السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على اشرف خلق الله محمد بن عبد الله، وبعد:
ما ندم من استخار الخالق وشاور العقلاء من المخلوقين، وأنتم جزاكم الله عنا كل الخير من الخيرة, وأنا من المتابعين بشكل متواصل لردودكم وحلولكم المشرفة.
استشارتي ستكون حول موضوع " الزواج ", الزواج مقارنة مع ما أمر به اللحظة, وهل هو خيرلي أم شر؟ وأيضا كيف أقنع والدي بهذا الموضوع؟
هذه مشكلتي:
أنا ابن الـ 20 عاما، بعد ما يقارب الشهر أو الشهرين سوف أنهي بعون الله السنة الأولى من سنوات الطب، والتي بمجموعها 6 سنوات، متغرب عن بلادي، وأقطن الآن في بلد أوروبي لا يقدر للدين حرمة ولا للعفة والطهارة أي مقدار.
الحمد لله على كل حال، هذه سنتي الثانية خارج البلاد، مع العلم بأني بدأت السنة التحضيرية هنا -أي خارج البلاد- والحمد لله أيضا، فأنا ملتزم هنا، وحتى اللحظة متمسك بمبدئي وأخلاقي وعفتي وطهارتي.
بشكل عام، قبل السنتين عقدت النية على أن أترك ممارسة العادة السرية لوجه الله وتركتها, ومقارنة بين حالي الآن، وقبل تلك الفترة التي كنت أمارس فيها هذه العادة الخبيثة, فقديما كانت العادة السرية تشبع غريزتي وتردعني عن التفكير بأمر العفة، وتصور لي ما كنت أراه من أفلام خليعة، أما الآن فالغريزة نفسها تجذبني للتفكير مرارا وتكرارا بأمر الزواج والعفة، وبنظري فهذا هو الصواب، لأن الغريزة والفطرة التي فطرنا الله عليها تلزم علينا هذا الأمر، والراحة النفسية كل الراحة تقطن في الزواج.
أما الآن أستشيركم بعد الذي تقدم، هل حقا مثلما أسمع بان الزواج خلال فترة التعليم يعيق أو يقلل من المستوى التعليمي؟ وهل ما أقدم عليه هو خطأ؟
إضافة لما ذكرته، فأنا بطبعي لا أستحي من الحق, فقد فاتحت والدي بالموضوع، وكان ردهما الرفض، والتعليل بأن ظروف التعليم لن تناسب الزواج أبدا, على الرغم من أني شرحت لهم الحال هنا، وكان مجمل حديثي بأني خائف كل الخوف من الزيغ، وأن أنزلق كما انزلق الكثير من الشباب, ولو ذكرت لكم حال شبابنا ( الشباب العرب المغتربين ) والله لتبكي العيون، ولكني أيضا بطبعي لا أكترث بتصرفاتهم أبدا.
تراهم وهم أبناء جلدتك أبناء الإسلام بعد كانوا من رواد المساجد ومن الناس التقاة، والآن تبكي لحالهم العيون والله.
عملت أساليب الاستعفاف، ومنها الصوم النفل، وصلوات النفل، ورياضة الجري، وغيرها حتى لا أترك مجالا للفراغ، حتى إن الحال وصلت بي خوفا من الله عز وجل بأن أصوم يوما وأمارس رياضة الجري اليومي الذي يليه.
أنا أعلم الحل آبائي الكرام، إذا لم تكن الأمور مسيرة للزواج هو الاستعفاف، وبقدر ما أوتيت من صحة وعافية سأكون عفيفا, ولكن الإنسان بطبعه لين القلب، تغره المنكرات، ولا أضمن بأني سوف أكمل سنواتي الست على هذا الحال.
الرسول صلوات الله وسلامه عليه حذر من فتنة النساء، وحذر من عظمها، وأنا خائف والله.
أتمنى من الله أن أجد الحل المناسب، وجزاكم الله عنا كل الخير .
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Faraj حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن ن رحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، كما نسأله تبارك وتعالى أن يوفقك في دراستك، وأن يمن عليك بزوجة صالحة تكون عونا لك على طاعته، وحتى تكرم بالزواج نسأله تبارك وتعالى أن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك أخي الكريم الفاضل، فقد من الله تبارك وتعالى عليك بنعمة عظيمة، ألا وهي نعمة التوبة من ممارسة العادة السرية المحرمة، فهنيئا لك، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على هذه التوبة، وأن يجعلك من التوابين والمتطهرين الذين يحبهم ويحبونه.
ذكرت أن الغريزة نفسها تجذبك كثيرا مرارا وتكرارا، خاصة وأنها الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وبعد أن توقفت من ممارسة العادة السرية أصبحت هذه المسائل تشكل هاجسا كبيرا بالنسبة لك.
وتقول بأنك عرضت الأمر على والديك وشرحت لهما الحال الذي تعاني منه، ولكنهما مع الأسف الشديد رفضا الموضوع رفضا شديدا، بحجة أن ظروف التعليم لا تتناسب مع الزواج أبدا، وتسأل هل فعلا الزواج خلال فترة التعليم يعيق أو يقلل من مسألة التعليم، وإذا أقدم الإنسان على ذلك وهو في مراحل الدراسة يكون قد أخطأ؟
أقول لك: في الواقع -أخي الكريم الفاضل- ليس الأمر كذلك، فالزواج يكون عائقا إذا كان الإنسان ليس لديه دخل ثابت، وفعلا يحتاج إلى أن يسعى على نفسه وعلى زوجه، وفي تلك الحال قد يحتاج إلى وقت طويل ليقضيه في ساعات العمل التي يستطيع أن يحصل بها الأشياء الضرورية للحياة، وقد يتعذر عليه فعلا أن يجمع ما بين العمل وما بين الدراسة، أما الآن فأنت باعتبار أنك مكفول في هذه البلاد وأن ما تحتاجه تجده متوفرا، فأعتقد أن وجود الزوجة معك لن يكون عائقا حقيقا بالنسبة لعملية التعليمية أو التأثير على مستواك، بل أنا أعتقد أن هذا سيكون حافزا؛ لأن الوقت الذي يضيع في مقاومة هذه الشهوة، ومدافعة التفكير فيها -فقد ذكرت أنك تواصل الصوم التطوع وكذلك الرياضة، وهذا أمر قد يترتب عليه بعض الإجهاد- سوف تستفيد منه؛ لأن الله من عليك بزوجة صالحة تعان من خلالها على غض بصرك وتحصين فرجك.
ولذلك أنا أرى مفاتحة الأسرة مرة ثانية في موضوع الزواج، لأنه فعلا من الضرورات الملحة، خاصة في تلك البلاد التي ذكرت أنها لا تقيم للعفة وللفضيل وزنا. فأنت في أمس الحاجة إلى أن تحافظ على مستواك الإيماني، كما أنك في حاجة إلى أن تحافظ على مستواك العلمي والدراسي، فأنت في حاجة أشد وأكبر إلى أن تحافظ على مستواك الإيماني وعلى علاقتك الحسنة مع الله تبارك وتعالى.
ولذا فإني أرى أخي (فرج) بارك الله فيك أن تحاول مرة أخرى مع والديك وأن تجتهد في إقناعهما، حتى ولو استعنت ببعض الكبار من أهلك أو عشيرتك المؤثرين لدى الوالد أو الوالدة ليشرح لهم تلك الظروف وليعينهما على اتخاذ قرار الموافقة الذي يبدو لهما الآن على أنه في حكم الصعب إن لم يكن في حكم المستحيل.
فأنا أرى بأن هذه خطوة مباركة وموفقة، ما دمت من فضل الله تعالى لن تحتاج إلى أن تعمل لتنفق على زوجتك وعيالك، وإنما الذي يأتيك من قبل بلدك يكفيك وأحيانا قد يزيد عن حاجتك، فأرى أن ذلك خير كبير، فاستعن بالله تعالى.
بما أننا لا نريد أن نفقد العلاقة مع والدينا فأنا أنصح كما ذكرت لك أن تعيد المحاولة مرة أخرى، فإن لم يكن عن طريقك مباشرة فعن طريق بعض الأقارب الثقات الذين لهم منزلة وصقل عند والديك، لعل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرهما لقبول فكرتك ويوافقا على زواجك، وفي تلك الحال ستكون المسألة كلها قد انتهت.
إذا قدر الله ولم يتيسر ذلك فأنصحك بكثرة الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يشرح الله صدر والديك لذلك، وكذلك أوصيك بكثرة الاستغفار، وكثرة الصلاة على النبي محمد عليه صلوات ربي وسلامه، والاجتهاد أيضا في العبادات التي تؤديها أنت الآن كعبادة الصيام والتطوع وكذلك أيضا رياضة المشي، حافظ على هذا المستوى الذي وصلت إليه من الناحية الإيمانية والبدنية، وأضف إليه هذا الذي ذكرته خاصة الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى؛ لأن الله تبارك وتعالى يحب الملحين في الدعاء كما لا يخفى عليك، ولقد وعد جل جلاله من دعاه بأنه يستجيب له، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تبارك وتعالى أنزل قوله: {أجيب دعوة الداع إذا دعان}.
يقينا سوف يستجيب الله لك، خاصة وأنك لا تدعو إلى منكر أو إلى قطعية رحم أو شيء غير مشروع، وإنما تدعو الله تعالى وتسأله أن يمن عليك بزوجة تعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، فأنا أرى أنها ضرورية فعلا وحماية لك وصيانة من الوقوع في الحرام، فحاول أن تبين هذه المسألة بوضوح لوالديك، لأنك ماذا ستفعل لو جئت بشهادة دكتوراة وقد فقدت دينك وأخلاقك وقيمك ومبادئك؟! قطعا كل ذلك لن يغني عنك من الله شيئا.
أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك للذي هو خير، وأن يشرح صدر والديك لقبول كلامك والاستفادة منه، وأن يمن عليهما بتزويجك عاجلا غير آجل، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.