كيف أصبح مثقفة وذات شخصية جادة؟

0 215

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي هو: كيف أصبح مثقفة؟ وهل الثقافة تعني أن الشخص لابد أن يكون متبحرا في كل العلوم أم لا؟

ولدي سؤال آخر: أنا فتاة حنونة جدا, وحساسة بمن هم حولي, ولكني لاحظت أن من حولي يستغل طيبتي, فكيف أصبح ذات شخصية جادة بنظر الآخرين, بالرغم من أن ملامح وجهي تظهر العكس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية الجنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك - مرة أخرى - في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع.

أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: أما عن مسألة الثقافة فإن الإنسان في حاجة فقط إلى أن يتعلم ما هو في حاجة إليه، بمعنى أن الإنسان ليس مطالبا حقيقة أن يكون علامة أو عالما بكل شيء، لأن العمر قد لا يستغرق ذلك كله، وإنما الإنسان مطالب كما أخبر النبي عليه صلوات ربي وسلامه بقوله: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، فما الذي أنا في حاجة إليه؟ أنا في حاجة إلى تعلم العلوم التي طلبها فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وهذه العلوم تتعلق مثلا بالتوحيد، العقيدة، عقيدة المسلم حتى تكون معرفتي بالله تعالى معرفة تؤدي إلى محبة الله تعالى, وإلى الانكفاف عن معاصيه, وإلى تعظيم شرعه، وكذلك أيضا ما يتعلق بأنبيائه ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره وشره، هذا يسمى فرض عين، بمعنى أنه يتعين على المسلم أن يكون على علم بهذه العقيدة الصحيحة التي بها ينجو من عذاب الله تعالى, وكذلك أيضا يتعلم علوم الشرائع، وأقصد بعلوم الشرائع أن يتعلم الطهارة والصلاة, وكذلك الصيام والزكاة والحج، وإذا كانت عنده أموال يعرف من الأحكام ما يتعلق بزكاة المال.

وكذلك أيضا إذا كانت عنده مثلا زروع يعرف ما يتعلق بكيفية زكاة الزروع، كذلك أيضا فيما يتعلق بالحج إذا أراد أن يحج فيتعلم أحكام الحج في وقتها؛ لأنه لا يلزم أن يكون على علم بها في كل حين، كذلك الصوم أيضا يتعلم أحكام الصيام باعتبار أن الصيام عبادة قريبة من الصلاة، وهلم جرا.

كذلك أيضا إذا كان يتعامل مثلا في البيوع أو تاجرا فيتعلم ضوابط التجارة الإسلامية حتى لا يقع في الربا أو يقع في الأمور التي تفسد العقد أو تبطل البيع, فإذن هذه علوم طلبها فرض عين.

كذلك أيضا فيما يتعلق بالعلاقات ما بين المسلم وغير المسلم، وكيف يقيم علاقته مع المسلمين من باب أولى, هذا أمر.

الأمر الثاني: علاقته مع والديه؛ لأنه لابد قطعا من أن يكون له علاقة مع غيره من الناس خاصة الوالدين، فلابد أيضا أن يتعلم كيف يتعامل مع والديه، وإذا كان زوجا كيف يتعامل مع زوجته، وكيف يتعامل مع الإخوة والأخوات، وكيف يتعامل مع الأرحام - أرحام الدرجة الأولى والثانية والثالثة - كذلك كيف يتعامل مع الجار المسلم، كيف تكون المعاملة بينه وبين الجار المسلم وبين المسلم غير الجار، وكذلك الجار غير المسلم، هذه لابد أن يتعلمها الإنسان, وأن يكون على علم بها، حتى يتعبد إلى الله تبارك وتعالى بتلك المعاملات الطيبة التي بينها الله تبارك وتعالى في كتابه وسنها لنا النبي صلى الله عليه وسلم في سنته.

