السؤال
أنا شخص فضولي جدا، ولا يقتصر هذا الفضول على الاطلاع على الأمور العلمية فقط، بل يتعداه إلى كل مناحي الحياة، ومن جهة أخرى لدي خوف شديد نحو العديد من المواضيع والأشياء، مثل تشريح الإنسان والمشرحة والسكين والذبيحة، وجرائم القتل بالسكين، وأكلة لحوم البشر والجن وعبدة الشياطين وغيرها.
وتكمن المشكلة أن لدي فضولا شديدا في الاطلاع على هذه الأشياء من خلال قراءة مقالات عنها أو رؤيتها من خلال التلفاز أو الإنترنت، ولكنني لا أستجيب لهذا الفضول على الإطلاق من شدة الخوف.
سؤالي هو: ما هو الشيء غير الطبيعي في شخصيتي هل هو فضول الاطلاع على هذه الأشياء؟ أم الخوف الشديد منها؟ ما هو تحليلكم لهذه الشخصية؟ هل هي شخصية مريضة نفسيا؟ ما هي الأسباب المحتملة برأيكم؟ وهل تحتاج هذه الحالة إلى علاج؟
علما بأنني شخص ذو عتبة تنبيه منخفضة جدا أيا كانت طبيعة هذا المنبه، مادية أو معنوية، وتكون استجابتي مفرطة عادة بالمقارنة مع غيري من الناس، ومن الجدير ذكره أيضا أن حالة الفضول هذه بدأت بعد مرحلة المراهقة.
أرجو التكرم بالإجابة على أسئلتي وأكون لكم من الشاكرين، زادكم الله علما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فبالنسبة لتشخيص وتحليل الشخصية يعتمد على أربع ركائز أساسية:
1) ما هو انطباع الشخص عن نفسه؟ وأعتقد أنك قد أوفيت هذا الجانب تماما.
2) ما يتوصل إليه المختص من خلال الفحص الإكلينيكي، وهذه لا تتم إلا من خلال المقابلة المباشرة.
3) ما يعتقد ويراه الناس حول شخصية الشخص المعين، ونقصد بالناس من حوله وفي محيطه، ولابد أن يتم السؤال عن أي إنسان بعد استئذانه، ولابد أن يفهم الطرف الآخر أن التجرد والموضوعية مطلوبة جدا حين نقيم الآخرين.
4) إجراء اختبارات الشخصية مثل اختبار (منيسوتا المتعدد الجوانب) وهنالك اختبارات أخرى كثيرة.
هذه هي الأسس والمحاور الأربعة التي من خلالها يتم تشخيص نوعية الشخصية بصورة صحيحة، أما ما يصف به الإنسان نفسه من سمات لا يمكن أن نعتبرها محورا كاملا ويعتمد عليها في التشخيص، لأن الإنسان بطبعه قد لا يكون دقيقا في وصفه لنفسه وذاته، أنا بالطبع أقدر وأحترم جدا المعلومات التي وصفتها، وشعرت بالفعل أنك متجرد جدا في وصفك لنفسك، ولكن هذا لا يكفي حقيقة.
بالنسبة للفضول والبحث عن المعلومات خاصة الأمور الغامضة، الأمور المثيرة للخيال، هذه سمة نشاهدها لدى الكثير من الناس، وغالبا الإنسان الذي تحجب عنه المعلومات لفترة معينة يزداد لديه الفضول متى ما وجد الفرصة، خاصة حول الأمور التي تتطلب التفكير الخيالي والأمور الغامضة.
أخي الكريم: الجانب القلقي الوسواسي أيضا يلعب دورا في ذلك، التساؤلات في الأمور العلمية مع وجود الخوف والتردد هي من سمات الشخصية الوسواسية، أنا لا أقول أنك شخصية وسواسية، لأن أركان التشخيص غير مكتملة كما ذكرت لك، ولكن الذي أستطيع أن أقوله لك أن الفضول وأحلام اليقظة دائما مرتبطة بشيء من القلق، وكذلك بشيء من الوساوس، وكلها قد تتأتى منها المخاوف، وهذا هو الذي أستطيع أن أقوله حول شخصيتك حسب المعلومات المتاحة.
لا أعتقد أن حالتك حالة مرضية، هي سمة من السمات، هي ظاهرة من الظواهر، والإنسان حين يكون مدركا لصفاته ولسماته يمكنه أن يفهم ذاته، وحين يفهم ذاته سوف يقبلها، وحين يقبلها سوف يسعى لتطويرها وتنقيتها من الشوائب، هذا يا أخي الكريم مهم جدا، وهذه هي وسيلة العلاج الصحيحة.
الإنسان يجب أن يبحث عما هو طبيعي وما هو مقبول في محيطه، ومن المهم جدا ألا نخرج عن الأطر المقبولة، نعم، الإنسان لديه حياة نفسية داخلية ولديه حياة نفسية خارجية، الحياة النفسية الخارجية التي يظهر بها الإنسان تقوم على أسس أن يفعل الإنسان ما يوائم الآخرين، أما المشاعر الداخلية فهذه تختلف من إنسان لآخر؛ لذا نجد بعض الناس لديهم فكر خرافي غير منطقي تسترسل لديهم الأفكار التي تقوم على أمور فلسفية عميقة جدا، وهنالك من تأتيه أفكار غريبة وشاذة، وهنالك من تأتيه أفكار كلها قائمة على الانحراف ويجد نفسه مشطرا ومجزءا ومشتت البال والتفكير، وهكذا.
أخي الكريم: أطمئنك أن حالتك هذه ليست حالة مرضية، إنما هي سمة من السمات، فقط حاول أن تحد من الفكر الخيالي بأن تنزل نفسك إلى أرض الواقع، بأن لا تطلق لفكرك العنان بصورة ليست مفيدة، ارتبط بالواقع بصورة أكثر وأكبر، وما تراه خطأ أو غير سليم من تفكير يجب أن توقفه، وذلك برفضه واستبداله بفكر واقعي ومنطقي مواز.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.