السؤال
أختي تفعل أشياء ثم تنسى أنها قامت بها، وعندما نذكر لها أنها قد فعلتها تنكر ذلك، وتقسم أنها لم تقم بها، رغم أن ذلك الأمر لم يمض عليه الكثير من الوقت، يمكن لا تتذكر لو أنها فعلته بالأمس، لدرجة أنها بدأت منذ فترة مرضها بالقلب تنام كثيرا وتستيقظ بعد العصر، لأنها تنام مؤخرا من التعب، وعندما تستيقظ بعد العصر تتوضأ لتصلي الظهر والعصر، فنسألها ماذا تفعلين؟ تقول أصلي الظهر، نقول لها إنها قد استيقظت وصلت بالفعل، فلا تتذكر وتنكر ذلك، وأيضا عندما تقوم لتصلي الظهر نكلمها فلا ترد علينا، وكأننا لسنا موجودين، ثم تتوضأ وتصلي، ثم تذهب للنوم ولا ترد علينا.
تذكر أنها عندما تكون وحدها تحس أن أحدا معها يكلمها، وأيضا عندما تدخل الحمام تحس أن أحدا معها، وتجد نفسها تستيقظ لتجد نفسها نائمة في الحمام، رغم أنها كانت قد نوت ألا تدخله اليوم، لكيلا يحدث ذلك، فنجد أنها قد تستيقظ في الحمام، مع العلم أنها منذ حوالي (4) أشهر زادت عليها الضغوط ما بين وفاة أقرب صاحباتها، ووفاة والدها، ثم مرضها بالقلب، فهل هذا مرض نفسي أم أنه مس؟ وهي متمسكة بالصلاة كثيرا في أوقاتها وتقرأ دائما القرآن.
أعتذر عن الإطالة، ولكني أرى الموضوع مهما، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فيصعب تحديد السبب في مثل هذه الحالات، وذلك لأنه من المفترض أن يتم فحص ومقابلة هذه الابنة، لكن بصفة عامة نستطيع أن نقول إن هنالك احتمالات هي التي يمكن أن تفسر هذه التصرفات التي تبدر من أختك.
الأسباب النفسية قد تكون هي السبب الرئيسي لذلك، خاصة أنها تعرضت لضغوطات نفسية كما ذكرت، وهنالك نوع من افتقاد الذاكرة الوظائفي، وأقصد بالوظائفي أنه ليس ناتجا من سبب أو مرض عضوي في الدماغ، إنما هو نتيجة لاحتقانات وتراكمات نفسية وانشغال العقل الباطني أكثر من العقل الظاهري، هنا قد ينسى الإنسان بعض تصرفاته التي يقوم بها، وغالبا ما ينساه يكون أمرا يفضل في الأصل أن يتجنبه، حتى وإن كان مدركا إدراكا تاما، وهذا النوع من التجنب لا نستطيع أن نقول إنه تصنع أو تمثيل، لكن الأمر على مستوى العقل الباطن، وهنالك جزئية بسيطة جدا قد تكون أيضا على مستوى الإدراك.
هؤلاء يتم علاجهم من خلال الجلسات النفسية واستكشاف أفكارهم والضغوطات التي يمرون بها وطبيعتها، ومساعدتهم للخروج من هذا الموقف، والتعبير عن المشاكل النفسية، والتفريغ النفسي يساعد الإنسان قطعا في زوال مثل هذه التصرفات.
الأسباب العضوية أيضا واردة، لكن لا أعتقد أن هذه الفتاة تعاني من سبب عضوي، الشيء الغريب الوحيد أنها تنام داخل الحمام، هذا يعتبر أمرا غير مألوف نسبيا، ولذا أنا أنصح أن تراجع عند الطبيب ليتأكد من أحوالها العضوية ومستوى الدم لديها، وكذلك تركيز الفيتامينات، وفحص هرمون الغدة الدرقية، هذا سيكون أمرا جيدا ومطلوبا.
بالنسبة لأمر المس، لا شك أننا نؤمن بالعين والسحر والمس وكل هذه الغيبيات، لكن هنالك الكثير مما هو خاطئ حول هذا الموضوع، ونحن لا نحبذ الخوض فيه؛ لأن ذلك يؤدي إلى توهمات نفسية كثيرة، ولذا نصيحتنا للناس هي أن يكون الإنسان حريصا على أذكاره ويحرص على قراءة المعوذات، وهذا من وجهة نظري يكفي تماما، ما دام الإنسان يدرك أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، وأنه في معية الله وفي حفظه: { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } فالحمد لله هذه الأخت متمسكة بصلاتها، فقط انصحوها أيضا بأن تحصن نفسها بالمعوذات، ولا نسرف في الكلام معها حول هذا الموضوع، حتى لا ندخلها في نوع من التوهمات.
أنت ذكرت معلومة أخرى ربما تكون مهمة، وهي أنكم لاحظتم أنها تحس أن أحدا يكلمها أو يكون معها حين تدخل الحمام، هذا قد يكون فقط نوعا من حديث النفس الناتج عن المخاوف، لكنها إذا كانت تسمع صوتا حقيقيا دون أن ترى أحدا هذا أمر آخر، وسماع الأصوات أو ما يسمى بالهلوسة السمعية له أهمية كبيرة في الطب النفسي، لا أعتقد أنها تعاني من هذه الهلوسة، لكن إذا ذكرت وأكدت أنها تسمع أصواتا حقيقية فهنا ربما يكون عرضها على الطبيب أيضا أمرا هاما ومفيدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على اهتمامك بأمرها.