السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذه الخدمة الرائعة، أنا كنت أعاني من القلق والاكتئاب، وتناولت دواء لمدة سنة تقريبا، وبعدها تحسنت، والآن وفي الأيام القليلة الماضية عادت لي نفس المشكلة، لكن أقل حدة من الماضي، ليس لي مزاج لأي شيء، ودائما حزين من التفكير أشعر بهموم، وأثر ذلك على تحصيلي الدراسي وحتى في أثناء تناولي للأدوية التي كانت توصف لي من الطبيب، كان عامل النسيان عندي كبيرا، وأثر ذلك على درجاتي بالدراسة.
أنا كنت أتعالج عند طبيب وأخذت مجموعة من الأدوية، وهي بروزاك وموتيفال، والدواء الآخر لم أتذكر اسمه، أظن أنه (التريت) وهو يستخدم للتبول اللاإرادي عند الأطفال، لم أتحسن إلا على الموتيفال والبروزاك، كان يعمل لدي أعراضا جانبية كثيرة، منها ألم في جهة القلب، وإرهاق طوال الوقت، وكثرة النوم، وذهبت إلى الطبيب وقام بتغيير الدواء لي.
هناك سؤال للدكتور هل أدوية الاكتئاب والقلق تأخذ فترة حتى يظهر مفعولها؟
ساعدوني وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فكبداية أساسية، لا أريدك أبدا أن تدعم فكرة أنك تعاني من اكتئاب نفسي، وذلك ليس لأن الاكتئاب مرض خطير أو مرض لا يمكن علاجه، ولكن الذي نلاحظه أن كثيرا من الناس شخص نفسه على أساس أنه يعاني من علة ما، مثل الاكتئاب، وبدأ يدير حياته وأمره على هذا الأساس، أي أنه قد أدخل الضعف على نفسه وأصبح يقلل من قدراته، وهذا حقيقة يؤدي إلى ظهور المرض حتى وإن لم يكن موجودا في الأصل أو كان بدرجة بسيطة.
في عمرك الاكتئاب النفسي يجب أن يعالج من خلال تقوية الإرادة والتفكير الإيجابي، وأن تعرف أنك صاحب طاقات نفسية وجسدية كثيرة، هذا هو مبدأ العلاج الأساسي.
الأدوية تساعد وبدرجة كبيرة جدا، لكن هنالك طرق علاجية أخرى لابد أن تسطحب تناول الدواء، أهم هذه الوسائل العلاجية هو أن تكون إيجابيا في تفكيرك، وأنت لديك مصادر قوة كثيرة كما ذكرت لك، وهذه يجب أن تكون منطلقا أساسيا للتفكير الإيجابي، لا بد أن تمارس الرياضة بانتظام، وكذلك تمارين الاسترخاء، هذه مفيدة جدا.
لا بد أن تكون مجيدا لإدارة الوقت بصورة صحيحة، الوقت أمر مهم في حياتنا في أمتنا الإسلامية، وما تفوق علينا الناس في الغرب إلا من خلال إدارتهم الجيدة للوقت.
أريدك أن تضع خارطة ذهنية يوميا، تحدد وقتا للقراءة، وقتا للراحة، وقتا للمذاكرة، وقت للعبادة، وقتا للتواصل الاجتماعي، الترفيه على النفس بما هو مشروع، هذه الترتيبات البسيطة ذات قيمة علاجية كبيرة جدا.
دائما اجعل نظرتك إيجابية ومتفائلة حول المستقبل، وهذا هو واقع الحال، فالمستقبل للشباب، وأنت ترى الآن التحركات الكثيرة في أنحاء الوطن العربي، كلها تحركات قائمة على المعرفة وعلى الفكر، الشباب كان منغمسا في انحرافات كثيرة، اللهو وتعاطي المخدرات، لا نقول إن هذه الأمور انتهت، لكن قطعا تقلصت ولن تجد طريقا -إن شاء الله تعالى- إلى نفوس شبابنا المسلم، فسلح نفسك بسلاح العلم وسلاح الإيمان، ولا تيأس أبدا، وأنا أؤكد لك أن المستقبل لك ولمن هم في سنك إن شاء الله تعالى.
العلاج الدوائي جيد ومفيد، والأدوية متقاربة جدا، وأنا أعتقد أن حالتك يناسبها البروزاك، والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين).
البروزاك لا يسبب ألما في جهة القلب، وأعتقد أن الذي تقصده ليس ألما في القلب نفسه، لكن العضلات التي في القفص الصدري حين يحدث فيها انقباضات يشعر الإنسان بنوع من الوخز أو الألم البسيط في جهة القلب.
البروزاك دواء فاعل، دواء ممتاز، ينشط ويبعث الطاقات النفسية والجسدية، وهو لا يؤدي إلى كثرة النوم أبدا.
كثرة النوم في بعض الأحيان تكون من سوء تنظيم الوقت ومن افتقاد الدافعية، والذي أنصحك به هو أن تتناول البروزاك بالتزام شديد، تبدأ بكبسولة واحدة لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفعها إلى كبسولتين في اليوم.
جرعتك العلاجية هي أربعون مليجراما، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة عام، وهذه هي الجرعة للمرحلة الوقائية.
أنا أرى أن هذا هو التنسيق الأفضل في مثل حالتك، وللإجابة على سؤالك بالتحديد أقول لك: نعم أن الأدوية تأخذ وقتا لكي تظهر فعاليتها، وهذا يختلف من إنسان إلى إنسان، وكثير من الناس يتناول هذه الأدوية لكن لا يتناولها بجرعة صحيحة ولا يصبر عليها، ومضادات الاكتئاب غالبا تبدأ فعاليتها بعد ثلاثة أسابيع من بداية العلاج، لكن هذا أيضا يتفاوت من إنسان إلى آخر، فقد رأينا من استفادوا من هذه الأدوية بعد ستة أشهر بشرط أن يصبروا عليها، فأنا أطمئنك جدا في أن الشفاء سوف يأتي إن شاء الله تعالى، والفرصة أمامك جيدة جدا لتغير نمط حياتك، وهذا يساعدك كثيرا في التخلص من الاكتئاب وتناول الدواء بالصورة التي وصفناها لك أيضا سوف يكون له عائد إيجابي جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.