أنا شاب ملتزم بكل شيء ولكن مبتلى بالنظر إلى النساء، ما توجيهكم؟

3 659

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا شاب، أسأل الله أن يتوب علي، وملتزم وأصلي جميع الصلوات في وقتها، جميع أصدقائي من المشايخ الملتزمين والحمد لله، أطلب العلم منهم ومن الكتب والدروس، وأنا -الحمد لله رب العالمين- أحب ربي وعقيدتي وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من أي شيء وأحرص عليها من خوفي على ديني.

يسر الله لي لأكون سبب في التزام الكثير من الأصدقاء، والأهل وزوجتي التزمت باللباس الشرعي من نصائحي لها عبر الإيميل فقط.

الحمد لله أخاف الله في أبسط الأمور قبل أكبرها، وملتزم بشرعه بخوف شديد جدا حتى أتفه الأمور التي فيها شبه أبتعد عنها لدرجة أن الناس يتهمونني بالتشدد أو المبالغة في الخوف.

في عملي أنا متفوق -والحمد لله- وكبرى الشركات تتمنى أن أعمل معها مع العلم أن مجال عملي هو برمجة الحاسوب -والحمد لله- خجول جدا وأحب الناس والجميع يحبونني لدرجة غير عادية من أصدقاء إلى زملاء إلى أهل -والحمد لله- وأنا لا أزكي نفسي -والعياذ بالله- أحب القراءة ولا سيما التاريخ العربي والإسلامي وكتب الدين.

لكن أنا مبتلى بشهوة جنسية عارمة! وقد دعوت الله أن ييسر لي زوجة صالحة وجميلة، وهذا ما حدث -فالحمد لله- زوجتي جميلة لدرجة أنني أحسد عليها، وهي صالحة مع بعض العيوب التي لا يخلو من بني آدم.

أحبت الدين كثيرا وعالجت كل أخطائها الشرعية –والحمد لله- لأنها تريد التدين ولم تجد من يشد على يدها، ونحن نحب بعضنا لدرجة الجنون، ومع ذلك يا شيخ أنا مبتلى بالنظر إلى النساء ولا أشبع من الجنس لدرجة أني أقوم بالعادة السرية كثيرا، حتى وهي عندي! ولو بعد الجماع وأتخيل ما أرى من فتيات في الشارع أو التلفاز، وربما أشاهد الأفلام مع أني أشتهي زوجتي كثيرا وأحبها ولا أتخيل أني أخونها أو حتى أتزوج عليها يوما.

لكني مبتلى بعدم الشبع من عالم النساء فماذا أفعل؟ مرات أشعر أني أشرك بالله لأني أتبع الهوى، فأما لو وضعت لي أي شيء حرام مهما كان، فخوفي من الله -والحمد لله- غير عادي إلا هذه المعصية فأنا أخشى الله يا شيخ كثيرا، ولكني لا أقاوم لا أقاوم أبدا فما هو حالي؟ حاولت غض البصر ولكن لا أستطيع، ومع قدومي للسعودية والتي دعوت الله كثيرا أنا وزوجتي أن ييسر لي عملا هناك لهذا السبب، فمرات أشاهد الفيديوهات للفتيات وغيره لا أستطيع أن أغض البصر عن النساء فشهوتي جامحة كثيرا عليهن.

أنا أختنق وأتوب كل مرة، لدرجة أني أصبحت أستحيي من نفسي عن قول أستغفر الله! ولكني أقولها وتائه جدا وحائر في أمري. أرجوك يا شيخ ما هو حالي وماذا أفعل؟ وأنا القدوة لزوجتي ولأهلي ولجميع الناس الذين يمدحون خصالي.

أرجوك أرشدوني وانصحوني وأريحوا مضجعي، وما توفيقي إلا بالله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد،،،

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يبارك فيك، وأن يبارك لك في أهلك ومالك وولدك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.

وبخصوص ما ورد في رسالتك فإنه مما لا شك فيه أن هذه المعصية تؤرق أي إنسان مسلم يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، خاصة إذا كان لديه من العلم الشرعي مثل ما لديك، ويعرف الآثار المترتبة على ذلك، ويعرف أن مثل هذه المعاصي لا ينبغي أن تقع من مسلم بهذا المستوى من الإيمان والعلم الشرعي، فهذا يجعل الأمر عظيما لدى الإنسان فعلا، ويجعله يشعر بنوع من المرارة والحسرة على نفسه.

كيف هذا مع الإيمان، ومع هذا الإحسان، ومع حب الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومع توفر العلم الشرعي، وصحبة الصالحين لا يستطيع الإنسان أن يقاوم شهوة بسيطة من الممكن أن يتغلب عليها أبسط الناس!

لأن قضية غض البصر -أخي الكريم الفاضل- مسألة بسيطة للغاية، لماذا؟ لأنها ليست من كبائر الذنوب التي نستطيع أن نقول إنها من المهلكات، وإنما هي ذنب يستطيع الإنسان بشيء من الإرادة والعزم الصادق أن يتخلص منه، فهي من الذنوب التي لو قلت لأي شخص عادي أتركها لتركها، وهي ليست كغيرها من الذنوب المتأصلة التي تحتاج لإجراء عمليات جراحية كبرى، وإنما هذه مسألة تحتاج إلى مسكنات بسيطة، فإذا كنت أنت لا تستطيع أن تفعل ذلك فمعنى ذلك أن ما أنت عليه من الإيمان لا شيء، لماذا؟ لأنه كيف هذا الإيمان وهذا الإحسان وهذه المحبة لا يستطيع أن يردعني لترك صغيرة من الصغائر، فهذا هو الأمر الذي يجب أن نقف عنده طويلا.

هل هذا الإيمان وهذا العلم وهذه المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ليست كافية لإقناع نفسي، أو لإلزامها أو لدحرها من الوقوع في هذه المعصية، إذا كان إيماني بهذا الحجم ولم يستطع أن يقف أمام هذه المعصية فما بالي لو ابتليت بذنب أكبر، قطعا لن أستطيع أن أثبت مطلقا والعياذ بالله تعالى.

من هنا فإني أقول لك إن هذه القضية إنما هي قضيتك في المقام الأول، وهذه المعاصي التي تتكلم عنها ليست من المعاصي الكبري التي يصعب التخلص منه، وإنما هي أمور سهلة، إلا أنك حاولت، ولكن أسمح لي أن أقول لك كانت محاولتك دون المستوى المطلوب، لأنه لو كانت بالمستوى المطلوب وكانت جرعة المحاولات والالتزام على حجم المعصية لتخلصت منها بإذن الله تعالى بسهولة ويسر.

من هنا فإني أقول لك إن الله سبحانه وتعالى عندما قال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فوض الناس في قضية التغيير، وبين أن التغيير ممكن وليس مستحيلا، لأنه لو كان مستحيلا لما كلفنا الله به، فإن علماء الإسلام مجمعون على أن الله لا يكلف الناس بالمستحيلات، ولا يكلف بما هو فوق الطاقة، وهذا ما يتضح لنا من قول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، وقال سبحانه وتعالى: {فاتقوا ما استطعتم}، وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم.

إذا الإسلام لا يكلفني ولا يكلفك ولا يكلف إي مسلم بشيء فوق طاقته، فما دام الله تبارك وتعالى أمرنا بالتغيير، وبين لنا أننا قادرون على التغيير، وأنه لن يغير حالنا إلا إذا تغيرنا، فمعنى ذلك أن القضية في متناولي وفي متناولك، ولكن أين تبقى المشكلة!

تبقي المشكلة فينا نحن أخي الكريم، أننا لسنا جادين في التخلص من المعصية، نعم أنت تتألم وتشعر بشيء من الأرق والحزن، إلا أن الخطوات لم تكن على مستوى المعصية، وهذا الذي ينبغي أن تركز عليه.

قضية الشهوة الجامحة التي لديك أنت أمامك زوجتك، ما المانع أن تأتيها أكثر من مرة في اليوم، ما دامت المرأة تحبك وما دامت المرأة جميلة، وما دامت المرأة نظيفة، وما دامت لا ترد لك طلبا؟!

لا يجوز لك أن تلجأ إلى الحرام مع وجود الحلال الميسر، لأنك بذلك تحرق نفسك أخي الكريم.

أحب أن أبين لك أيضا أمرا خطيرا أخي الكريم وهو أن استعمالك للعادة السرية يؤدي إلى ضعفك الجنسي المبكر، وسيجعل قدرتك على إتيان زوجتك تتلاشي في أسرع وقت مبكر، ولن تشعر بالمتعة مع زوجتك الطيبة الحلال لأن عودتك نفسك طريقة معينة، وآلية معينة بها تستطيع أن تصل إلى درجة الشهوة، وذروة الشهوة.

هذا الأمر قد لا يتأتى مع زوجتك الحلال، لأن المرأة بطبيعتها لها ترتيب، أما يدك التي تستعملها فأنت ترتب لنفسك ترتيبا خاصا، هذا الترتيب قد لا يتناسب مع زوجتك الطيبة الحلال.

أنت بذلك تفسد ما بينك وما بين ربك أولا، وثانيا تفسد ما بينك وبين زوجتك، لأنك تشعر بالضعف عاجلا أم آجلا في أسرع وقت، ثم بعد ذلك أيضا لن تشعر بالمتعة مع زوجتك، وبالتالي لن تتمكن من إعطائها حقها الشرعي، وستقوم عنها وهي ما زالت في حالة من الهياج، وعدم الاستقرار النفسي مما يؤدي إلى التوتر العصبي، وقد يصل بها إلى الاكتئاب، وقد يصل بها إلى أن تكره عملية الجماع نفسها لأنها لا تأخذ حقها، لأنك تريح نفسك بطريقة أخرى غير الطريقة التي شرعها الله لك.

أنت حقيقة تدمر نفسك، وتدمر دينك وتدمر زوجتك، وتدمر حياتك كلها بالكامل لذنوب ومعاصي صغيرة.

أقول لك أخي الكريم: شهوتك الجامحة أمامك زوجتك الحلال جامعها أكثر من مرة في اليوم ما دمت قادرا على ذلك، وأشرح لها ظروفك وهي ستساعدك.

ما يتعلق بالنظر لن يستطيع أحد أن يخلصك إلا أنت، أتمنى أن تأخذ قرارا شجاعا قويا بالتوقف عن ذلك، وأن تتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء مع البكاء، وثق وتأكد تماما أن ستتخلص بإذن الله من هذه المعصية في الفترة القريبة.

كلما نظرت فوجدت عينك تقع على امرأة فاصرف نظرك، واستعذ بالله، واتفل عن يسارك، واعلم أن الله معك، القرار بيدك، والحل في يدك، ولن يستطيع أحد من أهل الأرض جميعا أن يحل مشكلتك إلا أنت.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات