السؤال
السلام عليكم.
الدكتور الفاضل:
أنا أعاني مما يسمى بنوبات الهلع (panic attakcs) منذ 3 سنوات، وأنا الآن عمري (22) سنة، ذهبت لأطباء كثر، وفي جميع التخصصات، ووالدي يعمل دكتور قلب وأوعية دموية، وكان دائما يطمئنني ويحاول أن يشرح لي التعامل مع النوبة وكيفية الخروج من الحالة، ولكنني الآن أعاني من أرق شديد، لدرجة أن معدل نومي (3) ساعات كل يومين مرة أو أقل، بدأت أشعر أنني أوشكت على الموت، وهي ليست أول مرة أحس فيها هذا الإحساس، ولكن كل مرة كأن لم تكن التي قبلها، أي تتكرر وبنفس الأعراض.
عرضت على دكتور أمراض نفسية، وقال لي إن هذه ليست نوبات هلع، هذا وسواس قهري، مع العلم أني أخذت علاجا لمدة سنة، وهو (الافيكسور 75) الآن أشعر وكأنها نهاية حياتي، أستيقظ دوما على كابوس، لدرجة أني شككت أن يكون حسدا، وهناك أناس قالوا لي هذا.
أفيدوني أفادكم الله، فأنا لا أعلم ما يحدث لي منذ (3) سنوات، وفي كل مرة الحالة تأخذ شكلا جديدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فيقال أن الأطباء وأبناء الأطباء هم أكثر الناس تحسسا للأعراض الجسدية والنفسية، ونوبات الهلع أو الهرع يعرف عنها أنها تتمركز حول القلب، وما دام والدك - حفظه الله - طبيب قلب، فأعتقد أن هناك نوعا من الدلالات الرمزية التي ربما تكون زادت من درجة القلق لديك.
نوبات الهلع دائما مرتبطة بالخوف من الموت، وكل من تأتيهم نوبة الهلع لأول مرة يأتيه الشعور بأن الموت سوف يحضره، وذلك نسبة لتسارع ضربات القلب، وزيادة إفراز مادة الأدرنالين، ودرجة الفجائية الشديدة التي تميز نوبات الهرع، ومن ثم يحدث نوع من الارتباط الشرطي، أي بعد أن تجهض هذه النوبات يكون الإنسان في حالة توقع أنها سوف تحدث، وهذا القلق التوقعي يتحول إلى وساوس، وهذا يثبت فكرة الخوف من الموت.
الطبيب الذي ذكر لك أنك تعانين من وساوس قهرية، أعتقد أنه على صواب لدرجة كبيرة، لكن أنا أسميه حقيقة بالمخاوف الوسواسية،لأن الأصل في الأمر هو الهرع، وبعد ذلك تداخل معه الوساوس، وهذه التشخيصات مرتبطة ارتباطا كبيرا ببعضها البعض، وبفضل الله تعالى طريقة علاج الوساوس ونوبات الهرع واحدة، فمن حيث الدواء الدواء الأفضل ليس الإفكسر، إنما هو عقار سبرالكس، وهناك دراسات كثيرة جدا أشارت إلى فعالية هذا الدواء.
أرجو أن تتناولي السبرالكس بجرعة عشرة مليجرام، تناوليها يوميا بعد الأكل، الدواء يفضل تناوله نهارا، لكن بعض الناس قد يشتكي من أنه حدث له زيادة في الاسترخاء أو النعاس، وهنا نقول يتم تناول الدواء ليلا، بعد شهر ارفعي الجرعة العلاجية إلى عشرين مليجراما، استمري عليها لمدة خمسة أشهر، ثم خفضيها بعد ذلك إلى عشرة مليجرام يوميا كجرعة وقائية، ويجب أن يكون الاستمرار عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى خمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناوليها يوميا لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، ويتميز السبرالكس بأنه دواء سليم وفعال جدا لمثل هذه الحالات، ومن الضروري أن تعرفي أيضا أن السبرالكس سوف يعالج الوساوس والشعور بالكدر الذي يصاحب هذه النوبات.
الخوف من الموت يواجه دائما بأن هذا النوع من الخوف هو خوف مرضي وليس خوفا طبيعيا، فالخوف الطبيعي من الموت لابد أن يكون موجودا، وذلك تنبيها وتذكيرا للإنسان ليعمل بآخرته، قال صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وعليك بالدعاء وصالح الدعاء، وأن تسألي الله تعالى أن يحسن العواقب والخواتيم، وأن تذكري نفسك دائما أن الخوف من الموت لا يزيد من عمر الإنسان ثانية ولا ينقص من عمره أبدا.
عليك التدرب على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين مفيدة جدا ويمكنك من خلال التواصل مع الأخصائية النفسية أن تتدربي على هذه التمارين، طوري من مهاراتك الاجتماعية والوظيفية، وأكثري من التواصل الاجتماعي المفيد، وكوني دائمة متفائلة نحو المستقبل، تخلصي من الفكر السلبي، وذلك من خلال تذكر أنه لديه القوة والإرادة والطاقات المختبئة التي متى ما فعلتها سوف تحسين - إن شاء الله - بالرضى.
اضطراب النوم والكوابيس هي جزء من القلق - وإن شاء الله تعالى - بتمارين الاسترخاء، وتناول الدواء الذي ذكرناه لك، وتجنب النوم النهاري، وعدم تناول القهوة أو الشاي أو البيبسي أو الكولا أو الشكولاتا ليلا، والحرص على أذكار النوم، وتجنب الأطعمة الدسمة ليلا، سوف يتحسن النوم لديك.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول علاج الخوف من الموت سلوكيا: 259342 - 265858 - 230225 .
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.