السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أولا: أود أن أشكركم على كل ما تفعلونه من جهد في هذا المنتدى الأكثر من رائع.
ثانيا: أطرح عليكم استشارتي وأرجو من حضرتكم الرد في أسرع وقت.
أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاما, منذ عام ونصف مررت بتجربة عاطفية فاشلة, أفقدتني كل قواي, ولكني استجمعتها من جديد, ومن ذلك الحين وأنا لست بأنا فقد أصبحت على النقيض تماما, فقد كنت اجتماعية من الطراز الأول, وأحب الذهاب للتنزه والتسوق, وأحب الأصدقاء والكلية, وأنا الآن غير ذلك كله فقد أصبحت انطوائية بشكل مفاجئ, أمكث في البيت الأشهر الطوال, ولا أشعر بحاجة للخروج, وأصبحت عندي رغبة واحدة هي: أن لا أرى أحدا, وفقدت معظم علاقاتي, ولكن هذا لم يؤثر علي أبدا فقد رحبت بذلك, ولم أعد أذهب إلى كليتي.
أصبت بحالة من الزهد في كل شيء, ولا أفكر سوى بالموت والحساب والقبر, وأرتكب الأخطاء, وأعود إليها ثانية, وهذا ما يؤرقني, وأحاول أن أتقرب إلى الله ولكني أحس بأنه لا يقبلني .
وغير ذلك فقد أصابتني حالة من النوم والنعاس الشديد, حتى أني متى وضعت رأسي على وسادة ذهبت في نوم عميق لا يوجد به إلا أحلام مزعجة وكوابيس, حتى أني أستيقظ من النوم فجأة لأجد يدي وقدمي كأنها ملئت بأكياس من الرمل لثقلهم ومن التنميل, ولا أعرف لذلك سببا, بالإضافة إلى أنني أشعر بألم شديد في عضلاتي وسيقاني, وكأني أهدم الجدران هدما, مع العلم بأني لا أفعل أي مجهود, وأصبحت متأخرة في الإدراك, وعقلي يكاد لا يفهم الأشياء إلا بعد عناء, إلى جانب عدم وجود التركيز.
أرجوكم أفيدوني، إلى أي طبيب أذهب؟ وماذا أفعل؟ فأنا على وشك امتحانات، وجزاكم الله كل خير عنا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mera حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فالأعراض التي تعانين منها من شعور بالإحباط والانطوائية وافتقاد الدافعية وكثرة النوم والآلام الجسدية والانزواء وضعف التركيز، هي علامات وحيثيات تشير إلى أنك تعانين من درجة بسيطة إلى متوسطة من الاكتئاب النفسي، وهو نتاج للحالة العاطفية التي مررت بها، ووصفتها بأنها فشلت، بالرغم من تقادم هذا الحدث حيث إنه قد مضى عليه وقت ليس بالقصير، لكن يعرف أن هذه الهزات النفسية ربما تحدث كنوع من الارتجاع النفسي، أي أن الحدث يكون قد انقضى وتخطاه الإنسان بكل اقتدار ولكن بعد فترة من الوقت ربما تظهر أعراض نفسية تكون غالبا جزءا من عدم القدرة على التكيف والتطبع.
عموما هي حالة نفسية بسيطة -إن شاء الله تعالى- وسوف يتم علاجها بإذن الله تعالى.
أنت حاولت جل جهدك في أن تتخطي المشكلة العاطفية التي انتهت، ويظهر أنك واجهت الأمور بكل شجاعة وعقلانية، فلا تأسي على ما فاتك, ولا تلومي نفسك أبدا فيما حدث، ولكنها تجربة يجب أن تستفيدي منها، وتتعظي.
الأفكار التي تأتيك الآن حول أن الله تعالى لن يقبلك عنده، هذا فكر خاطئ، فكر ليس صحيحا، فرحمة الله واسعة، وهو يفرح برجوع عبده إليه فرحا عظيما وصفه لنا النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ضربه لرجل كان بأرض فلاة وكانت معه دابته عليها طعامه وشرابه، فنام ثم استيقظ ولم يجد دابته ومعها طعامه وشرابه، فأيقن الموت، ثم إذ بدابته عنده، فقال من شدته فرحه: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) أخطأ من شدة الفرح، فالله أشد فرحا من توبة أحدنا من هذا الرجل برجوع دابته وعليها طعامه وشرابه.
فإن شاء الله تعالى بتقربك وبطاعتك -وأن تكوني في معية الله تعالى- سوف تحسين بالطمأنينة أيتها الفاضلة الكريمة.
أنت سؤالك محدد جدا إلى أي طبيب تذهبين؟ لا شك أنك سوف تجدين العون الكامل من الطبيب النفسي، والاكتئاب في مثل هذه الحالات لابد أن يعالج عن طريق الأدوية، وتوجد أدوية فعالة وممتازة جدا، فإذا اتسع وقتك وكانت ظروفك متاحة اذهبي إلى الطبيب النفسي، أما إذا لم تتح لك هذه الفرصة فيمكنك أن تحضري أحد الأدوية المضادة للاكتئاب والتي تعرف فعاليتها في مثل هذا الاكتئاب الظرفي البسيط.
من أفضل هذه الأدوية دواء يعرف تجاريا باسم (فلوزاك) واسمه الآخر هو (بروزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين) يمكنك أن تتناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
يفضل تناول هذا الدواء بعد الأكل، وهو من الأدوية الجيدة والسليمة والفعالة جدا، وسوف يزيل -إن شاء الله- هذه الحالة الاكتئابية عنك.
بالطبع جاهدي نفسك، لابد أن تساعدي نفسك، وأنصحك أيضا بممارسة أي نوع من التمارين الرياضية التي تناسبك، حاولي أن تنظمي وقتك وركزي على دراستك, وإن شاء الله تعالى سوف تتبدل الأمور بصورة إيجابية جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح.