السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا بعمر 27 سنة عازبة وغير موظفة، لي أربع سنوات أبحث عن وظيفة دون جدوى، متعبة جدا نفسيتي أرى صديقاتي متزوجات ولديهن وظيفة وعمل وأنا في المنزل أمكث دون جدوى.
أحلامي كبيرة وطموحاتي أكبر، أحلم أن أدرس ماجستير في علم النفس ثم الدكتوراه ولم أجد قبولا، مما جعل حياتي سلسلة متواصلة من الفشل والإخفاق أحلامي تموت أمامي وصلت لهذا العمر دون أي انجاز يرعبني جدا التفكير أن أصل إلى عمر الثلاثين دون زواج أو عمل.
أبكي طوال الوقت إن كان بسبب و بدون سبب، حزن شديد يعتريني اعتزلت الناس لي سبعة شهور لم أخرج من المنزل وأقفلت جوالي أشعر بنقص شديد في حياتي.
إنه مما زاد الطين بلة وجود مشاكل بين أمي وجدتي وكلامها الدائم لي أنني عانس، ونظرات الشفقة والشماتة من الناس تقتلني.
حلمي نيل شهادة الدكتوراه وفتح عيادة خاصة بي وكتابة مؤلفات والزواج برجل حنون طيب أشعر أن أحلامي أكبر من واقعي، هذا هو سبب معاناتي لم أستطع أن أتأقلم مع فشلي في تحقيق أهدافي.
حمدا لله أن حباني بأم وأب وإخوة رائعين وحالة مادية ميسورة جدا لكنني أطمح لكي يكون لي اسم في المجتمع أن أترك إرث فكري بعد وفاتي لا أريد أن أكون مجرد رقم في الحياة.
أشعر برغبة شديدة في الانتحار، لولا مخافة الله لكنت أنهيت حياتي وتخلصت من ألمي.
أريد أن أكون كبقية الفتيات همهم التسوق والزيارات وأحلامي بسيطة.
طموحي الكبير سبب معاناتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.
فنشكرك على رسالتك المفصلة هذه ونؤكد لك أننا قد استوعبناها تماما ونحن نقدر مشاعرك كثيرا.
بصفة عامة: الإنسان حين يضع أهدافا معينة في حياته يجب أن تكون هنالك الخطة ألف والخطة باء والخطة جيم، مثل التعامل مع حالات الطوارئ.
الإنسان يجب أن لا يعتمد على خطة واحدة، ولابد أن تكون هنالك أطروحات وبدائل، والخطة جيم ربما تكون أفضل من الخطة ألف، وهكذا.
أنت لديك آمال مشروعة ولا أقول أنها افتراضية أو أنها بعيدة عن الواقع، يمكن أن تكون واقعية ويمكن أن تكون حقيقة، ويمكن أن لا تكون، وإذا اعتبرنا هذه الأخيرة هي الخطة ألف فدعينا في الخطة باء، والذي أرى أنها سهلة المنال: الإنسان يمكن أن يبرز نفسه ويكون نافعا لنفسه ولغيره من خلال خيارات كثيرة، مثلا:
1) أن تنخرطي في الأعمال التطوعية الخيرية، هذا يشعرك بالرضا، ولك الأجر من عند الله تعالى، وهذا أعظم ما يبتغيه الإنسان.
2) أن تذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن وتبدئي في حفظ القرآن وتعلم علومه.
3) أن تدرسي أي دراسة عن طريق الإنترنت أو الدراسة عن بعد، هذا خيار.
4) أن تديري وقتك بصورة جيدة: زيارة الأرحام، التواصل مع الصديقات، ولا شك أنه في مراكز التحفيظ سوف تتعرفين على الفاضلات والصالحات من النساء.
إذن هنالك خطة سميناها الخطة (ب) وهذا خيار من وجهة نظري ممتاز جدا، وأنا متأكد أنك سوف تجدين نفسك من خلال هذا الاختيار، وهذا الاختيار من وجهة نظري ربما يسهل لك أمر الزواج أكثر.
في موضوع الزواج: فوضي أمرك إلى الله، وسلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وليس هنالك أي شيء آخر يمكن أن يلجأ إليه الإنسان غير هذا.
أيتها الفاضلة الكريمة: الآمال جيدة، والإنسان دائما يعيش على التفاؤل، لكن يجب أن لا يعتمد على خطة واحدة وهدف واحد في الحياة، لابد أن تكون هنالك بدائل، ومن الواضح أنه لديك مقدرات كثيرة، وبالمناسبة: الخطة باء التي وضعتها لك أنا هي مجرد اقتراحات، ربما تكون هنالك اقتراحات أفضل وأنت تكوني أدرى بها، ودائما قدمي الاستخارة في هذه الأمور.
حقيقة الذي أزعجني قليلا هي الرغبة الشديدة في الانتحار، أنا أتعامل مع الانتحار منذ أكثر من ثلاثين سنة، ومحاولات الانتحار وكل أنواع الانتحار، لا أرى سببا يدفعك نحو هذا النوع من التفكير، أنت الحمد لله في ظروف معيشية جيدة، إن لديك أبوين وأخوة رائعين، وأنت في هذه الأمة الإسلامية العظيمة، وأنت جامعية، ماذا يقول الذين فقدوا كل شيء؟ لا أب لا أم لا بيت لا عمل، لا؛ حقيقة هذا النوع من الفكر يجب أن يصد ويجب أن يقزم تماما.
لا شك أنني ارتحت تماما حين ذكرت (لولا مخافة الله لكنت أنهيت حياتي) هذا أمر جيد، وأمر عظيم، وتفكير سليم. بعد ذلك يجب أن تضيفي ما ذكرته لك من أن حياتك فيها الكثير من الإيجابيات وكثير جدا من الأمور الجيدة التي تدفعك إن شاء الله تعالى لحياة هادئة وهانئة.
أنت وضعت مقارنات بينك وبين الفتيات، لكن مثل هذه المقارنات ليست مقارنات سليمة أيتها الفاضلة الكريمة، لأن كل إنسان له نصيبه وكل إنسان له رزقه، والإنسان قد يكره شيئا ويكون له فيه خير، وقد يحب شيئا ويكون له فيه شر، وحتى الإنسان حين يقارن دائما سوف يجد من هو أقل منه كثيرا، والإنسان دائما حين ينظر ينظر إلى أهل الصلاح والدين ويتمنى أن يكون مثلهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هم دونكم ولا تنظروا إلى من هم فوقكم، فربما تزدروا نعمة الله عليكم) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، هذه هي المقارنات الأفضل.
أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأنا متأكد أنك سوف تستفيدين من مقدراتك بصورة إيجابية، وإن شاء الله تعالى هذا الفكر السلبي التشاؤمي يتحول إلى فكر معرفي إيجابي حقيقي، ومن جانبي أقول لك: أسأل الله لك حياة سعيدة هانئة، وأن يرزقك الله تعالى الزوج الصالح.