لدي فراغ كبير ولا أدرس وضعفت إيمانياتي وأصبحت أشاهد الأفلام، فماذا أفعل؟

0 577

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا أم لطفلتين وعندي فراغ كبير، لا أدرس ولا أعمل فقط جالسة في البيت، أحاول ملئ وقتي بتعليم أطفالي وخياطة بعض الأغراض وتعلم اللغات، أتطلع على بعض المواقع وأهتم ببيتي وأطفالي، ولكني مللت، أشعر وكأني ضيعت الست سنوات التي مضت منذ أن تزوجت، أشعر وكأني لم أكسب شيئا, لا شهادة ولا عمل ولا حتى علم، أندم لأني لم أدرس وأحس أنني في نفس المكان منذ أن تركت بيت أهلي، أشعر بالفشل، وفوق هذا ضعف إيماني بشكل كبير، لم أعد أقرأ القرآن كما كنت، لم أعد أستمع للمحاضرات.

كنت قبل ذلك أستمع على الأقل لمحاضرة في اليوم مع تلخيصها وكتابة رؤوس الأقلام.

أدمنت مشاهدة المسلسلات الأجنبية والأفلام اليابانية كثيرا.
أحيانا أشاهد فيلمين أو ثلاث في اليوم، حاولت مرارا وتكرارا أن أترك هذه العادة، ولكن دوما أرجع لها لأني لا أدري بماذا أشغل وقتي؟

أعرف العلاج:
القرآن الذكر الدروس والخطب الخ.

ولكني عندما أجلس مثلا نصف ساعة أقرأ القرآن في الصباح، أجد نفسي شاهدت خمس أو ست ساعات من الأفلام في الليل.

أظن أن عدم وجود صحبة صالحة تشجعني وتحفزني على التسابق للخيرات يجعلني أتقاعس وأتكاسل، وشعوري بالفشل وبأني أهملت 6 سنوات من شبابي يجعلني أتقاعس أكتر، أريد أن أغير من نفسي لأني لا أريد أطفالي أن يكونوا مثلي.

صراحة ما عندي سؤال معين، أعلم دائي وأعلم دوائي، ولكن ربما عندكم نصيحة أو موعظة تنفعني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يوفقك لاستغلال وجهك استغلالا أمثل وأنفع يعود عليك بالخير في دينك ودنياك.

وبخصوص ما ورد برسالتك أختي الكريمة الفاضلة (ندى) من أن لديك فراغا كبيرا، وهذا الفراغ بدأ يسيطر على حياتك، وبدأ يشعرك بنوع من الملل من هذه الحياة، مما دفعك إلى الانخراط في مشاهدة كم هائل من الأفلام يوميا، وبالتالي أثر ذلك على مقدار القراءة التي كنت تواظبين عليها من حيث قراءة القرآن أو غيره، وكذلك أيضا الاستماع للمحاضرات، وبدأت فعلا تشعرين بنوع كبير من الملل وفراغ عظيم وهائل، وتسألين: كيف الحل والمخرج؟

نعم أنت تعرفين الداء وتعرفين الدواء، ولكن تقولين هل من الممكن أن نقدم نصيحة أو موعظة؟

أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إنه ومما لا شك فيه أن الفراغ قاتل، وكما ورد في قول الشاعر: "إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أيما مفسدة"، ومن هذا الفراغ حقيقة تنشأ كثير من المخالفات الشرعية والاجتماعية والأخلاقية، لأن كثير من النساء والرجال الذين يعانون من وجود فراغ هائل في حياتهم وقعوا ضحية في دخول إلى مواقع محرمة، أو للتسلية، فيتم قضاء معظم الأوقات أمام هذه الأجهزة، وبالتالي تحدث هناك مشاكل نفسية ودينية وأخلاقية وقيمية، وتتحول الأخت الصالحة الفاضلة إلى إنسانة تتكلم في كلام ما كانت تظن يوما أنها سوف تنطق به أو تتكلم فيه مع أحد، فهناك خطر عظيم جدا حقيقة من وجود الفراغ، خاصة إذا لم تكن لدينا خطة لاستغلاله الاستغلال الأمثل.

ومن هنا فإني أقول لك بداية أختي الكريمة (ندى) وكما ذكرت من أنك تعرفين الداء والدواء، أول شيء ينبغي أن تعلمي - حفظك الله - أن قضية التغيير لا يمكن أن تتم إلا من داخلك، لأن الله تبارك وتعالى قال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فإذا لم تكوني على استعداد للتغيير فثقي وتأكدي أنه لا يمكن لأي جهة مهما عظمت أن تقوم بالتغيير دون إرادة منك.

فشعورك أولا بأن هناك مشكلة هذه بداية الخير، لأنك الآن ما كتبت لنا إلا لأنك تعانين من المشكلة وتعرفين حجمها، وتريدين مساعدة سواء كانت في صورة نصيحة أو موعظة أو غير ذلك.

فإذن أول شيء لابد أن تعلمي أنك المسئولة عن هذا الوقت، ولذلك قال الله تبارك وتعالى جل جلاله: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} وقال أيضا مولانا جل جلاله: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا} وقال أيضا: {قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها} وقال كذلك أيضا: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى} وقال أيضا: {كل نفس بما كسبت رهينة} وقال: {كل امرء بما كسب رهين} فنحن مسئولون مسئولية كاملة ومطلقة عن أوقاتنا وعن أعمالنا وعن كل شيء يصدر عنا، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه).

فأنت مسئولة عن عمرك ككل، ومسئولة عن مرحلة الشباب العظيمة التي كان من الممكن أن تقدمي فيها إنجازات مبهرة، ولكن لان عدم وجود خطة في حياتك ترتب عليه وقوعك فيما أنت فيه.

إذا أولا: لابد أن تعرفي أن التغيير لابد أن يكون من داخلك.

ثانيا: لابد أن تأخذي قرارا بتغيير واقعك؛ لأنك إذا لم تتخذي قرارا وتلتزمي به فلم ولن يتغير الأمر بل سيزداد سوء.

ثالثا: عليك بالدعاء أن يشرح الله صدرك لوضع خطة تتخلصين من خلاله من هذا الفراغ، وأيضا تقللين على الأقل من هذه الأوقات الضائعة في مشاهدة المسلسلات الأجنبية أو الأفلام أو غيرها.

رابعا: لابد من البحث عن صحبة صالحة، وأنا أعلم أن لديكم في نيوزلندا عدد طيب من الأخوة والأخوات، خاصة في مدينة (أوكلن) وأعرف على وجه الخصوص وقف للمنار، وأعرف أن هناك أخوات فضليات كالأخت أم مجاهد والأخت أم وضاح والأخت أم محمد، وأخوات على قدر كبير من الالتزام والعلم والمسئولية، وأعلم أن هناك نشاط شبه يومي، سواء كان من حفظ القرآن الكريم وأحكام التجويد أو دروس أو محاضرات، وأن المنار حقيقة يرحب بالأخوة والأخوات فيه بأي أخت تريد أن تنخرط في ضمن الأنشطة وأن تكون فاعلة، أو على الأقل تكون متلقية.

هناك حقيقة عشرات الأخوات الفضليات موجودات في الوقف، ولهم كما تعلمين مكان خاص يجتمعن فيه، وهناك أيضا مكان خاص للأطفال، بمعنى أنه من الممكن تأخذي معك أطفالك إلى الوقف، والأطفال لديهم ألعاب يلعبون بها، وأنت ستكونين ضمن هذه المنظومة، لأنك في أمس الحاجة حقيقة إلى وجود رفقة صالحة، الآن استحوذ عليك الشيطان لأنك وحدك وليس لديك نوع من التواصل الإيجابي، فترتب عليه أن الشيطان بدأ يزين لك استغلال هذه الأوقات في أشياء كالمسلسلات والبرامج رغم أنها شر، لأنها لا تعرض إلا الكفر حقيقة.

فاليابانيون يعرضون الثقافة اليابانية والأوروبيون يعرضون الثقافة الأوروبية، حتى العرب يعرضون الثقافة العربية أبعد ما تكون عن الدين، وأنت بذلك تدمرين نفسك من الداخل، ولكن بهدوء، فأنت الآن لا تشعرين بالخطر، ولكن بعد فترة ستشعرين بنفره شديدة من الإسلام والإيمان، نتيجة هذا الطرح المكثف المركز، ومن هنا فإني أقول لك: ضرورة لابد من إنقاذ نفسك، وربط نفسك حقيقة بالصحبة الصالحة، والدخول إلى المنتديات الطيبة في الإنترنت، فإن هناك منتديات كمنتدى الحور العين وغيره من المنتديات الإسلامية من الممكن أن يكون لك دور، ومن الممكن أن تتعلمي وأن تعلمي وأن تلعبي دورا بارزا في هداية غيرك إلى الإسلام.

أمامك فرصة عظيمة لكي تكوني عظيمة، ولكي تكوني رائعة، ولكي تلعبي دورا في خدمة الإسلام وفي إنقاذ نفسك، فلا بد من عدم الاستسلام لهذا الواقع الذي أنت فيه.

الحل في يدك والقرار قرارك، فإذا ما أخذته متوكلة على الله معتمدة على الله فثقي وتأكدي من أنك سوف تخرجين من هذه البوتقة المؤلمة ومن هذا الوضع المتردي، لا يمكن لأحد أن يغير أختي (ندى) إلا ندى، وأعتقد أن ندى تحب ندى فينبغي عليها أن تحرص على ما ينفعها.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات