إخواني ما بين 18 و14 وأخشى عليهم من مخاطر الانترنت..أرشدوني؟

0 468

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب من أسرة متدينة تدينا بالفطرة، هذه الأيام تعج بثورة الأجهزة الإلكترونية والإنترنت، إخواني المراهقين من ال18 إلى 14 سنة، أنا لا أريد منعهم من استعمال التقنية، ومجاراة أقرانهم، لكني أخاف عليهم من التأثر الفكري أو الأخلاقي فأهم أن أقيد الشبكة بالبرامج المتخصصة في تنقية الشبكة، لكنها تمنع مواقع التواصل الاجتماعي مما يسبب توترا بيني وبينهم، كما أن كل واحد عنده جهاز كفي في يده مما يزيد صعوبة المنع، فما الحل؟

أرجو إرشادي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يوفقك لقيادة إخوانك قيادة إسلامية حكيمة، وأن يجعل بينكم التفاهم والانسجام، والتناصح في طاعة الله تعالى، والاجتهاد في الابتعاد عن المؤثرات السلبية لمثل هذه التقنيات الإلكترونية الحديثة.

بخصوص ما ورد برسالتك أخي الكريم الفاضل من أنك من أسرة متدينة بالفطرة، وأنك تواجهك كغيرك من المسلمين تحديات التقنية الإلكترونية الحديثة خاصة ما يعرف بالإنترنت وغيره، ولك إخوة من المراهقين ما بين الرابعة عشرة إلى الثامنة عشرة، وأنت لا تريد أن تمنعهم من الاستفادة من هذه التقنيات، ولكنك تخاف عليهم التأثيرات السلبية وتسأل ماذا تفعل؟

أقول لك أخي الكريم الفاضل: إني أولا معجب بتفكيرك وطريقة معالجتك للمشكلة التي يتعرض لها إخوانك، فأنت فعلا رجل واقعي، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم، لأننا الآن إذا أردنا أن نمنع أحدا من استعمال هذه التقنيات مع توفرها، وتيسيرها فإنا بذلك نكون واهمين، لأنه قد يمتنع أمامنا، ولكنه من ورائنا سوف يفعل أشياء يندى لها الجبين، خاصة وأنه من المتعذر أن أراقب إخواني في كل لحظة وحين، فكل إنسان لديه التزاماته ولديه متطلباته، ومتعلقاته الدنيوية، والأخروية التي تستغرق منه وقتا، ولن يستطيع بحال أن يتابع إخوانه على مدار اليوم، وإذا أغلق عليهم الأجهزة التي في أيديهم فقد يستطيعون الاستعانة بغيرها، لأن الأمور الآن أصبحت في متناول القاصي والداني.

من هنا فإني أقول: لابد من ترشيد الاستهلاك، وهذا لن يتأتى إلا ببث الثقة في نفوس إخوانك، وإشعارهم بأنهم مسئولون عن أنفسهم وأنهم أهل صلاح وديانة، وأن هذه الأجهزة وراءها جهود جبارة من أعداء الإسلام لإفساد الشباب المسلم ولتضييع أوقاتهم في غير نافع أو فائدة.

إذن أنت تحتاج أن توصل لهم رسالة بحجم التحدي الذي يواجههم، وأن هذه الأجهزة والتقنيات ليست سالمة من المآخذ، وأن الذين قاموا على تصميمها ليسوا ببله أو مجانين أن يعطوا هذه الخدمات دون أن يكون هنالك مآرب ومقاصد أخرى يقصدونها.

أنا ألاحظ أن الإنترنت بصفة عامة ليس كله شر، وكما قال بعض الأخصائيين بأن الفساد في الإنترنت لا يزيد عن خمسة بالمائة، وهناك أكثر من تسعين بالمائة مساحات طيبة وموفقة ومفيدة، فلماذا نحن لا نذهب إلا إلى الأماكن المحرمة أو إلى المواقع القذرة؟

هذا هو الذي ينبغي بارك الله فيك الذي تركز عليه مع إخوانك، بأننا رجال وأننا مسلمون وأن هناك من يتربص بنا ويريد إفساد قيمنا وأخلاقنا ومبادئنا، وعلى الأقل إذا لم يستطع أن يفسد أخلاقنا وديننا فلا أقل من أن يضيع أوقاتنا في غير فائدة، لأن الإنسان إذا مكث على هذا الجهاز لسبع ساعات أو ست ساعات، وكان في موقف المتلقي؛ فإنه قطعا سوف يتأثر تأثرا سلبيا، وتضيع عليه فرص كان من الممكن أن يستفيد من هذا الوقت في تطوير ذاته، وفي تنمية أدائه وفي تحسين مستواه، وفي تلقي كثير من العلوم والمعارف، سبع ساعات أو خمس ساعات، أو حتى ساعة يوميا هذا وقت طويل إذا لم يكن هناك فيه فائدة.

إذن أن تقول لإخوانك: قبل أن نفتح الجهاز لا بد أن نحدد ما الهدف الذي نريده من فتح الجهاز الآن، هل نحن نريد شيئا معينا أم لا؟

إذا كان الإنسان يريد شيئا معينا؛ فإنه سوف يصل إليه بسهولة أخي الكريم عبد الله، المشكلة تكمن في أن الناس يفتحونه بقصد القضاء على الوقت والتسلية، وكما يقولون (طفشان) وأن الإنسان ليس لديه ما يشغله؛ فيبدأ يدخل طبعا في مواقع التعارف، ويضيع ساعات طويلة في كلام كله هراء، وكله كذب أو لعب أو غش، أو غير ذلك، وقد يكون الإنسان صادقا، ولكنه يقع فريسة لبعض الأفاكين الكذابين، الذين ينتحلون شخصية نساء، وهم رجال أو العكس، لإثارة الفساد، وإشاعة القيم والأخلاق المتدنية بين الشباب المسلم.

إذن لا بد -أخي الكريم- أن تشعرهم بأن هناك خطورة تكمن وراء فتح هذا الأمر على مصراعيه، وإنما لا بد أن يحدد الهدف من الدخول قبل أن ندخل، وهل هناك حاجة للدخول الآن أم ليست هناك حاجة؟

إذا ما دخلنا فلا بد من أن نعلم أن الله يراقبنا، وأن الله مطلع علينا، ولا بد أن نعلم بأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وأن الشيطان قد يستدرجنا للدخول إلى بعض المواقع المحرمة، وهذه قد تحبها النفس، وتميل إليها باعتبار أنها أمارة بالسوء، إلا أنها ستفتح علينا أبواب الجحيم، وستفسد علاقتنا مع الله، وتفسد علاقتنا مع أنفسنا، وتؤدي إلى تدهور مستوانا العلمي، ومستوانا القيمي والأخلاقي أيضا، إلى غير ذلك من التوجيهات.

ينبغي علينا أن نحدد مثلا بارك الله فيك أوقات معينة للدخول، ولا نفتح الأجهزة طيلة الوقت، وإنما لا بد أن يكون هناك وقت محدد يوميا، وليكن مثلا لمدة ساعة أو ساعتين حسب الاتفاق مع إخوانك، لا ندخل إلا في خلال هذه الفترة، وإذا ما دخلنا لا ندخل في الأوقات المتأخرة من الليل، لأن الأوقات المتأخرة من الليل يظهر فيها خفافيش الليل الذين يتكلمون كلاما مفضوحا وساقطا، ويحرصون على إفساد كل من يتعامل معهم في خلال هذه الفترة.

فوق ذلك أيضا، عليك بارك الله فيك أن تركز على ضرورة أن يحرص إخوانك على المحافظة على الصلاة في أوقاتها، وعلى حضور مجالس العلم، حتى يقوى لديهم الجانب الإيماني الذي يجعلهم يتمتعون برقابة ربانية داخلية قوية تحول بينهم وبين الوقوع في الحرام، سواء أكان ذلك أمامك أو من وراءك بعلمك أو بدون علمك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإيمان فتك المؤمن).

إذن لا بد أن نركز على الجانب الإيماني، الجانب القيمي، ولا بد أن نشعرهم بأن هناك تحديا في هذا الجهاز، وأن وراءه جهات تحرص على إفساد الشباب المسلم بكل وسيلة من وسائل الإفساد.

بذلك أعتقد أنك ستوصل إن شاء الله رسالة جيدة، ولا تمنع إخوانك من الاستفادة، بل تجعلهم يعتمدون على الله ثم على أنفسهم، بل قد يكونون صمام أمان لغيرهم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات