السؤال
أسأل الله العظيم أن يجزيكم خيرا عما تقومون به لخدمة الاسلام والمسلمين، وأن يشفي كل مريض بإذن الواحد الأحد.
في البداية أود شرح حالتي النفسية، حيث إنني أصبت بقصف بتاريخ (25/12/2003 ) دخلت على إثرها العناية المكثفة واستشهد صديقي، وكان عمري آنذاك 17 سنة، ومن يومها وأنا أفكر بالموت والمرض، وهناك عم لي توفي بالسرطان وصديقي أيضا، ومن بعدها وأنا أوسوس بالمرض، إلى أن أتاني في يوم دوار شديد وخوف من الموت وأحسست أني في هذا اليوم سأموت، وذهبت إلى المستشفى وكانت أموري سليمة بحسب الدكتور - والحمد لله - وبعد ذلك بدأت رحلتي مع الأطباء، فزرت 3 أطباء للقلب وقاموا بفحص الإيكو، وكانت النتائج سليمة والحمد لله، قمت بعمل صورة CT للرأس، وكانت النتيجة نظيفة والحمد لله، ولا أدري ماذا أفعل!؟ لقد أصبحت حياتي كلها وساوس وقلق وخوف من الموت.
أفيدوني وبارك الله فيكم، أرجوكم الرد على رسالتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنقول لك: الحمد لله على سلامتك، ونسأل الله تعالى أن يتقبل صديقك مع الشهداء والأنبياء والصالحين.
لا شك أن التجربة التي مررت بها هي تجربة ليست بالسهلة، وإن كنا نرى أن الناس حين تشارك في عمل مشترك مثل الذي يقوم به أهلنا في فلسطين، لا شك أن عامل التآزر والتعاضد والتواصل والجماعية يجعل مآسي الناس تقل كثيرا، وهذا مثبت من الناحية النفسية.
الذي حدث لك من مخاوف هو نتاج للتجارب التي مررت بها كتجربة القصف ووفاة الصديق عليه رحمة الله، ويظهر أن لديك شيء من الاستعداد للقلق والمخاوف، وتشخيص حالتك هذا نسميه بعصاب ما بعد الصدمة أو عصاب ما بعد الكارثة أو المأساة، وهذا دائما يتجسد في شكل قلق ووساوس ومخاوف واجترارات وأحلام مزعجة واضطرابات في النوم.
العلاج: أولا حالتك ليست عضوية، وأنت ترددت على الكثير من الأطباء، لكن كان من المفترض أن تذهب إلى الطبيب النفسي، فالحالة من اختصاصي، عموما ما أجريته من فحوصات الحمد لله أيضا مطمئن، وهذا يجعلك إن شاء الله تعالى مطمئنا على صحتك الجسدية.
هنالك علاج دوائي متميز جدا يفيد في مثل حالتك، هذا الدواء يعرف تجاريا باسم (سبرالكس) أرجو أن يكون متوفرا في فلسطين، واسمه العلمي هو (إستالوبرام) وإن لم يكن متوفرا تحت هذا المسمى أو وجدته باهظ التكلفة يمكنك أن تسأل عنه تحت مسمى تجاري آخر، فقط تأكد من الاسم العلمي وهو (إستالوبرام).
جرعة البداية لهذا الدواء هي عشرة مليجرام، تناولها ليلا بعد الأكل، وبعد شهرين ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراما، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجراما يوميا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم خفضها إلى خمسة مليجراما، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراما، وهذه الجرعة الصغيرة استمر عليها لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
إذا لم تتحصل على الإستالوبرام فالدواء البديل يعرف علميا باسم (سيرترالين) ويعرف تجاريا باسم (لسترال) أو (زولفت) أو ربما تجده في فلسطين العزيزة تحت مسمى تجاري آخر، وجرعة الزولفت أو السيرترالين هي خمسون مليجراما تناولها ليلا بعد الأكل، وبعد شهر ارفع الجرعة إلى مائة مليجراما - أي حبتين في اليوم - يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في المساء أو بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء، ومدة العلاج على هذه الجرعة العلاجية هي أربعة أشهر، بعدها خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وهذا الدواء من الأدوية الطيبة والجميلة.
إذن: أمامك أحد الخيارين وكلاهما خير إن شاء الله، وأسأل الله تعالى أن يسهل لك أمر الحصول على أحد هذين الدواءين، وأؤكد لك أنها أدوية سليمة فاعلة ممتازة وغير إدمانية.
أخي الفاضل: ممارسة الرياضة تعتبر مهمة جدا لإزالة هذه الاضطرابات الناتجة من عصاب ما بعد الصدمة، وما يصاحبها من مخاوف، ولا شك أنك تعيش بروح الجهاد في فلسطين وروح الشهادة، وهذا دافع ومحفز قوي جدا للإنسان أن لا يخاف، والموت حق والخوف منه لا يقدم في حياة الإنسان لحظة ولا يؤخر.
أرجو أن تشغل نفسك بعملك وأن تكون لك أنشطة وتواصل اجتماعي، ولا شك أن حضور حلقات القرآن والدروس المفيدة فيها خير كثير جدا في مثل حالتك.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول علاج الخوف من الموت سلوكيا: (261797 - 272262 - 263284 - 278081) وعلاج الخوف من الأمراض أيضا: (263760 - 265121 - 263420 - 268738).
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.