السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أم وعندي زوج ولقد تزوجت وأنا صغيرة بالسن وأنجبت البنين والبنات، ولم أحب زوجي منذ تزوجت غير أنني أساعده واقف بجانبه في مرضه واحتياجاته المادية، ولكنني أراعي واجباتي كزوجة ولكن لست مرتاحة له كجنس بالفراش، استمررت على هذا الوضع ولا زلت كذلك، وبالنسبة لمشكلتي الكبيرة هي عيالي لم أشعر في يوم أنهم يحبوني خاصة البنات فهم متزوجات ولكن لا أحس يبادلونني الحب رغم أنني بذلت في تربيهم الغالي والنفيس ووقفت معهم في أمور كثيرة وما زلت استأذنهم واستقبلهم في بيتي وأقوم بواجباتهم ولكن لا حياة لم تنادي، إحساس غامض يقضي علي وأنا أشعر أنهم لا يحبوني بطريقة معاملتهم لي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فحقيقة أشكرك كثيرا على رسالتك وعلى صراحتك وطلبك الاسترشاد حول هذا الأمر.
الذي اتضح لي أنك تعيشين في حالة لا أقول من الكدر، ولكن من عسر المزاج الواضح، والنظرة السلبية تسيطر عليك خاصة فيما يتعلق بحياتك الأسرية.
في مثل عمرك حقيقة الاكتئاب كثيرا ما يتصيد النساء، وأنا لا أريد أبدا أن أجعل منك ضحية، ولكن تأتيني مشاعر قوية جدا ومن تجربتي المتواضعة هي أن الفكر والتوجه الاكتئابي قد سيطر عليك للدرجة التي جعلتك لا تنظري للأشياء الجميلة والنعم التي في حياتك. هذا ليس كنوع من القنوط أو الجحود، لكن الاكتئاب يعرف عنه أنه يضرب الإنسان في كل ما هو جميل في حياته ويستبدله له بما هو قبيح، ويبدأ الإنسان يجسم ويعظم السلبيات حول نفسه وماضيه وحاضره وحتى مستقبله وينعكس ذلك الفكر على من حوله.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أنت أنعم الله عليك بهذا الزوج وهذه الذرية، وأحسب أنه لديك أحفاد، هذه نعم عظيمة جدا أنت بنيت أسرة، أنت ربيت، أنت علمت، أنت صبرت، فلا تجعلي أي طريق أو منفذ للفكر السلبي ليسيطر عليك. الزوج مهما كانت سلبياته ابحثي عن ما هو إيجابي حوله، وحتى عدم إحساسك بالراحة حول المعاشرة الزوجية أعتقد أن الفكر السلبي والاكتئاب النفسي هو الذي جعل هذا النوع من النفور يبني لديك. فأنا أدعوك حقيقة للمزيد من الفكر الإيجابي وتحقير الفكر السلبي، وأن تنظري إلى هذه الجواهر الجميلة في حياتك: زوج، بنات، ذرية، ... هذه نعم عظيمة جدا.
وبالرغم من أنهم لا يبادلونك الحب وأنت قمت بتربيتهم وقدمت الكثير، فيجب أن تكوني حقيقة راضية عما قمت به، وكثيرا ما يحدث لنا في الحياة أن نعطي ولكن لا تتاح لنا الفرصة لنأخذ. الإنسان يجب أن ينطلق من قيمه لكن لا يحاكم الآخرين ويحاسبهم انطلاقا من هذه القيم. فأنا أريدك أن تعطي المزيد وأن تستمري في هذا العطاء والثواب من عند الله تعالى، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، وما عند الله لا يضيع، وأنا متأكد أن أسرتك تكن لكي كل الحب، لكن ربما يكون ليسوا بالمقدرة والكياسة والفطنة التي يعبروا بها أو يظهروا حبهم لك.
ما رأيك إذا دعوتك لتناول أحد الأدوية المضادة للاكتئاب ليحسن من مزاجك؟ وهذا لا يعني أبدا أنك أنت الضحية، لكن الدواء حين يحسن مزاجك إن شاء الله تعالى تنظري إلى الحياة بصورة أكثر إيجابية ويكون لكي القدرة أيضا على تحمل الأذى ممن حولك، وسوف تتبدل الأمور لديك حول مفاهيمك نحوهم، وأنت حين تتقدمين نحوهم خطوة إيجابية أنا على ثقة أنهم سوف يتقدمونك نحوك خطوتين.
عموما هنالك دواء يسمى بروزاك، لا أقول أنه دواء سحريا، ولكنه فعلا عقارا جميلا يحسن الدافعية لدى الإنسان ويزيل الاكتئاب، وهو غير إدماني وغير تعودي وفعاليته مثبتة، ولا يحتاج لوصفة طبية. هذا الدواء يسمى علميا باسم (فلوكستين) والجرعة المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة في اليوم تتناوليها بعد الأكل، تستمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك ترفعيها إلى كبسولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة المطلوبة في حالتك، علما بأن الجرعة القصوى هي أربع كبسولات في اليوم، لكنك لست في حاجة إلى مثل هذه الجرعة.
استمري على جرعة الكبسولتين لمدة ستة أشهر، بعد ذلك اخفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
يجب أن يكون هنالك التزام قاطع بتناوله، وبعد مضي شهرين من بداية العلاج سوف تحسي بتحسن كبير في مزاجك، وشعور إن شاء الله بالطمأنينة والراحة.
والإحساس الغامض الذي تكلمت عنه هو الاكتئاب النفسي، والذي أدعوك لعلاجه وذلك من الفكر الإيجابي وتناول الدواء الذي وصفته لك.
بارك الله فيك، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
والله الموفق