمة جدا، والتي يجب أن نركز عليها كثيرا.
هنالك أيضا مواضع هامة جدا، وهي أن تركز أنت على المواجهات؛ لأن التجنب ليس جيدا، مثلا في صلاة الجماعة كن دائما في الصف الأول، شارك في حلقات تلاوة القرآن، زود نفسك بالمعلومات الجيدة، فالمعلومات تساعد الإنسان في أن يكون مفوها وطلقا، وواثقا من نفسه حين يتحدث مع الآخرين.
مارس الرياضة الجماعية مثل كرة القدم مثلا، هنا أنت تحتاج أن تتفاعل مع الآخرين بصورة مباشرة وغير مباشرة، وهذا وجد أنه ذو قيمة علاجية كبيرة جدا.
هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، أريدك أيضا أن تطبقها، وللحصول على وسائل تطبيقها يمكنك أن تتحصل على كتيب أو شريط أو (CD) أو تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.
بقي أن أقول لك: هنالك أدوية ممتازة جدا، وفاعلة جدا لعلاج حالات القلق والخوف وما نسميه بالقلق الاجتماعي، هنالك دواء يعرف تجاريا باسم (أنفرانيل) واسمه العلمي (كلوإمبرمين) أرجو أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما، تناوله ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.
هنالك دواء بديل آخر إذا لم تتحصل على الأنفرانيل، الدواء البديل يعرف تجاريا باسم (فافرين) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين) يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما، تناولها ليلا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها مائة مليجرام ليلا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذه الأدوية أدوية سليمة، الأنفرانيل ربما يؤدي إلى الشعور بالجفاف في الفم في الأيام الأولى، وكلا الدواءين ربما يزيد النوم قليلا في بداية التعاطي، لكنها أدوية سليمة غير إدمانية وليس لها أي مضار.
أيها الابن الكريم: أرجو أن تتبع ما ذكرناه لك من إرشاد وتتناول أحد الأدوية التي ذكرناها، وتجتهد في دراستك، فالمستقبل لك - إن شاء الله تعالى - وهذه من الحالات البسيطة التي سوف تزول تماما - بإذن الله تعالى - .
وللفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب:
(269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ) .
نسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.