السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,
هل يجوز للفتاه الملتزمة أن ترفض شخصا تقدم للزواج منها لأنه لا يحفظ شيئا من القرآن؟
هي بفضل الله ختمت القرآن حفظا, وهي محفظة للقرآن, وتقدم لها شاب ملتزم وملتح, ومن أسرة ملتزمة، ولكنه لا يحفظ القرآن, ويقول إن عنده النية للحفظ لله ليس من أجل أن يتزوج, وهذا الشاب قد يتكاسل -بعض الأحيان- عن الصلاة في المسجد, فقد يكون مجهدا من العمل فلا يستطيع الاستيقاظ لصلاة الفجر في المسجد, لكنه في الغالب مواظب على الصلاة في المسجد, وهي تخرج من البيت كثيرا لطلب العلم, ولتحفيظ القرآن للأخوات, وهو يقول لها إنه لا يحب أن تخرج زوجته من البيت كثيرا, وإن البيت والزوج أولى وأهم من طلب العلم, فهل يعتبر هذا ملتزما فعلا؟ وهل رفضه أفضل؟
مع العلم أن سنها قارب على الثلاثين, هي تخشى إن تزوجته أن تشعر أنه مقصر إن لم يحفظ القرآن مثلا أو إن رأته ترك صلاة فرض في المسجد يوما أن تظل توجهه وتعاتبه وتحدث مشاكل بينهم بعد الزواج, فبماذا تنصحونها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنصيحتنا لهذه الأخت الفاضلة أن لا ترد الخاطب للأسباب التي ذكرت، فإنه ليس من شرط الخاطب الذي ينبغي أن تقبل به المرأة المسلمة أن يكون حافظا للقرآن، فالوصية النبوية التي أرشد فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعايير في اختيار الزوج، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، فعلى هاتين الركيزتين تقوم السعادة الزوجية، فدين الزوج يمنعه من التقصير في حقوق المرأة أو الوقوع في ظلمها، وخلقه يدعوه إلى حسن معاشرتها، وبذلك تطيب الحياة، وما دام هذا الخاطب ملتزما كما وصفته الأخت السائلة فإنه لا ينبغي أن يرد لكونه لا يحفظ القرآن، فهذا ليس من فرائض الله تعالى عليه، وربما كان زواجه بهذه الأخت مع حرصها على حفظ القرآن سببا لأن يحفظ ما يتيسر منه، وهذا سيكون في ميزان حسنات هذه الأخت إذا هي اجتهدت في حثه على الحفظ بما يتيسر له، فإنه من دعا إلى الخير كان له من الأجر مثل أجر من عمل لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، كما ورد في الأحاديث.
وأما تكاسله عن بعض الصلوات في جماعة فأمر ينبغي أن يحث على تكميل هذا النقص فيه، ولا ينبغي أن يرد من أجل ذلك، فإن الجماعة في المسجد ليست واجبة عند كثير من العلماء، فإن صلى الرجل في بيته جماعة ولو مع أهله فإنه قد أدى الواجب الذي عليه، ولكن بلا شك فضل الجماعة في المسجد فضل عظيم ولها شأن آخر، فيرى الكثير من العلماء أن الثواب المضاعف فيه الصلاة إنما يختص بالجماعة في المسجد، ومن ثم ينبغي حث هذا الأخ بعد ذلك وترغيبه بذكر فضائل في المسجد، وأجر الخطوات إليه، وأجر البقاء فيه، وهذا كفيل -إن شاء الله تعالى- أن ينشط عزيمته وهمته لاكتساب هذه الأجور، ما دام متدينا في الأصل فإن هذا يسهل ابتعاثه هذا العمل بعد أن يرغب فيه.
ولا ينبغي أن يكون نصح هذا الزوج أو ترغيبه في شيء من خصال الخير سببا للخلاف بين الزوجين، بل لا ينبغي إن وقع في بعض المخالفات الشرعية أن يكون ذلك سببا للشجار والخلاف، فإن الوعظ بالتي هي أحسن, والدعوة إلى الله عز وجل بالكلمة الطيبة كفيل بأن يرد النفوس إلى الله تعالى عن تقصيرها، ونحن على ثقة بأن هذه الأخت إذا بذلت جهدها في محاولة تكميل هذا الزوج وابتعاده عما هو فيه فإن جهودها بإذن الله بإخلاص وجد سيقدر الله لها النجاح.
فنصيحتنا لها أن لا ترده لما وصفت، لاسيما وأن فرص الزواج بالنسبة لها تقل يوما بعد يوم، وخير ما نوصيها به تقوى الله تعالى والاعتماد عليه، ومما شرعه الله عز و جل في هذا المقام الاستخارة، فإن فيها سؤال الله تعالى أن يقدر الخير، فإنه يعلم ونحن لا نعلم.
نسأل الله تعالى أن يقدر لأختنا هذه الخير حيث ما كان, وأن يرضيها به.