فكرة أن غيري يقوم بتصويري وتسجيل صوتي لا تفارقني!

0 404

السؤال

تحية طيبة، وبعد:

أنا شاب في مقتبل العمر، منذ حوالي سنة أصبت بنوع غريب من الأفكار، حيث إنني حينما أجلس مع صديق ويخرج هاتفه المزود بكاميرا ويتحدث فيه أو يستخدمه؛ أجد نفسي في حالة خوف حينما أشاهد الكاميرا، وتبدأ الأفكار لدي بأنني تحدثت بكلام بذيء وسيء وأفشيت الأسرار، وأنه قام بتسجيلها، وحينما أذهب للمنزل أظل أفكر لفترات طويلة؛ هل أنا تحدثت؟! وفي المنزل تأتيني فكرة حين أكون في المنزل وحدي أنني أحضرت الكاميرا وصورت نفسي عاريا، وأحاول مقاومة الفكرة وأفشل وأظل في حالة خوف شديدة، وأفكر هل أحضرت الكاميرا وصورت نفسي؟! لا أدري ماذا أفعل؟!

ذهبت إلى طبيب نفسي وشخص حالتي بوسواس قهري شديد، وأعطاني ريسبيدال 2 مللي جراما قبل النوم، وفافرين 300 مللي جراما، واستمريت على الدواء مدة عام كامل، ولكن للأسف الأفكار كما هي، ولم يتحسن وضعي كثيرا.

لست أدري ماذا أفعل أمام سيل الوسواس الذي لا ينتهي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فالوصف الدقيق الذي أعطيته لهذه الأفكار التي تزعجك واضح جدا، وأنا أتفق مع الطبيب الذي شخص حالتك على أنها وساوس قهرية، والوساوس القهرية دائما هي فكرة سخيفة مستحوذة متسلطة مؤلمة للنفس يحاول الإنسان طردها ودفعها، لكن يجد صعوبة في ذلك، وربما تكون مصحوبة بشيء من الظنان والشكوك، وكذلك عسر في المزاج.

العلاج الدوائي مهم جدا للوساوس، واختيار الطبيب اختيارا صحيحا، فالفافرين من الأدوية الفعالة جدا، وكذلك الرزبريدال يعتبر من الأدوية الداعمة.

لكن بما أنك لم تتحسن على الفافرين فأعتقد أنه قد أتى الوقت الذي تستبدله بعقار آخر وذلك بعد مشاورة الطبيب، ودراسات كثيرة أشارت أن عقار بروزاك سيكون دواء متميزا في علاج بعض حالات الوساوس، خاصة إذا تم إعطاؤه مع عقار رزبريادال أو عقار آخر يسمى سوليان.

فالذي أقترحه وذلك بعد مناقشة طبيبك أن البروزاك ربما يكون هو الأفضل، وعملية الاستبدال سهلة جدا، تخفض جرعة الفافرين إلى مائتي مليجراما في اليوم، وتتناول كبسولة واحدة من البروزاك، وبعد أسبوعين تجعل الفافرين مائة مليجراما فقط وترفع البروزاك إلى كبسولتين في اليوم، وبعد ذلك تتوقف تماما من الفافرين وتستمر على الكبسولتين من البروزاك مع اثنين مليجراما من الرزبريدال، إذا شعرت بتحسن فهذا أمر جميل، إذا لم يحدث تحسن ارفع جرعة البروزاك إلى ثلاث كبسولات في اليوم، وهذه من وجهة نظري سوف تكون جرعة كافية جدا، يمكن أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفض إلى كبسولتين لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى كبسولة في اليوم لمدة عام تقريبا كجرعة وقائية، أما الرزبريادال فبعد ستة أشهر يمكن أن تخفض إلى واحد مليجراما في اليوم وتستمر عليه لمدة ستة أشهر، ثم يمكن التوقف عن تناوله.

هذا العلاج الدوائي، والأدوية مهمة جدا لأن هذه الوساوس تؤدي، أو تنتج من تغيرات بيولوجية في كيمياء الدماغ، أو ما يعرف بالناقلات أو الموصلات العصبية، والحمد لله تعالى هذه الأدوية غيرت حياة الناس تماما، لكن الأدوية يجب أن تدعم بالعلاج السلوكي، وهو مهم جدا، والعلاج السلوكي يقوم على مبادئ: أن تعرف أن هذه وساوس وهي نوع من القلق النفسي الشديد، وهي ليست دليلا أبدا على قلة إيمانك أو ضعف في شخصيتك، هي نوع من الابتلاء الذي سوف يزول إن شاء الله تعالى.

ثانيا: لا تناقش الأفكار، لا تحلل الأفكار، لا تخضعها للمنطق أبدا، إنما حقرها، الفظها، ارفضها، اشتمها كما نقول، لا تناقشها أبدا، حين تأتيك الفكرة أو يمكن أن تستجلبها وتستحضرها وتقول: (هذه فكرة حقيرة، هذه فكرة وسواسية) وتكرر ذلك مع نفسك.

وتمرين آخر هو أن تخاطب الفكرة مباشرة، وتقول: (أقف، أقف، أقف، أقف). وتمرين ثالث هو أن تتخيل أنك قد وضعت هذه الوساوس في قارورة زجاجية، وبعد ذلك وضعتها على الأرض وقمت بالدوس والضرب عليها، إهانة وتحقيرا.

تمرين آخر هو: أن تربط بين الوسواس وبين ما نسميه بالمنفرات أو المقززات، مثلا قم بشم رائحة كريهة جدا، وفي نفس الوقت قم بالتأمل والتفكر في هذه الوساوس. قم مثلا بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بألم شديد، وفي نفس الوقت تفكر في الفكرة الوسواسية.

هذا التمرين يكرر عشر مرات متتالية بمعدل مرتين في اليوم، وقد وجد أنه مفيد جدا ومعظم الناس تختفي وساوسهم بعد أسبوعين من هذه الممارسات السلوكية.

تمارين الاسترخاء مهمة جدا لمساعدة العلاج الوساوس القهرية، فإن لم يدربك الطبيب على هذه التمارين يمكنك أن تطلب منه هذا أو يمكنك أن ترجع إلى أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، وهنالك طريقة تعرف بطريقة جاكبسون من أفضل الطرق للاسترخاء.

ممارسة الرياضة أيضا جيدة جدا، والحمد لله تعالى أنت لديك عمل ولديك أشياء كثيرة تريد أن تقوم بها، فأرجو أن تحسن إدارة وقتك، ولا تستسلم لهذه الوساوس لتسيطر عليك.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات