تعلقت بشاب ... فهل يكفي الدعاء أن يكون من نصيبي أم لابد من العمل بالأسباب؟

0 762

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي مشكلة حيرتني جدا، وأملي في الله ثم فيكم كبير.
أنا وحيدة وفي سن الزواج، ولدي مشاكل، وأحلام كبيرة، ولا تنحل إلا بالزوج لأنه محرم وسند، وهذا الأهم.

رأيت شابا صالحا، وقلبي تعلق فيه، لكن يعلم الله أني أتمناه بالحلال، وأدعو ربي كثيرا، ولابد في كل شهر مرة أن أراه، لأنه يعمل بمكتب ولازم أذهب إليه.

سؤالي:
أدعو ربي أن يكون من نصيبي، فوالله إني محتاجة لأشياء كثيرة وأهم شيء أني محتاجة لزوج يعينني على ديني ودنياي.

أتمنى العمل بالأسباب لكني خائفة أن يغضب ربي.

ودي أعمل مثل السيدة خديجة لكن لا أريد ربي يغضب علي، أرشدوني بما لا يغضب الله.

فهل لازم أدعو، وأعمل بالأسباب، أو الدعاء يكفي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة - فإنه ومما لا شك فيه أن قضية الزواج لمثل من هي في سنك تأتي على رأس الأولويات، لأن المرأة مجبولة بطبيعتها على الميل للرجل، وكذلك الرجل مجبول بطبيعته على الميل للمرأة، وعندما يصل الإنسان إلى سن البلوغ فإن هذه الرغبة تشتد لديه وتصبح الحاجة داعية وبقوة إلى إكمال حياته بوجوده في كنف الطرف الآخر، فالذي تشعرين به شيء طبيعي وهو مناسب لهذه المرحلة السنية، خاصة وأنك قد وصلت الآن إلى مرحلة متقدمة بالنسبة لما كان عليه الناس قديما، أما الآن، فأحب أن أطمئنك أختي الفاضلة (ليلى) أن مثل هذه السن الآن أصبحت شيئا عاديا، لأن معظم الفتيات الآن انخرطن في التعليم الجامعي، وعادة لا تتخرج الفتاة إلا بعد الثانية أو الثالثة والعشرين من عمرها، ثم يبدأ بعد ذلك مشروع الزواج بعد ذلك بفترة، فالآن أنت مازلت في سن مرغوبة ومطلوبة، ولا يوجد هناك حقيقة ما يجعلك في خوف أو وجل أو عدم استقرار نفسي نتيجة هذه السن، فإن هذه السن الآن كما ذكرت لك أصبحت شيئا مألوفا، معظم الشباب الآن يتزوجون على رأس الثلاثين من العمر، أي بمعنى مضي نصف عمرهم في حالة العزوبية، لأن نظام التعليم الآن أصبح شاقا وطويلا، والرجل مكلف بعد إنهاء العملية التعليمية أن يبحث عن وظيفة مناسبة، ثم بعد ذلك يبدأ في تجميع الأموال المناسبة للزواج، وهذا يستغرق حقيقة منه وقتا، ولذلك أصبح من العادي جدا أن نجد أن معظم الشباب يتزوجون على رأس الثلاثين وبعضهم قد يزيد، و كذلك أيضا معظم الفتيات يتزوجن بعد الثلاثة والعشرين، أو على رأس الخمسة وعشرين وقد يزيد الأمر.

فأنا أرى بأن هذا الوقت ليس بالوقت الحرج بالنسبة للزمان الذي نحن فيه الآن، وإنما هو زمن طبيعي، وعليك بارك الله فيك أن تقري عينا وأن تطمئني لمراد الله تبارك وتعالى وقدره. هذا أولا.

ثانيا: أعتقد أنه لا يخفى عليك أن من أركان الإيمان: الإيمان بالقدر خيره وشره، والنبي صلوات ربي وسلامه عليه أخبرنا بقوله: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) ومن هذه المقادير أختي الكريمة الفاضلة: الأزواج، والأولاد، والأموال، والجمال، والصحة، وغير ذلك من هذه الأمور كلها، كلها من تقدير الله سبحانه وتعالى، وبالنسبة لك شخصيا: لقد اختار الله لك زوجا في علمه القديم سبحانه وتعالى جل جلاله، وسوف يأتيك بإذن الله تعالى، قد يكون هو هذا الشاب الذي بدأت تعجبين به، وقد يكون غيره، ولذلك نحن مطالبون فقط بالدعاء بارك الله فيك، الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يكرمنا الله بالزوج الصالح.

نعم هذا الأخ قد يكون صالحا، وقد تكونين قد استرحت له، ولكن قد لا يكون مناسبا، فقد يكون العبد صالحا وقد يكون غنيا وقد يكون جميلا، ولكنه لا يصلح لك، أو أنت لا تصلحين له، وقد يكون هو أيضا مرتبطا وأنت لا تعلمين باعتبار أن الكلام بينكما لم يصل إلى درجة السؤال عن هذه الخصوصيات. هذا ثانيا.

فإذن أقول: أنت عليك بارك الله فيك فقط بالدعاء وإحسان الظن بالله عز وجل، وثقي وتأكدي من أن الله لم ولن يتخلى عنك، لأن الله لا يضيع أهله، والله تبارك وتعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، ويقينا سوف تتحقق هذه الدعوات بإذن الله تعالى ويستجيب الله كما وعد، لأن الله لا يخلف وعده، وكان عمر رضي الله تعالى عنه يقول: (إني لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء) لأن الإجابة هذا وعد الله سبحانه وتعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه.

فإذن عليك بالدعاء وترك الأمر لله سبحانه وتعالى. أنت الآن في ظني أنك تعملين وتخرجين إلى الطريق العام، ويراك الناس، وما دام الناس يروك، فإذن من الممكن بإذن الله تعالى أن يحدث هناك نوع من الإعجاب دون أن تشعري، وبذلك تحل هذه المسألة.

فيما يتعلق بقضية السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها، نعم هذا حق، ولكن السيدة خديجة لم تتكلم مباشرة مع النبي عليه الصلاة والسلام، ثانيا أنها سمعت أشياء كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاها إلى ذلك، أما أنت، فهذا الأخ لا تعلمين عنه شيئا أكثر من كونه ظاهر الصلاح أمامك، وقد يكون مناسبا وقد يكون غير مناسب.

أيضا غير ذلك مسألة المجتمع والزمان، فالذي كان مقبولا في فترة من الزمن قد يصبح مرفوضا في زمن آخر، ولذلك هذه المسألة قد تفهم خطئا، إذا ما تقدمت الآن فتاة مسلمة لرجل وعرضت عليه نفسها قد لا يكون على مستوى الفهم الذي عندها، فيظن بها سوء، وبذلك تعيش حياتها في كدر، وقد يحدث بينهما خلاف فيبدأ يعيرها يقول أنت الذي عرضت علي وأنت كذا وكذا، وبذلك تتنغص حياتها إلى آخر عمرها، وتشعر بنقطة ضعف ونقطة سوء في حياتها، وتتمنى أنها ما قالت ذلك حتى وإن ماتت دون زواج.

ولذلك أرى أن هذه الفكرة غير مناسبة، إلا إذا كان سيتولاها أطراف أخرى بعيدة عنك وعلى قدر من الحكمة والذكاء، وتستطيع أنها تمرر الموضوع دون أن يشعر الرجل ولو بأدنى شعور أنك وراء هذه الفكرة.

فإذا كان ذلك ممكنا وهناك من تثقين فيه ومن لديه القدرة على إدارة هذا الحوار فأرى أنه لا مانع من ذلك، فهذا جائز، لأنه سيحفظ لك ماء وجهك وكرامتك في حالة الزواج أو عدمه.

وعليك بالإكثار من الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام بنية تيسير أمر الزوج، لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من مفاتيح الأرزاق، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي قال له: أأجل لك صلاتي كلها يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إذن تكفى همك ويغفر لك ذنبك)، وكذلك الاستغفار فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه الله من حيث لا يحتسب} وقبل ذلك قال الله تعالى على لسان نوح عليه السلام: {فقلت استغفروا ربكم} ما النتيجة:

1) إنه كان غفارا.

2) يرسل السماء عليكم مدرارا.

3) ويمددكم بأموال وبنين.

4) ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا.

أسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك ويعوضك عما فقدت، وتسكن إليه نفسك، عاجلا غير آجل، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات