كيف أتخلص من التلعثم الذي أثر على حياتي؟

0 426

السؤال

السلام عليكم ورحمة وبركاته.

قبل أن أطرح استشارتي لك يا دكتورنا العزيز أرجو أن تتمعن في الاستشارة في كل ما فيها، كلمة كلمة، أنا يا دكتور لدي مشاكل في الكلام والتحدث أمام الناس، تعبيري في الكلام يخونني، فأركب الكلمة في غير موضعها، لا أعرف كيف أسرد النكت، كلامي غير مفهوم، وينقصه أشياء كثيرة، أريد أن أعبر عن نفسي، وأريد أن أخوض في نقاش في موضوع معين، أريد أن أناقش وآخذ وأعطي مع الناس بكل راحة، أريد أن يكون كلامي متزنا، فأنا أتلعثم في الكلام، وأحس بثقل لساني، وعندما أقابل أحدا من أصدقائي أتحدث معه لفترة وجيزة ثم ينتهي الحوار بسرعة، لأنه لا يوجد لدي ما أقوله، فينفض من حولي، ولا أجد مواضيع لأتحدث معه، وكأن رأسي خلا من الكلام، وأنا يا دكتور أحب تحليل الشخصيات، وأؤلف الكتب وأطرح قضايا، وأنا إنسان مثقف أطلع وأبحث عن المعلومة في الإنترنت، ولكن مشاكل الكلام والتلعثم أقصتني.

المشكلة الثانية هو أني كنت أفزع أو يأتيني شعور بالفزع الداخلي عند سماع أصوات أبواق السيارات القريبة مني، والآن أفزع من أي صوت مفاجئ، كرنة الهاتف أو أي شيء آخر لمدة قصيرة جدا، وأيضا أخاف من مشاهدة البرق، والموضوع يتطور أكثر من ذلك، فما السبيل لزيادة الثقة بالنفس وتقويتها؟

أيضا أنا في المشي غير متوازن، وأيضا أجد في بعض الأحيان صعوبة في اتخاذ القرار, أسرح كثيرا وأفكر، حتى قالوا عني (نفسية) وقد استخدمت عدة أدوية نفسية، وهي زولفت وزيروكسات وفافرين، ولم أكن أنتظم في العلاج فكانت أطول مدة واصلتها هي شهر ونصف مع فافرين، مع اختلاف ساعات تناولها، لأنني ببساطة لا أثق في الدكتور النفسي وفي الدواء.

أريد حلا جذريا لمشكلتي، إلى متى وأنا أعاني من هذه المشكلة؟ ومتى يكف الناس بحديثهم عني بالمريض النفسي؟ وهل هناك علاج نهائي لمشكلتي؟ وكم تستغرق؟

أرجوك يا دكتور، فأنت تفهم ما كتبت، لأني قد جلست ساعة أكتبها أمسح وأعدل لكي تصلك المعلومة بشكل أوضح وأشمل، ولقد التجأت إليكم بعد الله أن تساعدوني وتخرجوني من هذا الكابوس، وإذا تفضلتم أريد منكم عنوانكم البريدي للتواصل، والشكر الحار من قلبي لكم لمساعدتنا ووقوفكم معنا، أسأل الله أن يبارك لكم في مجهودكم هذا في هذه الجمعة المباركة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مراد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأود أن أؤكد لك أنني قد قرأت رسالتك كلمة كلمة، وسطرا سطرا، وتفهمتها تماما، وأنا أقدر مشاعرك كثيرا، وأريد أولا منك أن تثق في الأطباء، هذا مهم جدا؛ لأن العلاج له أصول وله ضوابط، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، وما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، والدواء لا يكون إلا عن طريق أهل العلم والمعرفة، فيجب أن يكون لديك مفهوم إيجابي حول العلاج وحول الطب، أتفق معك ليس كل الأطباء سواسية في منهجهم أو طريقتهم أو سلوكهم، لكن - إن شاء الله تعالى - الخيرين والعارفين كثر، هذا هو المبدأ الأول.

المبدأ الثاني يقوم على الأساس القرآني: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} والحق عز وجل استودع فينا طاقات ومقدرات كثيرة وقوة داخلية مختبئة، إذا استشعرنا هذا - أي أن هناك قوة وأن الإنسان يمكن أن يغير نفسه - هذا نفسه مفتاح وباب التغيير.

الثقة بالنفس: هذا المفهوم مفهوم مبهم، وهو يعني أشياء مختلفة لمختلف الناس، وهي تهمة قد يلصقها الإنسان بنفسه، ولذا يحس بأنه ضعيف وأنه لا قيمة له، والذي يلصق الثقة بنفسه هذا - إن شاء الله تعالى - يحس بالرضى ويكون منجزا وفعالا.

فتغيير المفاهيم مهم جدا، ونحن دائما نقول للإخوة والأخوات: لا تحكموا على أنفسكم بمشاعركم، احكموا على أنفسكم بأفعالكم، والإنسان إذا أراد أن يفعل ما هو إيجابي يجب أن يتذكر أنه من المفترض أن يكون مفيدا لنفسه ولغيره، وأن عمارة الأرض تتطلب ذلك، ولا بد للكل أن يشارك فيها، وأفضل طريقة لأن تنتج وأن تنجز هو أن تدير وقتك بصورة صحيحة، فاجعل لنفسك أخي الكريم خارطة زمنية تتحرك من خلالها، قل لنفسك: (بعد صلاة الفجر سوف أقوم بكذا وكذا، وقبل صلاة الظهر سوف أفعل كذا وكذا) وهكذا في العصر وفي المغرب، الحياة كلها جهد ومكابدة، والإنسان الذي ينتج يحس بتفاعل إيجابي جدا، وهنا تبدأ المشاعر في التغير، هذا هو الذي أنصحك به.

بالنسبة لأن تريد أن تكون متميزا ومفوها، هذه أمنية، وهي أمنية طيبة، ومن وسائلها أخي الكريم الاطلاع والمعرفة والمثابرة ومجالسة العلماء، هذه مهمة جدا وأساسية جدا لأن يتعلم الإنسان ويتخذ النماذج، فكل إنسان لا بد أن يكون له نموذج حسن في حياته يقتدي به، هذه هي الطرق وهذه هي الوسائل.

الشعور الذي يأتيك بالخواء الداخلي ناتج من القلق وناتج مما سميته باهتزاز الثقة بالنفس، وناتج أيضا من أنك لا تدعم نفسك بالمعلومات، مع احترامي الشديد لك من أنك قلت تبحث وتطلع على الإنترنت، فالإنترنت ليس خير وسيلة للتعلم، بل ربما يكون وسيلة سيئة في بعض الأحيان، لأن فيه الكثير من الأشياء المشوهة والمغلوطة، اقرأ في أمهات الكتب، هنالك كتب في الدين، وفي التاريخ، وفي الجغرافيا وفي العلوم ، وفي الأدب، كتب رصينة جدا لا بد أن تكون هي وسيلة اطلاعك، وكما ذكرت لك حاول أن تجالس العلماء وتستمع إليهم، هذه هي الوسائل الجيدة والمفيدة.

يجب أن تحس بقيمة نفسك، هذا مهم جدا جدا، فالإنسان إذا لم يحس بقيمة نفسه الحقيقية لن يتغير، ولا أحد يستطيع أن يعمل لك أي شيء، بل على العكس تماما الناس قد تؤخر في بعض الأحيان، فلا تحقر من قيمة ذاتك، وأنت - إن شاء الله - في عمر فيه طاقات نفسية وجسدية كثيرة جدا.

لا بد أن يكون لديك ممارسة رياضية يومية لا تقل عن ساعة؛ لأن الرياضة تفجر الطاقات النفسية والجسدية بشكل واضح ومفيد جدا.

العلاج الدوائي: أنا صراحة لا أرى أنك في حاجة كثيرة له، وأنت في الماضي لم تلتزم به كثيرا. الدواء قد يساهم، لكن إذا أخذت ما ذكرته لك سابقا إن شاء الله تعالى سوف تستفيد كثيرا، هنالك كتب جيدة للمعرفة مثل كتاب ديل كارنجي (كيفية التخلص من القلق وأن تبدأ الحياة بصورة صحيحة) وهنالك كتاب للدكتور عائض القرني (لا تحزن) وهنالك كتب كثيرة جدا في التنمية البشرية وخلافه، لكن الأمر ببساطة شديدة هو أن الإنسان يستطيع أن يغير نفسه إذا أراد، وإذا ألبس نفسه ثوب الهزيمة والسلبية فسوف يظل على هذه الحال.

أرجع مرة أخرى للعلاج الدوائي، لا مانع أن تتناول أيا من الأدوية التي ذكرتها فهي كلها جيدة، لكن لا بد أن تتناولها على الأقل لمدة ستة أشهر حتى تحس بفائدتها، وأنا أرشح لك أن تتناول عقار بروزاك، وأرجو أن تكون قناعاتك بالدواء قناعات إيجابية، لأن هذا الدواء كما ذكرنا سلفا دواء فعال وممتاز جدا، ويمكن أن تتناوله فقط بمعدل كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذه ليست بالمدة الطويلة، والدواء هذا جيد ومزيل للقلق والتوترات والمخاوف، وهو استرخائي جدا وسوف يكون إيجابيا عليك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات