فقدت الثقة بنفسي وباتت حياتي جحيما

0 541

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

حضرة الشيخ الفاضل: أنا فتاة ملتزمة والحمد لله, محبوبة بين الناس, وأحب مساعدة الناس لفعل الخير, لكنني مع الأسف أعاني من أفكار عديدة سيئة دمرت علي حياتي, فأنا من مشكلة لمشكلة, حتى إن فكري لم يعد يحتمل أكثر, وتعبت نفسيا لدرجة كبيرة, فمثلا تأتيني وساوس كثيرة في الدين تجعلني أعاني أياما من التفكير, أحاول التخلص منها, وما إن أتخلص منها حتى أعلق في وسواس آخر كوسواس الشك بالناس, فاتهمهم بأمور خاطئة, وأحاول الدفاع عنهم بداخلي بشتى الوسائل, وعانيت من الغيرة والحسد، فمثلا إذا دخلت إلى دكان معين فوجدت تغييرا جميلا فيه وأعجبت بالتغيير أتذكر الحسد فأشعر بأنني يجب علي أن أحسده, وإذا رأيت شيئا لشخص لا أتوقع أن يملكه أكون سعيدة وأدعو له في قلبي لطرد هذه الشكوك، لكني لا أعلم لماذا يأتيني هذا الشعور تجاهه؟

لذا بت لا أحب من أحد أن يريني شيئا جديدا, أو أن يتكلم معي بما اشترى أو بما أحضر, وأحاول أن أبارك له داخليا, والآن أتاني وسواس إيذاء الناس فكأنني يجب أن أوقع بين اثنين لمجرد أنهما صديقان، وبالتحديد إذا كان الأمر يتعلق بصديقتي العزيزة، فهي لديها أصحاب كثر والحمد لله, فلما تضايقت مني ذهبت لإحداهن وكنت سعيدة، فالاثنتان شخصيتهما متوافقة, وعندما عدت إلى البيت أتتني وساوس بأن أعمل فتنة بينهما, تضايقت لأنني لا أستطيع أن أقدم على شيء مثل هذا, أنا أدع لصديقتي دائما بالخير, وقد يخطئ لساني بغير قصد بالدعاء عليها لأن الوسواس يأتيني يقول " ها أنت تدعين لها فهل تستطيعين أن تدعي عليها ",أحيانا أتجاهل أن أنظر مع من تقف لكي لا أحسدها أو أغار منها بغير قصد, وأحس أنني شخصية سيئة لدرجة كبيرة, وقلبي بات أسود, فبت أحس أنني لا أستطيع أن أكون صديقة لأحد, فمع أعز صديقة لي والتي أعزها بصدق تأتيني حالات من الوساوس كأنني أكرهها أو لا أستحقها لأجل تصرفات أو مجرد أفكار, وأحس أنها مع صديقة أخرى ستكون أفضل أو العكس أي أنني مع صديقة أخرى سأكون أفضل.

أنا قليلة الكلام خصوصا هذه الفترة فكلامي أصبح داخليا, صحيح أن لدي العديد من الأصدقاء لكني لا أستطيع أن أجلس معهن وحيدات لأنهن سيشعرن بالملل لعدم كلامي, وأحس أنني أؤذيهن بغير قصد, والآن أنا وصديقتي متخاصمات -مع الأسف- لأجل شيء آذيتها به بغير قصد، بل عن حسن نية, وهي أحست أن ما فعلته خاطئ، رغم أنني اعتذرت لها, وتحملت جميع تبعات المشكلة إلا أنها لم تسامحني حتى الآن, وأعاني أيضا من تصديق ما يقال لي فإحدى صديقاتي انتقدتني بأني أعمل خفية, وأنني أتظاهر بأنني شخصية جميلة وهادئة ورزينة، رغم أنني خلاف ذلك, وعندما سألتها عن السبب قالت لي: كونك تجلسين هادئة في الحصة بلا كلام رغم أنك لست كذلك, وقد قالتها لي مرة قبل هذه المرة من باب النصيحة, أو معرفة نفسيتي بدون تحديد سبب معين, هذه الكلمة أثرت في جدا, وبت أقول هل أنا حقا هكذا؟

ولم أجد جوابا مقنعا فأنا قد فقدت كل الثقة بنفسي, وبت بحاجة لمن يخبرني من أنا فعلا, وقد وصل بي الحال لكره نفسي, وكره البعض ممن حولي إلا أنني أرجع وأحبهم بعد فترة, وأعاني من وساوس في كل أمر في حياتي, في النفاق بت أقول لمن أثق بعدم تضايقهم مني ما في قلبي، وأعاني من أني إذا أظهرت لهم خلاف ما أبطن أكون منافقة، رغم أنه في كثير من الأحيان يكون مجرد وساوس عابرة, وباتت أمور الدين تختلط علي هذه الفترة, أريد أن أكون ذا قلب أبيض يثق في جميع الناس ولا أؤذي أحدا منهم أبدا وأحسن الظن بهم، لكن مشكلتي أن أفكاري وعقلي دائم التفكير لا يتوقف، وأخاف جدا من فكرة أن أسيء لأحد، أرجوكم ساعدوني كيف أتخلص من هذا الشعور؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
أنت بالفعل تعانين من وساوس قهرية مستحوذة، وأنا لا أعتقد أن لديك حسدا حقيقيا، لكن الفكر الوسواسي يجسم هذه الفكرة لديك, ويجعلك تحسين بهذا النوع من الشكوك، عموما عليك أن تراقبي نفسك، وعليك بالدعاء, وعليك أن تدفعي هذه المشاعر دفعا شديدا حتى يتم التخلص منها، والوساوس قد تكون فكرة أو نوعا من المخاوف أو نوعا من الشكوك أو التردد أو فعلا, أو تقوسا, أو نمطا معينا, أو صورة ذهنية تسيطر على الإنسان، وأنا أعتقد أن هذا كله متوفر لديك، لكن في نهاية الأمر الوساوس هي حزمة ورزمة واحدة وعلاجها كما ذكرنا دائما عن طريق تجاهلها, وتحقيرها, واستبدالها بفكر مخالف لها تماما.

والوساوس ذات الطابع الديني حقيقة منتشرة في مجتمعاتنا وإن شاء الله هذا دليل الخيرية، تطرقك لموضع الحسد وكذلك الشكوك هذا ليس مستغربا أن يكون جزءا من المنظومة الوسواسية لديك لأن هذه الأمور وهذه القيم نحن نتحدث عنها كثيرا في مجتمعاتنا, وعقيدتنا تحثنا حقيقة على البعد كل البعد عن هذا النوع من التفكير المرفوض من الناحية الشرعية.

أيتها الفاضلة الكريمة-أنا أرى أن العلاج الدوائي سوف يساعدك كثيرا, وقد تستغربين ما علاقة الدواء بالوساوس؟ العلاقة قوية جدا وثابت أنه في مرحلة معينة خاصة في مرحلة الشباب ربما يحدث نوع من الاضطراب البسيط في بعض المواد التي نسميها الموصلات العصبية ومنها مادة تسمى بالسيرتونين، واضطراب هذه المادة يؤدي إلى حدوث هذه الوساوس أو على الأقل يساعد في استمراريتها.

الدواء الذي يناسب عمرك هو عقار فافرين Faverin والاسم العلمي هو فلوفكسمينFluvoxamine أنصحك أن تبدئي في تناوله بجرعة (50) مليجرام تناوليه ليلا بعد الأكل, واستمري عليها لمدة أسبوعين, وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى (100) مليجرام ليلا, وسوف تكون هذه الجرعة كافية جدا, واستمري عليها لمدة ستة أشهر, وبعد ذلك خفضيها إلى (50) مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر, ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا الدواء إن شاء الله تعالى سوف يزيل عنك القلق والتوتر, وسوف يضعف الوساوس بصورة واضحة جدا, وهنا يكون واجبك أن تدفعي هذه الوساوس, وأن تحقريها, وأن تستبدليها بفكر مضاد ومخالف تماما.

أيتها الفاضل الكريمة – سيكون من الجيد والمفيد لك أن تكون لك رفقة طيبة, هذا مهم جدا, وأن تركزي على دراستك, وأن تسعي في الانخراط في الأنشطة الطلابية والثقافية والخيرية, ويا حبذا أيضا لو حاولت أن تحفظي شيئا من القرآن الكريم, هذا إن شاء الله تعالى فيه عون كبير لك, وإن شاء الله تعالى هذه الظنون وهذه الشكوك وما وصفته بالحسد سوف ينتهي تماما, وعليك أن تكوني حازمة مع نفسك, والإنسان حين يعرف ما به, وما هي عيوبه, وما هي نقاط الضعف والقوة في شخصيته, يستطيع أن يدعم ما هو قوي ويخلص مما هو سلبي, وهذا يساعد على تطور الذات.

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، وأرجو أن تلتزمي التزاما قاطعا بتناول الدواء, وأنا أؤكد لك أنه سليم, وأرجو أن أسمع منك بعد شهرين من الآن بعد أن تكوني قد تناولت الدواء بانتظام خلال تلك المدة.

وبالله التوفيق والسداد.

كما ننصحك بمراجعة هذه الاستشارات ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 ) والتي تتحدث عن منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية ففيها مزيد نفع لك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات