السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف أكسب رضا ربي في حياتي لأنال جنات النعيم؟
هل الفرائض وحدها وتأديتها تؤدي إلى دخول الجنة؟
هل المغريات الحياتية في هذه الأيام لها دور في منع العباد من الجنة، مثل الإنترنت ومشاهدة التلفاز؟
أتمنى الجواب, ولكم كل التقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية الجنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم, كما نسأله تبارك وتعالى أن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يكرمنا وإياك وسائر المسلمين الموحدين برضاه ورضوانه، وأن يتفضل علينا بجناته جنات النعيم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إنه ومما لا شك فيه أن الله تبارك وتعالى جعل للجنة أعمالا إذا قام بها العبد أكرمه الله تبارك وتعالى بها، فقد حفت الجنة بالمكاره, وحفت النار بالشهوات، والجنة بما أنها ليست جنة واحدة وإنما هي جنان كثيرة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد جعل الله تبارك وتعالى لكل جنة أعمالا معينة إن أدها الإنسان كان من أهلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (إن في الجنة مائة درجة) وأنت تعلمين أن الله تبارك وتعالى حدثنا عن جنة المأوى، وحدثنا عن جنة الخلد، وحدثنا عن جنة النعيم، وحدثنا عن جنة عدن، فكل جنة من هذه الجنان وغيرها فيها مائة درجة في الجنة الواحدة، ومعنى ذلك أن الناس قد يكونون في جنة الفردوس مثلا، ولكنهم ليسوا في منزلة واحدة، وإنما أيضا في منازل مختلفة، والفوارق بينهم تأتي على أساس الفوارق في الأعمال، فمن أدى أعمالا كثيرة وحصل على حسنات أعلى كان في درجة أعلى، فالناس قد يشتركون في الجنة الواحدة من حيث الاسم العام، ولكنهم قد يختلفون أيضا في نفس الجنة من حيث المرتبة في نفس الجنة، لأن هناك أناسا في الدرجة الأولى وهناك أناسا في الدرجة الثانية، والثالثة، والرابعة، وهناك أناسا في درجة الخمسين، ولعل هناك أناسا في درجة المائة أيضا، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك هناك أمور عامة لا بد منها، وهناك أمور خاصة تزيد على الأمور العامة، أما عن الأمور العامة فهي أداء ما افترض الله على نور من الله, وترك ما حرم الله على نور من الله، وأداء ما افترض النبي صلى الله عليه وسلم وفق سنته, وترك ما حرم أيضا وفق سنته، ولذلك هذا هو الذي ورد في حديث الولاية، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الله الجليل جل جلاله قال: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) وهذا المفترض الذي فرضه الله تبارك وتعالى يشمل نوعين: يشمل الأوامر بتنفيذ الأوامر، ويشمل النواهي والأوامر هذه قد تكون أمرا من الله تبارك وتعالى، وقد تكون أيضا من أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، لأن الله تبارك وتعالى قال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وكذلك المفروضات فيها أيضا كذلك منزلة أخرى ألا وهي منزلة المحذورات، بأن ينكف هذا العبد عن المحرمات التي حرمها الله تبارك وتعالى، وهذه الدرجة الأولى من درجات الولاية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عن الله جل جلاله: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) فهذا المفترض عليه إنما هو أداء ما افترض الله تعالى من المفروضات, وما افترضه النبي عليه الصلاة والسلام، وترك المحرمات التي حرمها الله تبارك وتعالى, وكذلك التي حرمها النبي عليه الصلاة والسلام, هذه المنزلة العادية من درجات الأولياء.
أما الدرجة الثانية كما ورد في قول الله تعالى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) فإن التقرب بالنوافل يعني أداء المفروضات وإحياء السنن أيضا بجوار المفروضات، فهناك مفروضات فرضها الله تعالى, وهناك مفروضات فرضها النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضا هناك سنن أيضا جعلها النبي صلى الله عليه وسلم تابعة للفروض، وهناك أيضا مكروهات أيضا جعلها النبي صلى الله عليه وسلم تابعة للمحرمات، لماذا؟ لأن الله تبارك وتعالى عندما فرض فروضا كالصلاة فإن الخمس صلوات -كما ورد في الحديث (خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة)- هذه الصلوات الخمس التي كتبها الله تبارك وتعالى هي المفروضة، ولكن سأل الصحابي النبي صلى الله عليه وسلم: (هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع), والتطوع هنا يأتي بالسنن كلها، ولذلك كل فرض من الفروض معه سنن، فالوضوء فيه فروض وفيه سنن، والصلاة فيها فروض وفيها سنن، والغسل فيه فروض وفيه سنن، والحج فيه فروض وفيه سنن، والصيام فيه فروض وفيه سنن، ولذلك إذا أراد الإنسان أن يكون من أولياء الله الكبار عليه أداء الفروض المفروضة والسنن المسنونة، وفي مجال المحرمات عليه بترك المحرمات الكبرى, والمهلكات والمحرمات تزيد عن السبعين كبيرة, كما ورد في كلام ابن عباس - رضي الله عنهما - وكذلك أيضا عليه أن ينكف عن المكروهات الصغيرة.
ومن هنا فإنا نقول: هذه المغريات التي تقع في حياة الإنسان كما ذكرت في الإنترنت والتلفاز وغيره، فإن كانت هذه الأشياء التي ينظر فيها تضعف الإيمان أو كانت أشياء من باب المحرمات أو المكروهات فإنها تؤثر يقينا في منزلة العبد في الجنة، ولذلك على الإنسان أن يستمتع بالمباحات، يعني إذا كانت هناك أشياء في الإنترنت مفيدة لا مانع أن يستفيد منها الإنسان، كذلك أيضا إذا كانت هناك برامج هادفة في التلفاز لا مانع من أن يستفيد منه الإنسان، ولكن يحذر كل الحذر أن يقع في المحرمات, وبالتالي في المكروهات إذا أراد أن يكون من سكان الغرف العالية، وبذلك يرضي العبد ربه، والكلام يحتاج إلى تفصيل كثير ولكن هذا في العموم كما أشرت آنفا.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك, وأن يجعلنا وإياك وسائر المسلمين من أهل الجنة الذين هم أولياء الله تبارك وتعالى والذين يحبهم ويحبونه.
هذا وبالله التوفيق.