السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبكاته..
أنا شاب جزائري في الأربعينيات، متزوج وأب لثلاثة أطفال، مشكلتي يا شيخنا أنني حائر كيف أتصرف مع زوجتي، إنها تتسبب في مشاكل متكررة مع والدتي العجوز لأسباب تافهة، وللوالدة أيضا أسباب أحيانا في هذه المشادات، وقد سبق أن اشتكيت لوالدها دون جدوى، وقد أقدمت حينها على محاولة انتحار وتركتها في بيت أهلها لمدة، وعزمت على عدم العودة إلى بيتي، وفي هذه الأيام أعيش في توتر بعد وقوع مشاكل مع والدتي، وأنا حائر كيف أتصرف، علما بأنني أخاف أن تقدم على الانتحار مرة أخرى، أخاف على أطفالي وأخاف أن أقع في عقوق الوالدة إن لم أحسن التصرف، فإن زوجتي صعبة المزاج، وهي غالبا ما تعصي أوامري، وفي المقابل فهي سخية جدا، وقد ساعدتني في الكثير من أمور البيت، ولا أريد أن أخسرها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مقران حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونحن نقدر صعوبة الموقف الذي تمر به، ونسأل الله تعالى لك الإعانة عليه، والتوفيق لعمل ما تتحقق به المصلحة لك ولوالدتك ولزوجتك وأولادك.
نحن نشكر لك أيها الحبيب حرصك على بر والدتك والإحسان إليها عند كبر سنها، وهذا من كمال دينك، ونسأل الله تعالى أن يرزقك برها وأن يجعلها سببا لدخولك جنان الخلد، كما نشكر لك أيضا إنصافك لزوجتك واعترافك لما فيها من محاسن، ونحن نوافقك الرأي بأنها سخية، وعيشها مع والدتك وإن أحدثت معها بعض المشاكل يدل أيضا على طيب في نفسها، وإن وقع الخلاف بينها وبين والدتك، وهذا أمر معتاد أيها الحبيب.
نريد أولا أيها الكريم أن ننبهك بأن حقوق زوجتك عليك أن تسكنها في سكن مستقل مرافقه كالمطبخ والحمام ومدخل البيت والمخرج منه، ونحو ذلك من المرافق، فهذا من حقوق الزوجة على زوجها، ولا يجوز إدخال الضرر عليها في من يساكنها في بيتها، حتى تصل إلى هذه الحالة التي ذكرت وهي محاولة الانتحار، فإن هذا فيه ضرر بين على هذه المرأة.
برك لأمك ولزوم إحسانك إليها والقيام بأمرها لا يبرر لك إدخال الضرر على الزوجة، ولا يبرر لك انتقاص حقوق هذه الزوجة إلا ما طابت به نفسها، ونحن على ثقة أيها الحبيب أنك لو سلكت مسلك تطييب نفس الزوجة فإنك ستظفر بالمطلوب بإذن الله تعالى.
فننصحك أيها الحبيب أن لا تتعامل مع الزوجة على أنه أمر لازم عليها وواجب عليها أن تقوم برعاية أمك أو تنفيذ طلباتها في البيت، بل ننصحك بأن تشعر الزوجة باعترافك لها بالفضل واعترافك لها لما تقدمه، واعترافك لها بأنها قائمة بعنايتك ومساعدتك في أمر لا يلزمها، فهذه المشاعر في حد ذاتها إذا وصلت للزوجة فإنها ستقدر ما تبذله معك وستعرف أنها تؤدي شيئا ثوابه لا يضيع، فستصبر على ما قد يصدر من أذى من والدتك.
ثم ننصحك أيها الحبيب أيضا بمبادلة ما تقدمه الزوجة من إحسان سواء بالصبر على الوالدة في البيت أو بقيامها بخدمات البيت أحيانا، أن تبادلها ذلك بإكرامها بالهدية بين الوقت والآخر، والثناء عليها في وجهها، والثناء عليها أمام الناس، فإن هذا يشجعها على الإحسان إلى الوالدة ويهون عليها ما قد تلقاه من إساءة من أمك.
كما أنه ينبغي لك أن تتلطف بوالدتك أيضا وتحاول إفهامها بين الوقت والآخر أن بنات الناس لا بد من الصبر عليهن وأن لا تجعل نفسها ندا للزوجة، وأن تعاملها معاملة ابنتها، فإذا سلكت هذا المسلك في التوفيق بين الجانبين فإنك ستوفق بإذن الله سبحانه وتعالى.
فجوهر الموضوع أيها الحبيب أن توصل هذه الرسالة إلى الزوجة وأن هذا شيء لا يلزمها، وأنك تقر بهذا وتعترف، وأنك بحاجة إلى إعانتها حتى تتجاوز هذه المرحلة، وتشعرها بحاجتك إلى بر أمك وأنها مفتاح الطريق لك إلى دخول الجنان، وأن برك بأمك عائد بركته عليك وعلى أولادك وعلى بيتك وأسرتك، فإذا أوصلت هذه الرسالة إلى زوجتك وصاحب ذلك الإحسان إليها الإحسان المادي والإحسان المعنوي والإكرام لها في مقابل ما تبذله مع الوالدة، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وهذا الأسلوب مفيد مع الأعداء فكيف مع أقرب الناس إليك وأحب الناس إليك وهي زوجتك؟!
فإذا سلكت هذا الأسلوب فإنا سننتظر منك - إن شاء الله - مقبل الأيام القادمة التبشير بتغير الحال وتجدد المواقف، ونحن على ثقة من أن هذا الأسلوب سيؤدي إلى هذه الثمار مع الصفات التي ذكرتها عن الزوجة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير وييسره لك، ويعينك على بر أمك والقيام بحقوق زوجتك.