أنا عنيدة, ولا أستطيع الصبر على أحد, وإذا استفزني أحد أقوم بالصراخ عليه, وأنا حزينة لأني تخرجت من الثانوية, ولم أكمل الجامعة, وأريد إكمالها, لكن الكلية التي عندنا ليس فيها التخصص الذي أريده, وأنا أعيش في قرية, ولا أستطيع الذهاب إلى المدينة لإكمال دراستي, وهذا سبب لي قهرا وغضبا.

أنا بعمر 21 عاما, وتقدم لي خطاب كثيرون لكني لم أوافق لأني أريد الحرية, ولا أريد تحمل مسؤولية الزواج لأني أريد الاستمتاع بهذا العمر, وأخاف من العلاقة الزوجية أيضا, وأخاف أن تتزوج صديقاتي ويرحلن عني, وأبقى وحيدة لأني أخاف التغيير, وأنا أريد الزواج لكن لا أريده الآن, وأخاف من المستقبل كثيرا, ولست اجتماعية, ولا أعرف كيف أتحدث مع الغريب.

أرجو حلا لمشكلتي.
وشكرا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ادلين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أنت مدركة تماما لطبيعة الصعوبات التي تعانين منها، وهذا إن شاء الله تعالى يجعلك تتجهين نحو العلاج لحالتك، فالإنسان الذي يدرك ما هي مشكلته يستطيع -إن شاء الله تعالى- أن يصل إلى الحلول.

أولا: أنت لديك انفعالات زائدة، وذكرت أن لديك شيئا من العناد، هذا قد يكون أمرا طبيعيا، لكن القبول به هو المشكلة، فيجب أن لا أقبل أن أكون هكذا، يجب أن أغير نفسي.

رأيك حول الزواج حقيقة أحترمها، لكني بالطبع لا أتفق معك، لأن المرأة السعيدة هي المرأة التي تتزوج من رجل صالح، يحفظها وتحفظه، ويكون العيش في سكينة ومودة ورحمة.

أيتها الفاضلة الكريمة: اعتقادك أن عدم الزواج يتيح للإنسان الحرية هذا لا أتفق معه أبدا، الحياة الزوجية طيبة وهانئة، وهي تمثل الحرية, والانعتاق الحقيقي للنفس، فأرجو أن تغيري مفاهيمك، وتغيير المفاهيم هو قضية شخصية جدا.

الإنسان قد تنتابه أفكار، في بعض الأحيان لا تخلو من الشذوذ، لا تخلو من الشيء الغير معتاد، لكن الإنسان حين يراجع نفسه، حين يتأمل- إن شاء الله تعالى - يصل إلى الحقيقة ويطبقها, وهذا مهم جدا.

من الضروري جدا أن تتعلمي كيفية التعبير عن الذات، لأن الميل للكتمان, وعدم التفريغ النفسي يؤدي إلى الشعور بالتوتر, وبالقلق, وبزيادة الانفعال والاندفاع.

العناد دائما يحارب بأن يعرف الإنسان بأنه لديه سلطة على نفسه، هذه السلطة لابد أن تكون هي الضابط الرئيسي له في تعامله مع الناس. ومشكلة الذين يعانون من العناد دائما أن لديهم تخوفا من سلطات الآخرين، وتخوفهم من سلطة الآخرين ينتج من ضعف السلطة على الذات، فكوني متسامحة، كوني معبرة، الشيء الذي لا تحبينه لنفسك يجب أن لا تكوني أنت السبب في أن توقعيه على الآخرين، وأقصد بذلك إذا حاول أحد استفزازك أو انفعل أمامك فإذا كان هذا غير مقبول بالنسبة لك، فبنفس المنطق أقول لك حين تظهرين الانفعال غير المنضبط أمام الآخرين هذا ليس أمرا جيدا، والإنسان لابد أن يحاسب نفسه.

أنصحك أيضا بأن تطبقي ما ورد في السنة النبوية لعلاج الغضب. الغضب نار يجب أن تطفأ، والإنسان الذي يعبر عن ذاته, ويكون متسامحا لا يغضب إلا في مواقف معينة تستحق الغضب، والغضب المشروع هو الغضب إذا انتهكت حرمات الله، هذا أمر يتطلب الغضب، وأيضا هذا يجب أن يتصرف فيه الإنسان بحكمة، فعليك أن تتمسكي دائما بالاستغفار، انفثي على الشق الأيسر حين تكون هنالك بدايات للغضب، غيري مكانك، غيري وضعك، توضئي، صلي ركعتين, هذا علاج ممتاز, وعلاج عظيم ومجرب، وأنا أنصحك بذلك.

أنصحك كذلك بأن تمارسي الرياضة، أي نوع من الرياضة التي تمارسه الفتاة المسلمة، فالرياضة طيبة وجيدة, وتقضي على الطاقات النفسية السلبية، وتبني طاقات إيجابية جديدة تتميز بالاسترخاء وقبول الذات.

سيكون من الجميل جدا أن تحسني إدارة وقتك، فهذا من أفضل السبل التي تؤكد للإنسان ذاته وتجعله يحس بالرضى.

في نهاية الأمر حاولي أن تبني علاقات اجتماعية مع الصالحات من الطالبات، تواصلي مع مجتمعك العربي والإسلامي، فالإنسان بطبعه كائن اجتماعي، لكن يجب أن نتخير علاقاتنا، وإذا كان هنالك أي مجال للانخراط في عمل خيري, أو عمل يخدم المجتمع الذي تعيشين فيه هذا أيضا يزيد من مهارات الإنسان الاجتماعية.

الدواء ربما يكون مطلبا أيضا في حالتك، لأن الأدوية التي تعالج القلق والتوتر, وتحسن المزاج ذات فائدة كبيرة، وهي موجودة، وفي أمريكا يوجد عقار يعرف تجاريا باسم (باكسيل), والذي يعرف علميا باسم (باروكستين), يمكنك أن تتحصلي عليه, فهو لا يحتاج لوصفة طبية، تناوليه بجرعة نصف حبة يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا دواء طيب وجيد وجميل، وإن شاء الله تعالى تجدين فيه الصحة والعافية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.