كذلك أيضا الأخلاق: يتعلم أخلاق الإسلام, هذه كلها تسمى فرض عين، هذه تسمى علوم عينية, وهذه يلزم كل مسلم ومسلمة أن يكون على علم بها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) وكلمة المسلم هنا تشمل الذكر والأنثى.

إذن فأنت مطالبة -أختي الكريمة- بتعلم هذه العلوم كلها لأنها علوم عينية، بمعنى يتعين عليك أن تتعلميها حتى تطبقيها في حياتك اليومية، لأنه –قطعا- لك إخوة وأخوات، كيف تتعاملين معهم، زميلات مثلا في الدراسة كيف تتعاملين معهم، ما الذي يجوز لك أن تقوليه، وما الذي لا يجوز لك أن تقوليه، أيضا المحرمات التي حرمها الله تبارك وتعالى تكونين على علم بها، وأنت تعلمين أن الكبائر مثلا جمعها الإمام الحافظ الذهبي في كتاب يسمى (الكبائر) وصلت إلى سبعين كبيرة، تكونين على فكرة عامة بهذه الكبائر حتى لا تقعي فيها، لأن الكبائر تجعل موقف الإنسان صعب وحرج بين يدي الله تعالى، وذلك لقول الله سبحانه وتعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما}، فلقد شرط الله لتكفير الصغائر أن يكون الإنسان قد اجتنب الكبائر، وهكذا.

فإذن هذه تسمى علوما عينية، ولابد للمسلم أن يريد أن يكون من أهل الجنة كما ذكرت أنت في اسمك المبارك (راجية الجنان) لابد أن يكون على علم بها.

ثم بعد ذلك يتعلم شيئا من التاريخ، تاريخ الأمة الإسلامية، تاريخ الحضارات التي تدور حوله، معرفة بأمور العالم العامة التي إذا ما حدث وأدير الحوار في حضرته لا يكون مغيبا عن الواقع الذي يعيشه، كذلك أيضا إذا كان طالبا فلابد أن يكون ملما ومجتهدا في تحصيل الدروس العلمية التي يتعلمها، حتى يكون قويا، يعني لا ينبغي أبدا -أنت مثلا- أن تنشغلي بقراءة التاريخ والسير والمغازي, وقراءة كتب الأدب وغيرها وأنت في نفس الوقت مقصرة في دراستك، فأنت الآن كما فهمت لازلت طالبة, وينبغي عليك أن تجتهدي في المذاكرة حتى تكوني متميزة، ولعل الله أن يمن عليك لتصبحي أستاذة في الجامعة تكون خدمتك للإسلام أعظم من كونك إنسانة عادية في أي إدارة من الإدارات.

فإذن هذا الأمر مطلوب منك حقيقة أن تركزي على مستواك العلمي, وعلى موادك الدراسية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف).

وأما فيما يتعلق بالجزء الثاني من سؤالك أن تكوني شخصية جادة فلابد أن تركزي على مصلحتك أولا، الشيء الذي تحتاجين إليه لابد أن تحافظي عليه، وأن تجتهدي في تحقيقه بالطرق المشروعة، وما سوى ذلك فلا مانع من أن يكون هناك شيء من اللين وشيء من المرونة، ولكن لا تجاملي على حساب نفسك، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز), وإذا وعدت وعدا ينبغي أن تلتزمي به، وأن لا تخالفيه مهما كانت الظروف إلا عند الضرورة الشرعية، وإذا التزمت بكلمة لابد أن تنفذيها أيضا، وإذا أعطيت عهدا لإنسان لابد أن توفي هذا العهد، وأن تحرصي على الصدق في كلامك، ولا تقبلي أبدا الهزل في حياتك، بمعنى أنك تكذبين حتى وإن كنت لأن ذلك كله يسيء لشخصيتك، فالشخصية الكاملة هي شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو القدوة، ولا مانع أن نستفيد من التجارب الحديثة في فهم النفسيات، وطبائع البشر وكيفية التعامل معهم.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات