السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 29 سنة أعزب، تعرضت في الطفولة إلى اغتصاب وبعدها تحولت حياتي إلى جحيم لم أذق بعدها طعم السعادة، فقدت الثقة في نفسي. صرت إنسانا مهزوزا لا كلمة لي في المجتمع.
صرت أخاف حتى من الهواء! أعاني من الخجل الزائد، لا أعرف كيف أتكلم ولا أقدر على فرض شخصيتي على أحد، إذا رأيت أحدا يتكلم أو يضحك أشعر أنه يتكلم عني ويعرف عن ماضي.
أريد الزواج ولكني أخاف، كلما أتذكر الماضي تتعب نفسيتي وأتراجع عن الفكرة!
أرجو الحل .. صرت أتمنى الموت اليوم قبل الغد!!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنشكرك على رسالتك وعلى صراحتك، وما أوضحت فيها من معلومات.
حقيقة لا أقلل أبدا من شأن الامتهانات الجنسية كالاغتصاب في مرحلة الطفولة، لها أثرها السلبي، ويجب أن نعترف بذلك، لكن في حالتك الحمد لله تعالى بالرغم من هذا الحدث الجلل إلا أنك استطعت أن تكون شخصية منضبطة، ولم تسر في طريق الانحراف، لأن سبعين إلى ثمانين بالمائة من الذين تعرضوا إلى الامتهان الجنسي في الطفولة انتهى بهم الأمر إلى انحرافات جنسية بعد مرحلة البلوغ، مثلا الشذوذ الجنسي، ممارسة اللواط، هذا نشاهده كثيرا في الذين تعرضوا للاغتصاب والامتهان الجنسي.
أنت تفكر في الزواج، وهذا دليل قاطع على توازنك الجنسي، وأن هويتك الجنسية هي الهوية الطبيعية، وهذا فضل من الله تعالى عليك، وقد أعجبني وأفرحني كثيرا لأني أشاهد الكثير من الحالات التي تم اغتصابها في الطفولة وانتهت بمآل سيئة جدا. فيا أخي هذه نعمة يجب أن تحمد الله تعالى عليها.
ثانيا: الذي حدث لا شك أنك لم تساهم فيه، فأنت كنت في مرحلة لا تستوعب فيها كل الأمور، والذي أساء إليك وغدر بك أمره إلى الله، فلا تعاتب نفسك على هذا الأمر ما دمت أنت لم تساهم فيه مساهمات مباشرة، وليس عليك ذنب، إنما الذنب على من أساء إليك.
ثالثا: الإنسان ينظر إلى ما هو عليه الآن وما سوف يؤول إليه المستقبل، والحمد لله تعالى أنت تعلمت ولك وظيفة، ولذا يجب أن تعيش حياتك بقوة دون خوف دون رعب، أنت لك الفرصة أن تساهم مساهمات إيجابية تفيد من خلالها نفسك والآخرين.
وظيفة المعلم ليست وظيفة سهلة، ذات قيمة عالية وقيمة عظيمة، متى ما استثمرها الإنسان سوف يحس بالرضى وعزة النفس، كما أن المستقبل بيد الله تعالى ويجب أن نفكر فيه دائما بإيجابية ورضى، وأن نعيش على الأمل والرجاء. هذا هو المفهوم الذي أرجو أن تثبته في كيانك ووجدانك التفكيري المعرفي.
أنا أنصحك بالرفقة والصحبة الطيبة، أخذ النماذج الطيبة في الحياة سوف يشعرك أن هذه الدنيا بخير، رغم ما حدث لك في الطفولة، سوف تجد أن هنالك الكثير من الصالحين من الناس، النماذج التي يمكن أن يقتدى بها، النماذج التي تساعد الإنسان على أمور الدين والدنيا، وهؤلاء كثر موجودون، اذهب إلى المساجد، صل في الصف الأول، احضر حلقات التلاوة، احضر الدروس، انخرط في العمل الخيري.
أخي الكريم: أنا متأكد أنك سوف تبني مهارات جديدة تساعدك على أن تثق في نفسك وأن تثق في مجتمعك.
هذا هو الذي أدعوك إليه، وأنا أيضا أريدك أن تقدم على الزواج دون أي تردد، لا تجعل لهذا الفكر القلقي الوسواسي مجالا لأن يسيطر عليك وأن يردك في أمر الزواج، فأنت إن شاء الله أهل لذلك وكفئ لذلك، وأنا أتمنى من الله تعالى أن يهبك الزوجة الصالحة.
حتى نقضي على هذه الأعراض تماما: أريد أن أصف لك دواء بسيطا جدا يساعد في نوعية هذا الخوف الوسواسي، الدواء يعرف تجاريا باسم (زيروكسات) لا يحتاج لوصفة طبية، ويعرف علميا باسم (باروكستين) أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر واحد، ثم توقف عن تناوله.
الدواء سليم غير إدماني غير تعودي، ويعرف عنه أنه محسن للمزاج، مزيل للخوف الاجتماعي، وكذلك الوساوس بأنواعها جميعا، وأنت ليس هنالك ما يدعوك لتمني الموت أبدا، فالمؤمن لا يتمنى الموت، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه) وقال: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) وأنت الحمد لله تعالى في عمر الشباب، لك عمل، والمستقبل لك إن شاء الله تعالى، وأنا من وجهة نظري أنه لديك العوامل والمقدرة والظروف التي تهيئ لك أن تعيش حياة سعيدة، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.