السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن تفيدوني سريعا في مشكلتي التي تكمن في خوفي من الحشرات بصفة عامة، والذباب الكبير بصفة خاصة نظرا لأنه الغالب الذي يدخل البيت.
أنا أخاف خوفا شديدا جدا يوصلني للبكاء إن رأيت ذبابة! ولا يمكن أن أقترب من المكان التي توجد به خوفا أن تطير وتأتي علي، وفي يوم جاء زوجي من العمل ولم أصنع الغداء لأن الذبابة قرب المطبخ!
تعبت نفسيتي كثيرا لأجل هذا، ولكني لا أستطيع مقاومة رعبي، لدرجة أني أغلقت النوافذ بشكل لا يجعل البيت فيه تهوية لأجل ألا تدخل ذبابة!
المشكلة الأكبر أن لدي طفلا سيكمل عامه الأول قريبا –إن شاء الله- ولا أريد أن يكون جبانا.
ماذا أفعل؟ أنا أعلم أنها مشكلة، وحاولت أن أسيطر عليها لكن لم أستطع، حاولت أن أقترب من الذبابة لأخرجها من النافذة لكنها ما إن تطير أحس بقشعريرة في جسدي، وتنميل بيدي من الخوف، وإن جاءت قربي يصل بي الأمر للبكاء والصراخ خوفا!
أرجو أن تجدوا حلا لمشكلتي التي تؤرقني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
هذه نوع من المخاوف البسيطة، فالمخاوف متعددة جدا، والمخاوف من الحشرات معروفة ومألوفة، خاصة في مرحلة الطفولة، ولكن قد يستمر الأمر مع بعض الناس كما هو في مثل حالتك.
العلاج -إن شاء الله- بسيط جدا، وهو أن تفكري وتتأملي وتحللي هذا الخوف الذي يأتيك.
من الأخطاء النفسية الحقيقية هي أن يقبل الإنسان مشاعره أيا كان نوعها دون أن يتأمل فيها، دون أن يتحملها، دون أن يعرف حقيقة هل هي ذات قيمة أم لا؟! وعليه أنا أدعوك حقيقة أن تجلسي لمدة نصف ساعة لوحدك، وتعيشي مع رحلة الخوف هذه، وتتأملي فيها، وتحلليها، ولا بد في نهاية الأمر أن تصلي إلى قناعة أن هذا النوع من الخوف خوف سخيف وغير مبرر، وحين تصلين إلى هذه القناعة بأن هذا خوف سخيف وغير مبرر ويجب أن لا يسيطر عليك، هذا سوف يساعد في تبديل مشاعرك.
بالطبع لا تنفع ولا تفيد جلسة واحدة، إنما هذه الجلسات يجب أن تكون متكررة، جلسات لإقناع الذات، واربطي التفكير بإقناع الذات بتفكير آخر، وهو (لماذا لا تكوني مثل الآخرين؟ هذه الحشرات هي من مخلوقات الله، وهي ضعيفة وضعيفة جدا، والإنسان قد كرم بعقله وتفكيره، وهذه الحشرات ضعيفة جدا) المقارنة ليست موجودة أصلا ما بين الإنسان كإنسان وما بين الحشرة، اربطي الفكر المضاد بالخوف، وهذا لا شك أنه يضفعه كثيرا.
التمرين الثاني هو أن تقرئي عن هذه الحشرات، اقرئي عن الذباب وعن حديث الذبابة، واقرئي كل ما يتعلق بالذباب أو أي حشرة أخرى تحسين أنه تنتابك مخاوف حولها، والإنسان حين يعرف الشيء على حقيقته سوف يقبله، وهذه هي الحكمة من وراء أن نقول لك ارفعي معارفك حول هذه الحشرات.
التمرين الثالث هو أن ترسمي الذبابة على ورقة وتكرري ذلك وتتأملي وتنظري في هذه الرسمة، وهذا نسميه بالتعريض، أي أنك أصبحت تعرضي نفسك لمصدر خوفك.
التمرين الرابع قد يكون مضحكا بعض الشيء، لكنه ضروري، وهي أن تحضري دمى الحشرات، هناك دمى مطاطية موجودة في الأسواق، وتنظري إليها وتحمليها في يدك وتعرضي نفسك لها كثيرا، هذا أيضا نوع من العلاج وإن كان مضحكا في ظاهره كما ذكرت لك.
هذه إن شاء الله هي الخطوط العلاجية الرئيسية التي أراها مفيدة جدا، وتحقير الفكرة هو أمر ضروري، ويجب أن لا تشغلك أبدا، والتعريض والتعريض والتعريض هو وسيلة العلاج.
لا أعتقد أن طفلك سوف تحدث لديه مخاوف، لا تنزعجي لهذا الأمر ولا تكوني حساسة حياله.
بالنسبة للتنميل والقشعريرة التي تحدث عند الخوف هذه يتم التخلص منها من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء، فأرجو أن تكثري من تمارين الاسترخاء، ولتعلم هذه التمارين يمكنك أن تتصفحي المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.
أنا لا أعتقد أنك في حاجة إلى دواء بالرغم من أن دراسات كثيرة جدا أشارت إلى أن عقار سيرترالين والذي يعرف تجاريا باسم (زولفت) أو (لسترال) ربما يكون مفيدا في مثل هذه المخاوف البسيطة.
عموما: الخيار لك في موضوع الدواء، وأنا على قناعة أنك إذا طبقت التمارين السلوكية السابقة بجدية سوف تتخلصين من هذا الخوف، وإذا لم يحدث تحسن حقيقي فهنا يمكن أن تتناولي اللسترال بجرعة نصف حبة يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناولها.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.