أتكلم مع نفسي وأتخيل أن حولي أصدقائي كما كنت صغيرة، فهل أنا مريضة نفسيا؟

2 650

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي غريبة جدا هي أني أكلم نفسي، منذ زمن في طفولتي كنت لمدة طويلة وحيدة بدون أخوات فكنت ألعب مع عرائسي، وأتحدث إليهم مثل أي طفلة فكل هذا أمر عادي، وبعد فترة أصبح عندي إخوة كان لابد أن أتوقف عن محادثة نفسي ولكن هذا لم يتوقف حتى أصبح عمري 20 عاما وأنا مازلت على حالتي، عندما أكون جالسة لوحدي أتخيل أشخاصا حولي إما زملائي أو أقاربي، وابدأ في التحدث إليهم مع العلم أني لا أفعل هذا الشيء أمام أحد بل فقط عندما أكون لوحدي، وأبدأ في افتعال الروايات وأتعايش معها أو أتخيل موقف كنت أتأمل أن يحدث ولكنه لم يحدث في الواقع فأبدأ في تخيله أنه حدث حتى أكون مبسوطة ولا أحزن لعدم حدوثه.

وأحيانا أتخيل نفسي أشخاصا آخرين في شخصيات مختلفة وأبدأ في معايشة الأحداث وينتهي الموقف بدخول أحد من الأشخاص علي الغرفة، وحاولت مرارا أن أتوقف عن هذا الشيء ولكني أعاوده مرة أخرى كأنه أصبح عادة عندي، مع العلم بملحوظة هامة جدا أني أدرك تماما عندما أتحدث إلى نفسي أنه لا يوجد أحد حولي وأني وحيدة في الغرفة وسمعت من فترة عن امرأة كبيرة في السن وتعيش لوحدها وأصبحت تكلم نفسها وتتخيل أشخاص حولها وقالوا أنها مريضة نفسيا وهذا دعاني أن أتساءل هل أنا مريضة نفسيا؟

أرجو أن أجد عندكم الجواب، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالحديث مع النفس والإسراف في الخيال في مرحلة الطفولة هو مرحلة تطورية عادية جدا، وفي مرحلة اليفاعة وبدايات الصبى ربما يتحول هذا النوع من التفكير إلى ما نسميه بأحلام اليقظة، وأحلام اليقظة ليست كلها مرفوضة، لأن أحلام اليقظة وإن كان بعضها شيء خيالي وغير واقعي وصعب المنال، لكن فيها جزئية مهمة جدا تحفز الإنسان لأن يثابر ولأن ينجح ولأن يصل إلى أهدافه.

في بعض الأحيان تتطور أحلام اليقظة هذه وتجعل الإنسان يعيش في عالم افتراضي، عالم ليس هو عالمه الحقيقي، والإنسان يدرك ذلك لكنه يجد متعة في التخيل حول هذا العالم الافتراضي.

الآن هنالك نظريات كثيرة حول هذا النسق من التفكير، وهو أنه ربما يكون مرتبطا بالوساوس القهرية، أو يرى البعض أنه نوع من الدفاع النفسي الذي يقي الإنسان من الاكتئاب النفسي والأمراض المشابهة، لكن لا توجد أي علاقة بين المرض النفسي وحالتك هذه، فأنت لست مريضة لا مرض عقلي ولا مرض ذهاني ولا يوجد أي دليل يشير على أنك تعانين من أي نوع من الاكتئاب النفسي أو الأمراض المشابهة، ربما توجد فقط نوع من الوسوسة البسيطة، وهذا كما ذكرت لك هو ظاهرة نفسية ولا يعتبر مرضا نفسيا.

ويظهر أن التأثير الإيحائي أو ما نسميه بالتأثير من خلال شخص آخر قد أثر عليك وذلك من خلال سماعك بأن هناك امرأة كبيرة في السن وتعيش لوحدها وأصبحت تكلم نفسها. هذا أثر عليك، وأتتك هذه الفكرة أنك ربما تكوني مريضة نفسية، لكن أنا أوضح لك أنه يوجد فرق كبير جدا في حالتك وحالة هذه المرأة، هذه المرأة غالبا تكون قد دخلت في مرحلة من مراحل الخرف، وربما تكون تسمع أصواتا تستجيب لها لذا تتكلم مع نفسها، لكن في حالتك هذا هو حديث النفس الداخلي، ليس استجابة لأصوات، ليس استجابة لهلاوس، إنما هو نابع من ذاتك، وأنت مرتبطة بالواقع ومستبصرة وتعرفين مصدر هذه الأفكار وهي أنت ذاتك.

إذن العلاج يتمثل:

أولا: يجب أن تطمئني أنك لست مريضة.

ثانيا: قللي من هذا العالم الافتراضي واعتبريه أنه بالفعل عالم افتراضي وأنت تريدين أن تعيشي الحقيقة وتريدين أن تعيشي الواقع.

ثالثا: مارسي أي نوع من التمارين الرياضية.

رابعا: عليك أن تشغلي نفسك بالقراءة لما هو جيد ولما هو مفيد، هذا يساعدك كثيرا.

نصيحتي الأخيرة هو أنه لا مانع من أن تتناولي عقار فافرين، حيث إن الفافرين يزيل مثل هذه الأفكار المسترسلة التي يشوبها كما ذكرت بعد سمات الوسواس القهري الأخير، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة بسيطة جدا من هذا الدواء، والذي يعرف علميا باسم (فلوفكسمين) تناوليه بجرعة خمسين مليجراما ليلا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، وإن شاء الله سوف تجدي فيه نفع كبير جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات