عندما أذهب لأي مكان أشعر بالرغبة في الاستفراغ، ما هو الحل؟

0 345

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور الفاضل محمد عبد العليم حفظه الله
أنقذني يا دكتور من حالتي - أنقذك الله من النار أنت ووالديك وجميع المسلمين -
أنا يا دكتور أبلغ من العمر 31 عاما، أريد أن أشرح لك حالتي النفسية، بدأت منذ الطفولة عندما أريد أن أذهب للمدرسة أو للملاهي، أو لأي مكان، أشعر بالرغبة في الاستفراغ، وأشعر بتوتر وقلق، ولكن عندما أدخل المدرسة أو الملاهي تزول هذه الحالة تماما، وأصبح إنسانا طبيعيا.

استمرت هذه المشكلة معي عندما كبرت، ولكن الآن منذ سنتين أصبحت تأتي بصورة مختلفة, فالآن عندما يقوم بدعوتي أحد الأصدقاء أو تتم دعوتي لإحدى المناسبات ينتابني قلق وتوتر وخوف واضطراب، ورغبة شديدة بالاستفراغ، وخاصة قبل المناسبة، والخوف الشديد من الأكل في هذه المناسبات - خاصة العائلية - لخوفي أنه عندما آكل سوف أقوم بالاستفراغ أمام الناس أو خوفي أنه لا يعجبني الأكل، وأشعر بالاستفراغ، ولكن عندما أجلس معهم تبدأ بالزوال تدريجيا هذه الحالة، وكذلك عندما أكون مع زوجتي مثلا في أحد المطاعم، وأفكر بالاستفراغ وأنني ربما أستفرغ أمام الناس، أقوم من على الطاولة، وأخرج من المطعم فورا.

كذلك يا دكتور لا أستطيع أن آكل شيئا عند ذهابي للعمل، لخوفي أن أقابل أحدا، لأنني لو قابلت شخصا وأنا شبعان أشعر بالاستفراغ مباشرة، وكذلك يا دكتور في أيام رمضان عندما أفطر وأذهب للمسجد تنتابني هذه الحالة من الخوف أن أستفرغ أمام المصلين، فهي تتركز عند الشبع وحول الأكل والخوف من الاستفراغ، والعلامات التي تظهر علي هي برودة أطراف، وخفقان، وقلق شديد جدا.

اعذرني يا دكتور على الإطالة، وأتمنى أن تنقذني بدواء فعال لمثل حالتي وكيفية الاستخدام، وجزيت الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أعاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأرجو أن أطمئنك أن هذه الحالة بسيطة، وهذا هو الذي أبدأ به، وأنا أقدر كمية الجزع والفزع والمعاناة التي تحدث لك، لكن حالتك نسميها في علوم الطب النفسي بقلق المخاوف الوسواسي، هنالك قلق، هنالك مخاوف، وهنالك وساوس، وأعتقد أنك تتفق معي على هذا، ويعرف تماما أن المخاوف لا تتحقق، أي الشيء الذي يخاف منه الإنسان لا يتحقق، وكذلك الوساوس، هذه حقيقة علمية أرجو أن تتفكر فيها وتتأمل فيها، وأرجو أن تأخذ بها.

يظهر أن ما حدث لك في فترة الطفولة هو جزء مما نسميه بقلق الفراق، الإنسان حين يكون صغيرا في السن يجد صعوبة شديدة في فراق المنزل، وهذا قد يظهر في شكل أعراض نفسوجسدية، ومن أكثر الأعراض التي نشاهدها هي الرغبة في الاستفراغ، وبكل أسف يتهم هؤلاء الصغار في بعض المرات بأنهم لا يريدون الدراسة، كلا... بل هم يريدون الدراسة، ولكن في نفس الوقت لا يريدون فراق أمان المنزل، وفي حالتك كانت تحدث عند الذهاب إلى المدرسة أو حتى للملاهي، وهذا دليل أن أي نوع من التجمعات حتى وإن كانت مفضلة ومرغوبة لكنها تسبب لك المخاوف، إذن هذه حالة مكتسبة وحالة بسيطة جدا كما ذكرت لك.

أخي الكريم: هذا الشرح مهم جدا، لأنه من وجهة نظري هو علاج رئيسي، أي أن المخاوف والوساوس لا تتحقق، أو الشخص لا يقع فيها، هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: مثل هذه الأعراض تعالج بالتحقير، وأنا أركز جدا على كلمة التحقير من الناحية السلوكية، أي أن تخاطب نفسك ذاتيا وتقول لنفسك: (لماذا أهتم بهذا الأمر؟ هذا أمر لا يستحق أن أهتم به، لماذا أفكر فيه؟ أنا لن أستفرغ، أنا مثل بقية خلق الله) هذا يا أخي مهم ومهم جدا.

ثالثا: أرجوك أيضا أن تتذكر مواقف كثيرة حدثت لك في حياتك وأنت - الحمد لله تعالى - تناولت طعامك وقابلت الناس ولم تستفرغ، يجب أن تتأمل مثل هذه الأحداث بصورة إيجابية.

رابعا: أريدك أن تطبق علاجا سلوكيا بسيطا جدا، وهو أن تجلس في مكان هادئ وتفكر في أمر هذا الاستفراغ والرغبة فيه، وتعيش الحدث من أوله بأنك ذهبت وتناولت الطعام ثم أتتك هذه الرغبة، وبعد ذلك وأنت في قمة التركيز في هذه الأفكار قل لنفسك: (قف، قف، قف) حتى تحس بالإجهاد، هنا أنت تخاطب الفكرة الوسواسية، وهذا تمرين بسيط ولكنه مفيد جدا.

النقطة الأخرى هي أن تربط هذه المشاعر بما نسميه بالمنفرات أو المقززات، مثلا بدل من أن تفكر في الاستفراغ عندما تتناول الطعام فكر في أنك تعرضت لرائحة كريهة جدا، ويا حبذا لو وجدت شيئا لتقوم بشمه وتكون رائحته مقززة أو كريهة، هنا المطلوب هو الربط ما بين الأمرين: المنفر - وهو الرائحة الكريهة أو المقززة - ومصدر الخوف أو الوساوس وهو الخوف من الاستفراغ حين الشبع، وهذه التمارين تتطلب التركيز والتكرار والقناعة بفعاليتها.

الجزء الأخير في علاجك: من الواضح أن الأعراض الفسيولوجية كبيرة عندك: الخفقان، برودة الأطراف، والقلق الشديد، لذا أخي الكريم أنت محتاج للأدوية المضادة للقلق والوسواس والمخاوف، وأفضلها العقار الذي يعرف تجاريا باسم (زيروكسات) أرجو أن تتناوله بجرعة نصف حبة - أي عشرة مليجرام - ابدأ في تناولها ليلا بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبة ونصف ليلا واستمر عليها لمدة شهرين، ثم اجعلها حبتين يوميا، يمكنك أن تتناولها كحبة واحدة في الصباح وحبة في المساء، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة ونصف لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أيضا، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، وهو من الأدوية الطيبة والجميلة والممتازة جدا.

أريدك أيضا في الأيام الأولى أن تتناول دواء آخر يعرف تجاريا باسم (فرنجان) تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله، وإذا سبب لك هذا الدواء (فرنجان) زيادة بسيطة في النوم فلا تنزعج لذلك أيها الفاضل الكريم.

من المهم جدا أن تعيش حياتك بفعالية، وأن تتجاهل هذه الأعراض، وأن تطور من مهاراتك الاجتماعية، ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء دائما فيها فائدة كبيرة جدا في مثل هذه الأحوال.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ) .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وثقتك في هذا الموقع وفي شخصي الضعيف، ونسأل الله لنا لك العافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات