بسبب الغربة ينتابني شعور بالنقص مع من حولي، فما النصيحة؟

0 473

السؤال

السلام عليكم

أولا: أشكركم شكرا جزيلا ويحفظكم الله.

ثانيا: أنا موظفة في بلد ليس بلدي الأم، ولكني ولدت وتربيت وتعلمت فيها إلى الجامعة ـوالحمد لله- إلى أن تحصلت على وظيفة مرموقة.

المشكلة أنني أشعر دائما بنقص لكوني لست من أهل هذه البلدة، وأنني غريبة عنهم، والبعض من البلد يقومون بسب أهل بلدي دائما لأنها بلد فيها حروب وفقراء، لذلك أشعر بالخزي والعار، لأنني من ذلك البلد وأشعر بالاحتقار لذاتي، وكأنهم يعنونني، حتى في عملي حين يقرؤون الصحف وأسمع أي شيء عنهم يبدأ لون وجهي يتغير وأشعر نفسي بالخزي، وهذا الشعور يلازمني دائما، وأتمنى أن تنشق الأرض وتبلعني، وفي بعض المرات أقوم بالدفاع عنهم، وبعض الأحيان أسكت وأضحك.

صراحة لا أعرف كيف أتصرف مع نفسي، هل تقدرون أن تجدوا لي الحل الأنسب وكيفية محو هذا الشعور بالنقص؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم إسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن وجهة نظري الذي تشتكين منه هو قائم على بعض الأفكار والمعتقدات والمسلمات الاجتماعية السالبة، فموضوع الانتماءات وموضوع العصبية القبلية، بكل أسف حتى وإن حاولنا كمتعلمين أن لا نعيره اهتماما، إلا أنه يظهر في بعض الأحيان، يتلاعب بنا حتى على مستوى العقل الباطني.

فأعتقد أن هذه هي المشكلة الرئيسية لديك، أهل البلد الذي أنت فيه أنا على ثقة أنهم يكنون لك كل احترام، فليس هنالك ما يجعلك تشعري بالخزي والعار، لكن أعتقد أن المخزون النفسي الداخلي لديك هو الذي جعلك تشعرين هذا الشعور، وهذا الشعور أيضا أخذ الطابع الوسواسي لديك.

ثانيا: الوساوس تأتي للناس في شكل مخاوف، في شكل مخاوف خاطئة وغير مبررة، ويكون هنالك نوع من المبالغة في تفسير الأمور وتمحيصيها، ومن الواضح أنت لديك هذه الجوانب الوسواسية.

ثالثا: أصحاب المدرسة التحليلية يعتقدون أن الإنسان حين تأتيه مثل هذه الأفكار هي دليل قاطع على رفضه لواقعه، وأنه يريد أن يكون أكثر انتماء إلى جذوره وأصله، هذه حقيقة مجرد أفكار نظرية لا أعتقد أنها حقيقية على الأقل لدى الكثير من الناس.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: أولا أنا أريدك أن تواجهي هذه الأفكار، بأن تحكمي عليها بأنها أفكار سخيفة، أفكار ليست مؤسسة، ما الذي يجعلك تعتقدين هذا الاعتقاد؟ أنت عزيزة ومكرمة في هذه البلدة، والبلدة هي من بلاد الله والله تعالى خلقنا كشعوب وقبائل لنتعارف، ولنحب بعضنا البعض، ولنتآلف ونتآزر، فإذن مقابلة هذا الفكر الوسواسي غير المنطقي يكون من خلال توجه جديد وفكر جديد يتجاهل هذا التفكير السلبي، وفي الوقت ذاته تستبدليه بفكر إيجابي.

ثانيا: أريدك أن تكوني أكثر تواصلا من الناحية الاجتماعية، أثبتي نفسك من خلال مساهماتك الاجتماعية في عمل الخير، زيارة الأرحام، المشاركة في الأنشطة النسوية المختلفة، وأنت الحمد لله تعالى لديك مهنة محترمة من خلالها يمكن أن تفيدي الكثير من الناس خاصة في المجتمع النسائي، فحاولي من خلال لعب دور اجتماعي جديد كتغيير نمط الحياة أن تتخلصي مما أسميته بشيء من الشعور بالنقص أو الدونية، وهي في الأصل غير موجودة وغير مؤسسة.

أخيرا أيتها -الفاضلة الكريمة-: التفكير الوسواسي النمطي قد يتطلب علاجا دوائيا، أنا لا أشترط هذا في حالتك، لكن أعتقد أن مضادات الوساوس والقلق سيكون لك مفيدا تماما، وأفضل دواء هو عقار يعرف علميا باسم (فلوكستين)، ويعرف تجاريا باسم (بروزاك)، وله مسميات أخرى تجارية، أرجو أن تسألي عنه تحت هذا المسمى العلمي (فلوكستين)، وتناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

الدواء دواء سليم، دواء جميل، دواء فاعل، وأسأل الله تعالى أن يجعل لك فيه خيرا وفائدة كثيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأرجو دائما أن تضعي أن أخوة الإسلام هي التي يجب أن تحدد علاقاتنا مع الآخرين، وأن لا نقود أنفسنا بالمشاعر السلبية، إنما نقودها بالمشاعر والأفعال الإيجابية.

مواد ذات صلة

الاستشارات