السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي أن ابني الثاني 4 سنوات عنيف في لعبه وأسلوبه، صار منبوذ من الجميع حتى الأطفال الصغار من أقاربه لا يحبون اللعب معه لأنهم يخافون من لعبه العنيف، علما أني أنجبت قريبا طفلة صغيرة لكن هو من قبل أن أحمل عنيد وعنيف كيف أتعامل معه وأوجه حركته في شيء مفيد له وأخفف عنفه؟
ابني الأول 7 سنوات يتعرض للأذية في المدرسة ولكن لا يخبرني حتى لا أقول له دافع عن نفسك أو شي من هذا القبيل.
كيف أكسب ثقته حتى يتكلم بما يحصل معه في المدرسة وكيف أحذره من التحرش الجنسي وهل يجب أن يكون الأب هو من يوعيه من هذه الناحية حتى يكون الأب قريب من طفله؟
وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
فنشكر لك التواصل مع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى أن يحفظ لك أولادك وأن يجعلهم من الصالحين.
حينما نواجه العصبية والعناد الشديد من أولادنا يجب أن نقيم أنفسنا أولا هل فعلا توجد مشكلة أساسية أم أن صبرنا قد نفذ وأصبحنا لا نتحمل أي نوع من التصرف السلبي من قبل أبنائنا؟ هذا سؤال مهم جدا، لأن كثير من الأمهات حقيقة يصبن بشيء من القلق النفسي أو التوترات أو حتى الاكتئاب النفسي البسيط مما يجعلهن يفتقدن الصبر في تحمل تصرفات الأبناء، وهذا قد يجعل الأم تميل إلى الانفعال السلبي مع أبنائها.
أنا لا أقول أن هذا ينطبق عليك بالطبع، لكنها حقيقة علمية وددت أن أذكرك بها حتى تراجعي موقفك تماما هل أنت أصبحت قليلة التحمل، هل أنت أصبحت انفعالية أكثر من اللزوم؟ أم فعلا ابنك الذي يبلغ من العمر أربع سنوات يميل إلى العنف وكذلك إلى التمرد والعناد بصورة غير مقبولة.
إذا وضعنا فرضية أنك سليمة مائة بالمائة، وأقصد بسليمة أنك لست منفعلة - أقول لك أن أفضل وسيلة لعلاج العنف لدى الأطفال هو أن يجب أن نشعر الطفل بالأمان، الطفل العنيف غالبا طفلا اكتسب هذه التصرفات من خلال بيئته، وأنه لا يحس بالأمان. درجة معقولة من العناد مقبولة بل هي مطلوبة لبناء شخصية الطفل، وليس من الضروري أبدا أن نلين رأس الطفل في كل شيء، هذا سوف يكون طفلا خاضعا خنوعا ليس له القوة والقدرة على اتخاذ المواقف المناسبة التي تتطلب شيء من حماية الذات.
فإذن يجب أن نقبل درجة معينة من العناد لدى أبناءنا.
أرجع وأقول أن الحقيقة العلمية هي أن تشعري ابنك هذا بالأمان، وذلك من خلال ملاعبته وملاطفته، وأن تنزلي معهم إلى أدوار طفولية، اعتبري نفسك أنت في نفس عمر ابنك، والعبي معه ألعاب مشتركة، وهذا لابد أن يقوم به والده أيضا. ، فهذا مهم جدا.
ثانيا: يجب أن تتاح الفرصة له للعب مع الأطفال الآخرين حتى وإن أصبح منبوذا من قبلهم، وبشيء من النصيحة وبشيء من التحفيز الإيجابي له سوف يبدل تصرفه، ولا شك في ذلك.
إذا ترغيب الطفل وإثابته وتشجيعه وتحفيزه وطمأنته هي الأسس الرئيسية للتعامل مع مثل هذا الطفل.
في بعض الأحيان يكون الطفل يعاني من إفراط في الحركة، وهنا قد يكون الطفل متعانفا جدا، وأنا لم أشعر أن ابنك كثير الحركة، لكن وددت أن أذكر هذه الحقيقة أيضا كتشخيص مهم جدا، لأن الطفل الذي يعاني من فرط الحركة تجده دائما قد يتعانف وأن انتباهه أيضا ضعيف.
بالنسبة للابن الثاني الذي عمره سبع سنوات، هذا الطفل في مثل عمره يفهم ويستوعب، لكن أبدا لا أريد لهذا الطفل أن يسأل أسئلة بوليسية: ما الذي حدث لك في المدرسة؟ من الذي اعتدى عليك؟.. هذا ليس سياقا جيدا من التحاور مع الطفل.
أيضا المبدأ الجميل هو أن نشعر الطفل بالأمان، أن نحاوره، أن نجالسه، أن نحفزه، أن نثيبه على كل فعل إيجابي، وأن نعطيه الاعتبار في داخل المنزل، اجعليه ينظم خزانة ملابسه، لابد من أن يرتب سريره في الصباح، الحرص على الصلاة، وعلى نظافته الشخصية، ترتيب كتب المدرسة... هذه كلها أمور تفتح آفاق كثيرة جدا في الحوار مع الطفل وتشجعه وتزيد من مهاراته.
أتيحي لابنك أيضا فرصة ممارسة الرياضة، ومهما كانت درجة تخوفك فيما يخص التحرش الجنسي إلا أن الطفل لابد أن تتاح له فرصة أن يلعب مع الأطفال في عمره. أتفق معك كثيرا في أنه يجب أن نوفر الجو الآمن لأطفالنا، لأننا في هذا الزمان تحدث أشياء كثيرة جدا ونشاهدها خاصة في مواضيع التحرش الجنسي والامتهان الجنسي للأطفال.
العملية تتطلب شيء من الموازنة وتتطلب شيء من أن يكون الإنسان حصيفا مع من يذهب ابنه ومع من لا يذهب.
بالنسبة للكلام حول التحرش الجنسي، الطفل يستطيع أن يتوعى وأن يعرف، وأعتقد أن والده يجب أن يقوم بهذا الدور، وأفضل شيء هو أن يعرف الطفل أن جسده هو ملكا له، لا يترك أحدا أبدا أن يقوم بلمسه في جسده، وأن يتم التحدث معه حول التحرش الجنسي أن هناك أشياء تحصل من بعض الأولاد وهي أشياء سيئة ورديئة جدا، لا تدع أحدا يلمسك في جسدك خاصة في منطقة الأعضاء التناسلية، لا تجعل من هو أكبر منك من الأطفال ينفرد بك، تجنب أماكن دورات المياه، وكن دائما مع الجيدين من الأطفال، وإذا حاول أحدا أن يقوم بأي نوع من الاعتداء عليك يجب أن تبلغ المعلم وتبلغنا في البيت.
التحرش الجنسي كثيرا ما يكون ناتجا من التنمر، والتنمر كما يعرف هو أن يتسلط طفل أو مجموعة من الأطفال على طفل آخر، وذلك عن طريق اضطهاده، إطلاق الإشاعات حوله، تهديده، ركله، محاولة تمزيق كتبه أو ملابسه أو شيء من هذا القبيل. فكثيرا من حالات التحرش الجنسي تبدأ هكذا في المدارس، لكن التحرش الجنسي أيضا له صور أخرى كثيرة، ونحن لا نريد أن نشكك الناس، لكن يجب أن تكون هنالك تحوطات كاملة فيما يخص معارف الطفل. يقال أن أكثر مصادر التحرش الجنسي هي المعلم، صاحب الدكان، الجار، وربما أحد الأسرة ذاتها... هذا الكلام أرجو أن لا يسبب لك أي نوع من الإزعاج الشديد، ولا تقلقي الطفل حوله، لكن هذه أمور لابد أن ندركها ولابد أن نعرفها لأنها قامت على دراسات، وهنالك دراسة أجريت في الأردن منذ فترة قريبة دراسة محترمة جدا، تحرى فيها الباحثون أعلى درجات الانضباط البحثي، واتضح أن الفئات التي ذكرناها هي أكثر الفئات التي يمكن أن تعتدي على الأطفال من خلال التحرش الجنسي.
وأعتقد ما ينطبق على المجتمع الأردني ينطبق على المجتمعات العربية الباقية.
وهنالك أمر مهم جدا وهو أن نكثر الدعاء لأطفالنا ونسأل الله تعالى أن يحفظهم من كل شر ومن كل مكروه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
والله الموفق.