السؤال
السلام عليكم.
الحمد لله أولا وأخيرا، لقد أصبت بمرض نفسي منذ (5) سنوات، لتعرضي للهتك والتكلم في شرفي بالسوء من غير سبب بهتانا وافتراء، أحس أنني ضعيف الشخصية، فعندما أتناقش مع أحد نقاشا حادا أجهش بالبكاء، وأخاف أن أذهب للسوق والأماكن العامة، وأخاف أن أتكلم في السوق بصوت مرتفع، أحس أحيانا بالقوة المؤقتة، ويحدث لي شيء ما، فأحس بالضعف مرة أخرى، وأخاف أن أتعرض للمذلة، وأنا أوسوس على أتفه الأسباب، وأخاف من العراك، وأحس بالمذلة لعدم مقدرتي على أخذ حقي، وقد فكرت بالانتحار أكثر من مرة، ولولا حرمته الشرعية لفعلت، وأنا أخاف الجن خوفا غير طبيعي، فماذا أفعل جزاكم الله خير الجزاء؟ وهل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟
جعلكم الله سببا في شفائي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن حالتك النفسية تسمى بعدم القدرة على التواؤم أو عدم القدرة على التكيف، وهي أعراض قلقية واكتئابية ووسواسية ومخاوف، لكنها من الدرجة البسيطة، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بما ذكرته عن بهتان وإشاعات قيلت في حقك، ويظهر أنك حساس، ولهذا كان له تأثير عليك تأثيرا سلبيا بصورة واضحة، وربما كان لديك شيء من الاستعداد للقلق والتوترات النفسية.
لا شك أن عمرك أيضا يلعب دورا فيما حدث لك، فأنت في مرحلة عمرية بها تغيرات نفسية وعاطفية ووجدانية وفسيولوجية، والإنسان قد يحس فيها بشيء من عدم الاستقرار، لكن - إن شاء الله تعالى - كل هذه الأمور أمور مؤقتة وعرضية جدا.
الثقة بالنفس تأتي من خلال الأفعال، وليس من خلال المشاعر، بل على العكس المشاعر حينما تكون سلبية تضر بالإنسان جدا، وتجعله دائما يحقر نفسه ويقلل من شأنها، لكن الإنسان الذي يحكم على نفسه من خلال أفعاله وأعماله، ويكون حريصا في أن يكون مفيدا لنفسه ولغيره، ويستفيد من وقته بصورة صحيحة، ولابد أن يحس بالرضى ويحس بالثقة في النفس.
فأنت إذن مطالب أولا أن لا تبالغ في تفسيرك وتفكيرك حول ما حدث من إشاعة، هذا أمر تغاضى عنه، ويجب أن لا يؤثر عليك مطلقا، ومع بعد المقارنة لكن تذكر ما قيل في أمنا عائشة -رضي الله عنها- اقرأ هذه القصة بتمعن وبتدبر، وسوف تجد إن شاء الله أنها معينة لك كثيرا.
ثانيا: يجب أن تضع جدولا يوميا لترتيب وقتك وإدارته والاستفادة منه بصورة واضحة، فخصص وقتا للدراسة، ووقتا للرياضة، ووقتا للتواصل الاجتماعي، ووقتا للقراءات الثقافية، فالإنسان دائما يثبت نفسه أمام الآخرين من خلال علمه ودينه، هذا هو النموذج الحسن للإنسان، وأنت تستطيع أن تفرض نفسك على من حولك من خلال تمسكك بعقيدتك وتميزك العلمي، فإذن الأمر يتطلب منك بعض الجهد، لكنه ليس بالصعب وفي النفس وقت مثمر جدا.
ليس هنالك ما يدعوك للانتحار -إن شاء الله تعالى- أنت بعيد عنه، هذه لحظات من الضجر والكدر قد تأتي للإنسان، لكن الانتحار ليس أمرا سهلا، الانتحار أمر فظيع، أمر وخيم، وأنت لك أشياء كثيرة تريد أن تحيى من أجلها، وأنت بفضل الله تعالى تذكر الحرمة الشرعية لهذا الأمر، وفوق ذلك هنالك ما يدعوك لذلك، فأنت لست بأسوأ الناس، أنت أفضل من أناس كثيرين، أنت في بدايات الشباب، أمامك فرصة عظيمة جدا أن تغير من مسارك وأن تكون إيجابيا.
أنصحك بالصحبة الطيبة، كن مع الخيرين، كن مع الصادقين، سوف تجد حقا أنه توجد نماذج جميلة في الحياة، الذين لا يغتابون، الذين لا يسيئون، الذين تجدهم يحثونك دائما على الخير، هذا سوف يغير من منظورك تماما حول نفسك، فكن على هذا المنوال، كن على هذا الطريق.
أوصيك ببر والديك، فبر والديك سوف ينعكس عليك إيجابيا في حياتك الدنيوية - وإن شاء الله - لك ثواب في الآخرة، رضى الوالدين يقوي من شكيمة الإنسان وعزيمته، ويشعره بالطمأنينة، ويزيل عنه الهشاشة النفسية، فكن على ذلك حريصا.
أيها الفاضل الكريم: حتى يقضى تماما على هذه الأعراض النفسية أنصحك بأن تتناول دواء لفترة بسيطة، الدواء يعرف تجاريا باسم (لسترال)، ويعرف تجاريا باسم (زولفت)، واسمه العلمي هو (سيرترالين)، هو دواء ممتاز لعلاج القلق والتوترات والمخاوف والوساوس، تناوله بجرعة نصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى خمسين مليجراما (حبة واحدة) لمدة ستة أشهر، ثم خفضها مرة أخرى إلى نصف حبة يوميا لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناوله.
الدواء دواء سليم، لا يسبب الإدمان، ليس له أي مضار، وهو جزء من علاج حالتك، ولا أقول أنه الأساس، سوف يساهم في أن يجعلك أكثر طمأنينة واسترخاء، ومن ثم طبق الإرشادات التي ذكرناها لك فهي خط العلاج الأول.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاستفادة من الاستشارات حول منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 ).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.