السؤال
السلام عليكم..
مشكلتي باختصار: أنا - ولله الحمد - إمام مسجد منذ ثلاث سنوات، لكن خلال هذه الثلاث سنوات إلى الآن لم أستطع كسر حاجز الخوف الذي يحصل لي قبل الصلاة وأثناء الصلاة، المشكلة أني قبل أن أصلي بالناس غالبا يحصل لي خوف وقلق وضيق في التنفس، بالذات إذا كانت جماعة المسجد كبيرة.
حاولت أن أشجع نفسي أكثر من مرة، ففي مرات أفشل، ومرات - ولله الحمد - أتغلب على الخوف، لكن ليس لمدة طويلة، يمكن صلاة أو صلاتين، أو حتى ليوم، طبعا بحثت عن أدوية تقلل من الخوف والقلق، لكن بعضهن له أضرار، فما الذي تنصحني به يا دكتور؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهذا نوع من المخاوف البسيطة، وهي مخاوف ظرفية وعرضية، وهي مرتبطة بموقف معين، وهو الصلاة، والصلاة يجب أن تكون هي لحظة الطمأنينة التي يحس بها الإنسان، لكن الذي يحدث لك ربما يكون مرتبطا بتركيزك الزائد - وهذا شيء طيب - لأن الإنسان من المفترض أن يركز وأن يكون خاشعا في صلاته، وربما يكون أيضا ناتجا عن اعتقادك بأنك سوف تفشل وأنك مراقب رقابة دقيقة من قبل الآخرين، وأنه سوف يحدث لك كذا وكذا مثل التلعثم وغيره، هذه أخي الكريم كلها مفاهيم خاطئة.
أنت بفضل من الله تعالى لا تنتابك هذه الحالة في كل الصلوات، لذا أريدك أن تتذكر الأوقات التي لا تأتيك فيها حالة الخوف، وتتجاهل تماما الأوقات التي تأتيك فيها حالة الخوف، وعليك أخي الكريم أن تكثر من الصلاة بالناس ما دمت مجيدا لهذا، وأنصحك أن تزيد رصيدك من العلم والفقه، لأن الإنسان الذي يتسلح بالعلم وبالفقه يحس بأمان، ويحس أنه إذا اعترضه أي عارض في صلاته من سهو أو خلافه فإنه يستطيع أن يقوم بالفعل الصحيح وفي الوقت الصحيح.
أمر آخر: تأمل الأئمة في الحرم المكي وفي المساجد الكبيرة، ضع نفسك مكانهم، وانظر إلى هذا الأمر بتركيز أيها الأخ الكريم، وتذكر دائما أن الناس ما داموا يقدمونك لتصلي بهم فهذه خاصية عظيمة ونعمة من الله تعالى عليك أيها الفاضل الكريم.
أنا ذكرت لك الاطلاع والتوسع في الفقه والعلم، وكذلك قراءة القرآن، فزد رصيدك من الحفظ، وحاول دائما أن تتلو بصوت عال وأنت لوحدك في البيت أو في المسجد، وسيكون من المستحسن أيضا أن تحضر نفسك للصلاة، أن تجهز نفسك جسديا ومعنويا وحتى ما تريد أن تقرأ من السور راجعه قبل الصلاة، هذا سوف يكون أمرا جيدا وسوف يبعث فيك الكثير من الطمأنينة والثقة.
هذه هي الإرشادات السلوكية العامة التي أريد أن أوجها إليك، أضف إلى ذلك: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، سيكون من الجيد جدا أن تدرب نفسك عليها، هذه التمارين بسيطة جدا ومن صورها: اجلس على كرسي في مكان هادئ، أغمض عينيك، وتأمل أنك تصلي بالناس، بعد ذلك خذ نفسا عميقا وبطيئا عن طريق الأنف، اجعل صدرك يمتلأ بالهواء، أمسك الهواء قليلا في صدرك، ثم بعد ذلك أخرجه بكل قوة وبطء عن طريق الفم، هذا التمرين يكرر خمس مرات متتالية في كل جلسة بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، كرره لمدة ثلاثة أسابيع، وبعد ذلك يمكن أن تقوم به مرة واحدة في اليوم، فهو تمرين طيب وجيد ومفيد.
بالنسبة للعلاج الدوائي أود أن أبشرك أنه توجد أدوية ممتازة، أدوية فعالة، مزيلة للمخاوف والقلق خاصة القلق الاجتماعي، وليس بها أضرار حقيقة، فأرجو أن تطمئن أخي الكريم، وعليك أن تلتزم بتناول الدواء بصورة صحيحة.
من الأدوية التي ننصح بها في مثل هذه الحالات دواء يعرف تجاريا باسم (لسترال) ويعرف تجاريا أيضا باسم (زولفت) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) وأنت محتاج لجرعة صغيرة من هذا الدواء، ابدأ في تناله بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - تناولها ليلا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بجانب اللسترال هنالك دواء يعرف تجاريا باسم (إندرال) هو دواء جيد جدا لإزالة الأعراض الجسدية الفسيولوجية المصاحبة للخوف، ومن هذه الأعراض تسارع ضربات القلب أو التعرق أو الرجفة أو الشعور بنوع من الدوخة، جرعة الإندرال هي عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، بعد ذلك عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم يمكن تناوله عشرة إلى عشرين مليجراما عند اللزوم.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وهنالك أمر آخر وجدناه يساعد الناس كثيرا في مواجهة مثل هذه الحالات، وهو ما إذا أتيحت لك فرصة أن تقرأ حديثا أو تشرح آية أو تقوم بموعظة للمصلين بعد انقضاء الصلاة من وقت لآخر، هذا أخي الكريم يدعم ثقتك في نفسك ويجعلك أكثر انطلاقا واسترخاء حين تصلي بالناس.
وللفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارة حول علاج الرهاب من التقدم للإمامة سلوكيا ( 260852 ) .
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.