أخاف من الموت منذ الصغر.. فماذا أفعل لإزالة هذه الحالة؟

0 434

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 18 عاما.
مسألة الخوف عندي منذ الصغر، أخاف من الظلام والوحدة، ولكن المشكلة الكبرى التي ظهرت معي منذ قرابة عشرة أشهر هي الخوف من الموت.

أصبح كل شيء جميلا في حياتي يتحول إلى مخيف ومرعب، أصبحت أخاف أن أنجح وأقول في ذهني بأنني بالطبع في حال نجحت سوف أموت، أخاف أن يعاملني أهلي بلطف ودلع، وأقول: هل هم يعاملونني هكذا لأني سوف أموت؟! بالطبع نعم! وأقول: هل حفلة تخرجي من المدرسة سوف تكون في يوم الأربعاء؟! وأقول أيضا أنني لن أتمكن من الذهاب لأنني سأموت، ولن تقيم المدرسة حفلة أو عندما يأتي أهلي أقول أيضا لقد أتوا ورأيتهم إذا سوف أموت!

يصارعني هذا الشيء دوما، إنني أتقرب إلى الله وأدعوه وأعمل صالحا وأدعوه كي يخلصني من هذه الشكوك، وأنا أصلي وأصوم، ولكن حتى عند أداء الأعمال الصالحة يراودني تفكير أنه إن عملت هكذا إذا سأموت.

تحولت حياتي إلى جحيم، ساعدني يا دكتور، جزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوثر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فبارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

أيتها الابنة الفاضلة: الذي تعانين منه ليس خوفا من الموت، إنما هي وساوس حول الخوف من الموت، ولابد أن تفرقي بين الاثنين؛ حيث أن الوساوس دائما تكون فكرة متسلطة ومستحوذة، ويكون الإنسان على قناعة في بعض الأحيان أن هذه الفكرة ليست صحيحة، ولماذا تؤرقه وتزعجه وتستحوذ عليه بهذه الدرجة؟! إذن هذا فكر وسواسي.

الفكر الوسواسي دائما يعالج من خلال تحقيره، وبالطبع لا أحد يحقر الخوف من الموت، لأن الموت حقيقة، لكن في نفس الوقت يجب أن نؤمن بأن الأعمار بيد الله، وأن الخوف من الموت لن يزيد أو ينقص في أعمارنا لحظة واحدة، لكن الوساوس منه على النسق الذي ذكرته هذا يجب أن تحقريه، وقولي لنفسك هذه فكرة سخيفة، والذي أرجو منك هو أيضا أن لا تسترسلي في نقاش هذه الأفكار مع نفسك، وحاولي أن تقنعي نفسك بها؛ لأن ذلك سوف يؤدي إلى المزيد من تحليلها وتقطيعها إلى جزئيات يؤدي إلى مزيد من الخوف ومن الوساوس، والوساوس تعالج من خلال أن نحجر عليها، وأن نحقرها، وأن نتجاهلها، وأن نغيرها بفكر مخالف تماما.

العلاج الدوائي لاشك أنه مهم وضروري ومفيد ـ والحمد لله تعالى ـ توجد أدوية فعالة وسليمة لعلاج هذا النوع من الوساوس، قد تسألين ما علاقة الدواء بعلاج الوساوس؟

الإجابة هي علاقة وثيقة جدا، حيث اتضح أن هنالك بعض المتغيرات الكيميائية تحدث في مواد تعرف بالناقلات العصبية، وهي موجودة في الدماغ في أماكن معينة، ومن أهم هذه المواد مادة تعرف باسم سيرتونين.

وجد أن عدم انتظام هذه المادة هو أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى ظهور قلق ومخاوف الوساوس، وهذه المادة لا يمكن قياسها في أثناء الحياة، لكن من خلال ملاحظات علمية ومؤشرات كثيرة اتضح أنها هي الحقيقة، ولذا يعتبر الدواء علاجا ناجعا ومفيدا، ويتميز الدواء بأنه يزيل القلق ويزيل رهبة الخوف والوساوس نفسها مما يمهد للإنسان أن يعالجها سلوكيا، وذلك من خلال تحقيرها وعدم التساؤل حولها، وتجاهلها.

الدواء المفضل في حالتك هو عقار الذي يعرف باسم بروزاك Prozac، والاسم العلمي هو فلوكستين Fluoxetine، وهو في معظم الدول لا يحتاج إلى وصفة طبية، وحسب أن انجلترا من أحد الدول لا تشترط وصفة طبية، ومادام عمرك أكثر من سبعة عشر عاما، فجرعة البدايات بالنسبة لك هي كبسولة واحدة في اليوم، يفضل تناولها بعد الأكل، وبعد شهرين اجعليها كبسولتين في اليوم أي (40) مليجرام، واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر ثم تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، هذا الدواء سليم وغير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر مطلقا على الهرمونات النسوية.

هنالك أمر آخر ومهم جدا، وهو أن لا تدعي للفراغ مجالا أبدا، قسمي وقتك ونظميه بصورة فعالة، وهذا يساعدك كثيرا، وهنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، أريد أن تتدربي عليها، ويمكنك أن تتصفحي أي موقع من مواقع الإنترنت لمعرفة كيفية ممارسة هذه التمارين، وهنالك طريقة تعرف باسم طريقة جاكبسون، وتعرف من أبسط ومن أفعل وسائل الاسترخاء، وأنا بالطبع سعيد جدا أن أسمع أنك حريصة في الوفاء بالعبادات، ومن كان مع الله كان الله معه.

وأقول لك بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله أن يحفظك وأن يعافيك، وأؤكد لك أن الحالة بسيطة جدا وسوف تزول إن شاء الله تعالى.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات